جولة على أحدث خزعبلات التصهين في لبنان
موقع العهد الإخباري-
ليلى عماشا:
منذ شيوع خبر الصواريخ التي أُطلقت على المستوطنات في شمال فلسطين، والتي لم يتبنّ إطلاقها حتى الساعة أحد، عاد شعار “قرار الحرب والسلم” إلى واجهة الخطاب المعادي للمقاومة بكلّ درجاته وألوانه. ولشدّة غضب الناشطين من مختلف الرّتب المنظّمة والمبرمجة على مناهضة كلّ فعل مقاوم، فقدوا ما تبقّى من تقاطع قد يكون بين ما ينطقون به وبين المنطق: تغريدات ومنشورات متتالية ذات مضامين متناقضة، جميعها تصبّ في خانة “اتهام حزب الله”: الاشتراك مع الصهاينة في “مسرحية” على الحدود، استفزاز الصهاينة نيابةً عن إيران، مساعدة نتنياهو في تنفيس الإحتقان في الداخل الصهيوني المتأزم… اللافت أنّ معظمهم سارع إلى إبداء استنكاره وشجبه لأي عمل يستهدف الصهاينة واعتبروه مسًّا بالسيادة الوطنية بغياب أي صوت لهم في كلّ مرّة اخترق فيها الطيران الحربي الصهيوني سيادة البلد سواء بطلعات جوية روتينية أو باستخدام سمائه منصة للقصف على سوريا.
إذن، عادت عبارة “قرار السلم والحرب” لتتكرّر على ألسنة هؤلاء الناشطين والتي بدا أن تعليمة موحّدة أوعزت لهم بوضع العبارة في مقاطع كلامية، على طريقة امتحانات اللغة في الحلقات المدرسية المتدنية: استخدم اللفظ الآتي في جملة مفيدة. إلّا أن الناشطين تغافلوا عن “مفيدة” ودسّوا العبارة كيفما اتفقّ في خطابهم الذي شابه في إرباكه إرباك أعضاء “الكابينت” الذين اجتمعوا لساعات لاتخاذ قرار الردّ: إحداث حفرة عميقة في التراب الذي قد تكون وضعت عليه منصّة الإطلاق، والنتيجة: أضرار في بستان موز!
في ما يلي، بعض الخزعبلات التي تمّ تداولها على منصات التواصل:
– “حزب الله يتفرّد بقرار السلم والحرب”
مع العلم بأن الحزب لم يصدر بيانًا يتبنّى فيه ما قرّر الناشطون أنّه بلا شك الفاعل (بشكل مباشر أو عبر تغطيته لحماس كفاعل افترضه الصهاينة والناشطون اللبنانيون الواقعون في مستنقع معاداة المقاومة)
تصطدم هذه العبارة وتطيح ببديهيات العمل العسكري والأمني، وتوحي بأن قائلها يفترض، من كلّ عقله، أن من طبيعة العمل المقاوم ولا سيّما العسكري، ينبغي على الجهة التي تنفذّه أن تطرح الموضوع على التصويت، وأن تحصل على إجماع شعبي وموافقة حتى أولئك الذين يقفون جهارًا في الجهة المعادية ويتفانون في خدمتها.
يتناسى هؤلاء أنّ المقاومة، وكلّ مقاومة في التاريخ، هي بنت أرضها وبيئتها، وبالتالي هي لا تستأثر بقرار حرب أو سلم، إنّما هي تنفّذ قرار الأرض والبيئة وتعبّر عنه ولا سيّما إن كانت بالانتخابات حاصلة على تفويض شعبي يتغافل عنه من يضرّهم المسّ ب”الكيان المؤقت”.
– “حزب الله يحاول مساعدة نتنياهو لتنفيس الإحتقان الداخلي”
قبل فترة، كانت تلحينة هؤلاء تقوم على أن حزب الله بموافقته على ما وصفوه بـ”الترسيم” ساعد لابيد كي لا يصل نتنياهو إلى السلطة. من جهة، هم يصرون على رمي الناس بالقاذورات التي تغمرهم وتغمر سمعتهم الملطخة بالتطبيع والعمالة ولو المجانية وبالحقد على المقاومة، ومن جهة هم خائبون حتى في الاستدلال على تحليلاتهم المجهولة النسب.. فضلا عن ان الدولة اللبنانية بالأساس أعلنت أنها قامت بتعيين حدودها البحرية الجنوبية وليس ترسيمها.
نسبة التضليل في هذا الكلام تحوّله إلى كوميديا رديئة، واضع قائله في خانة الجاهل الغبيّ حتى بالنسبة إلى المحايدين، بل وحتى بالنسبة إلى الصهاينة أنفسهم.
– “حزب الله يحمي حدود “اسرائيل”
بغض النّظر عن سخافة الطرح والشبهات حول من يقولون به، إذا سلّمنا جدلًا بأن هؤلاء مقتنعون فعلًا بما يقولون، هل يمكن لهم، من بعد إذن مشغّليهم، أن يخبروا الناس ممّن يقوم حزب الله بحماية “اسرائيل”، من هي الجهة التي تهدّد الصهاينة ويمنعها الحزب من إزالة كيانهم؟ بكلام آخر، إن كان الحزب يقوم بحراسة “اسرائيل” على حدّ زعم المعجبين بها في لبنان، وإن كانوا ممّن يحاضرون بالوطنية وبالعداء للصهاينة، لماذا لا يشمّر هؤلاء عن زنودهم وينزلون إلى الميدان لمحاربة “اسرائيل” ومَن يحرسها؟ أم أنّ مجانيّة الكلام تبيح لمستطيعه النطق به كذبًا وتضليلًا وتخوينًا دون التزام بأي منطق عقلي وبأي ترجمة على أرض الواقع؟
– “الرد الإسرائيلي سيكون موجعًا”!
أثناء انعقاد مجلس الوزراء المصغّر في كيان الإحتلال لتحديد طبيعة الردّ وحجمه، نشطت الحسابات المتصهينة التي تهدّد وتتوعّد باسم الصهاينة، أوّلًا بهدف التهويل على الناس وأهل المقاومة بشكل خاص، وثانيًا لثقتهم العميقة بمشغّلهم “الغراندايزر” بنظرهم والذي لن يسكت بحسب تقديرهم عن صفعة تلقاها على وجه وجوده المبعثر. مرّت الساعات ثقيلة على منتظري الردّ الصهيوني المزلزل، وما انتهت إلّا بخيبة فاقت تحمّلهم فزادت في غيظهم وجنونهم.