جولة كيري في المنطقة: الصين وروسيا.. والموقف من الملف السوري

NA-PETRAEUS

موقع إنباء الإخباري ـ
محمود ريا:
يبدو أن الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في المنطقة في الفترة الماضية كانت جولة استكشافية في الدرجة الأولى، وذلك بهدف التعرف عن كثب على القضايا الأساسية التي تهم المنطقة، والتعرف أيضاً على مواقف الأطراف التي تعمل على الأرض إزاءها.
وإذا كانت القضايا الداخلية في مصر وتركيا وغيرها من دول المنطقة قد أخذت حيّزاً من اهتمام ـ ومن تساؤلات ـ المسؤول الأميركي، فإن الأزمة السورية كانت بلا شك الملف الأبرز على طاولات النقاش في كل العواصم التي زارها. فالولايات المتحدة بصدد رسم استراتيجية للتعامل مع هذا الملف المعقد، وهي بحاجة لتجميع المعطيات قبل الانتقال إلى بناء هذه الاستراتيجية التي سيكون لها تأثيرها على المنطقة أولاً، وعلى العالم كله بعد ذلك.
من هنا يجب الالتفات إلى أن الولايات المتحدة لا تعمل بشكل تجزيئي، كما هو حال بعض الأنظمة في المنطقة، وإنما تنظر إلى العالم كله من فوق، وهي تتعامل مع واقع المنطقة من خلال استراتيجية أعلنت عنها العام الماضي، وأكدت أنها الأكثر اهمية بالنسبة لها، وهي استراتيجية المحيط الهادئ.
إن الولايات المتحدة التي تنظر إلى مستقبل علاقاتها مع كل من روسيا والصين على أساس رؤيتها لتطورات السياسة والاقتصاد في السنوات ـ والعقود المقبلة ـ تنظر إلى مواقف بعض الدول في المنطقة العربية نظرة المشفق، إن لم يكن المستهزئ، وهي ترى هذه الدول متمسكة بسيناريوهات باتت موضع تساؤل، كسيناريو الثبات على المطالبة بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، في حين أن واشنطن مستعدة للتضحية بهذا المطلب، بل ومستعدة للجلوس مع الأسد نفسه في يوم من الأيام، إذا تمكنت من الوصول مع روسيا إلى توافق على تخفيف اندفاعها نحو بناء جسور الثقة ـ إن لم يكن التحالف ـ مع الصين، التي تشكّل الهمّ الاستراتيجي والحيوي الأول لواشنطن.
لقد جاء رد كيري على كل “النظريات” التي تناولت جولته في المنطقة، والتي اعتبرت أنه “غيّر رأيه” بعد استماعه إلى زعمائه، جاء من خلال دعوته لجلوس الرئيس الأسد ومعارضيه على طاولة واحدة للبحث في التوصل إلى مرحلة انتقالية. ولعلّ في هذا الموقف الكثير من المؤشرات التي لا بد من التوقف عندها، لوضعها في سياق الرؤية الأميركية الشاملة للأحداث في العالم، بعيداً عن زواريب السياسات العربية، وتمنيات بعض الأمراء والملوك التي باتت في الكثير من جوانبها مخالفة للوقائع على الأرض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.