جولات جنيف وتوالي الانكشافات
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
من اللافت في مؤتمر جنيف الثاني سواء في جولته الأولى أو في جولته الثانية التي تمضي جلسات تفاوضها حاليًّا، هو توالي انكشافات الحقيقة بين من يمثل الشعب السوري حقيقة ويشاركه صوتًا ورأيًا وموقفًا ويشاطره إحساسًا وشعورًا بحجم الأعباء التي أُلقيت تآمرًا على كاهله، ويدافع عنه وعن سوريا ووحدتها وحياضها وسيادتها وهويتها وفسيفساء مجتمعها الناظمة له والمعطية له القوة والمنعة، وبين من يقف على النقيض من ذلك، ويتآمر على الشعب السوري ويبذل كل جهد ممكن لتمرير مؤامرته، محاولًا توظيف أكبر قدر من الأقنعة والشعارات والأدوات والوسائل، ويدَّعي في الوقت ذاته أنه يدافع عن الشعب السوري ويسعى إلى وضع المراهم على الجراحات والعذابات التي يكابدها السوريون كل يوم، سواء في مخيمات اللجوء أو في الداخل.
وليس أدل على هذا الانكشاف والافتضاح للمتآمرين من رفض الاعتراف بالإرهاب والاستماتة في الدفاع عنه، وفي الوقت الذي يذرفون فيه دموع التماسيح على ما أصاب ويصيب الشعب السوري من مآسٍ وآلام، يواصلون عملية تجنيد الإرهابيين والمرتزقة والتكفيريين وتدريبهم ويعلنون بكل وقاحة وسفور عن صفقات أسلحة لهم والتنسيق مع حلفائهم لفتح ممرات وطرق لمرور عصابات إرهابهم وإقامة جسر جوي لإمداد هذه العصابات بالأسلحة لتدمير سوريا وإبادة شعبها.
وكذلك ليس أدل على افتضاحهم من أنهم في الوقت الذي يحاولون فيه توظيف الجانب الإنساني ورقة يمررون بها مؤامرة تدميرهم سوريا، يأتون بأغراب عن الشعب السوري وعن سوريا ربوهم في دوائر استخباراتهم وأسكنوهم في أفخم فنادقهم، وقدموهم للعالم ورغم أنف السوريين على أنهم “معارضة”، لا وظيفة لها سوى واجهة ليغطوا بها مؤامرتهم وما يحيكونه ضد سوريا وشعبها ومن ثم يلقنونه أفراد هذه الواجهة ليعطوا الانطباع بأن هذه الشروط والمطالب التي ترددها أدواتهم هي شروط الشعب السوري ومطالبه. وحين فشلوا في العودة إلى ورقة الأسلحة الكيماوية عبر التشكيك في الالتزام السوري من أجل إحداث اختراق ما يستطيعون صرفه في السياسة تعويضًا لفشلهم في الميدان يحاولون العزف على الورقة الإنسانية بالعودة إلى الحديث عن الممرات الإنسانية مقدمين مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، مُدَّعين أن من يمنع وصول المساعدات الإنسانية هو الحكومة السورية وبالتالي تبرئة أجنحتهم وعصاباتهم الإرهابية، وذلك لابتزاز سوريا وإحراج روسيا علهم أيضًا يتمكنون من الحصول على تنازل في الجانب السياسي تعويضًا لفشلهم الميداني من ناحية، ومن ناحية أخرى لإيصال الدعم (غذاءً ودواءً وسلاحًا) لعصابات إرهابهم التي يحاصرها الجيش العربي السوري لكي تتمكن من مواصلة إرهابها. وليكون أيضًا مقدمة لإقامة مناطق حظر جوي بدعوى حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإغاثية.
يبقى التأكيد أن هذه الانكشافات والافتضاحات ما كان لها أن تتوالى إلى هذه الدرجة من الوقاحة والسفور لولا الأداء السياسي المتزن والحكيم للحكومة السورية في فن إدارة الأزمة، ولولا الأداء البطولي والصمود الأسطوري للشعب السوري وجيشه العربي الباسل، ومن المؤكد أن القادم سيكون محملًا بالمزيد والجديد من تلك الفضائح والانكشافات.