جنرال اسرائيلي: لهجمات ضد حزب الله قبل المواجهة الشاملة
صحيفة الأخبار اللبنانية –
يحيى دبوق:
لم تصمد مقاربة تل أبيب الرسمية، شبه الصامتة والممتنعة عن التعليق، حيال المعلومات الاستخبارية التي نشرتها اخيراً صحيفة «وول ستريت جورنال» عن نقل حزب الله مكوّنات من منظومة صواريخ «ياخونت الروسية الى لبنان.
تصريح وزير الحرب موشيه يعلون، شبه الوحيد رسمياً حول هذه المسألة، وتأكيده «حمّال الأوجه»، بأن المنظومة غير موجودة في لبنان، لم يكن لينهي السجالات حولها، وإن كان معظمها لم يخرج الى العلن.
الخشية من التعليقات العلنية على «ياخونت» من شأنها ان تكشف التقديرات حول تأثيراته السلبية على ميزان القوى بين جيش العدو والمقاومة، وتشير الى انهاء دور البحرية الاسرائيلية في اي مواجهة شاملة، ناهيك عن قدرة المقاومة على استهداف مواقع استراتيجية حسّاسة في عرض الكيان وطوله.
المطالبة بالرد وبمهاجمة لبنان، حتى مع المقامرة والاخطار الكامنة فيها، وردت في مقالة لقائد البحرية الاسرائيلية السابق، ايلي ماروم، نشرتها صحيفة «يديعوت احرونوت» امس، أكد فيها على ضرورة المسارعة الى شن هجمات ضد كل «عملية تهريب» للسلاح النوعي من سوريا الى لبنان، بما يشمل هجمات على الاراضي اللبنانية ستكون «استثمارا سليما على المدى البعيد»، ومفيدة جدا في المواجهة الشاملة المقبلة مع حزب الله. وأكد ماروم، الذي غادر منصبه اواخر عام 2011، ان «اسرائيل تقاتل منذ سنوات ضد تهريب السلاح الى منظمات المخربين، وهو قتال يتطلب معلومات استخبارية دقيقة، وقدرة عسكرية عالية تسمح بالاصابة الدقيقة للسلاح المهرب. لكن قبل اي شيء آخر، يتطلب قراراً سياسياً يأخذ في الحسبان العناصر ذات الصلة، ويقرر الهجوم في ظل المخاطرة المحسوبة».
«السلاح المهرب»، بحسب تعبير ماروم، يأتي بمعظمه من دولتين هما ايران وسوريا، وهو مخصص لكل «التنظيمات الارهابية في المنطقة». اما الغاية منه، فـ «محاصرة اسرائيل بطوق من الارهاب الصاروخي لاستنزافها وانهيارها». وذكّر بسلسلة من «وقائع التهريب»، في السنوات الماضية، تشمل «تهريب السلاح من ايران الى حركة فتح على متن سفينة كارين اي» عام 2002، وسفينتي «فرانكوف» و«فيكتوريا» اللتين نقلتا سلاحاً وذخيرة من ايران الى حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة.
وفي ما يتعلق بسوريا، اشار ماروم الى ان النظام السوري دعم حزب الله طوال السنوات الماضية، وهو يمثل حلقة ربط هامة في «محور الشر» الممتد من طهران الى دمشق ومن ثم الى الحزب، مؤكداً ان «سوريا، ونظراً الى قربها الجغرافي من لبنان، تنقل السلاح الى حزب الله، ما سمح له بالتسلح من جديد بعد حرب لبنان الثانية» عام 2006.
وعلى خلفية منصبه السابق قائداً للبحرية الاسرائيلية، كشف ماروم السياسات المتبعة من قبل صانع القرار في تل ابيب تجاه «تهريب السلاح»، مشيراً الى ان اسرائيل «قررت بعد حرب لبنان الثانية ألا تخاطر، وان تمتنع عن الرد على اي عملية تهريب، حتى مع وجود معلومات استخبارية تفيد بأن تهريب السلاح من سوريا مخصص لحزب الله في لبنان». واضاف ان السنوات الاخيرة شهدت ايضاً سياسة اسرائيلية حذرة لمنع تهريب السلاح النوعي فقط، مثل منظومات دفاع جوي متطورة، ومنظومات حديثة بر ــــ بحر، «الامر الذي سمح للحزب بمواصلة تهريب الصواريخ (من ايران) الى لبنان، في موازاة الحصول على سلاح نوعي من سوريا، مع ابقائه في مخازن ومستودعات موجودة في الاراضي السورية لتجنب تعرضها لهجوم اسرائيلي».
وبحسب ماروم، أوجدت «الحرب الاهلية» في سوريا «واقعاً جديداً»، وهجمات على مخازن السلاح النوعي في سوريا، تنسب الى اسرائيل، و«اذا كانت التقارير صحيحة، فان هذه الهجمات تشهد على تغيير في السياسة المتبعة، وأن الجيش الاسرائيلي بدأ يهاجم مخازن السلاح النوعي على الاراضي السورية». اما التقارير المنشورة اخيرا عن تهريب صواريخ «ياخونت» فهي «تستدعي من اسرائيل اعادة النظر في سياساتها».
وحذر ماروم «من وجود سلاح متطور لدى حزب الله من شأنه ان يحوله من منظمة ارهابية الى جيش متطور وناجع، ويضع في ايديه وسائل هامة في الصراع ضد اسرائيل»، لافتاً الى «الخطر على مسارات السفن والبواخر الى الموانئ الاسرائيلية، وعلى منصات الغاز في عرض البحر، اضافة الى تقييد قدرة سلاح الجو على التحليق فوق لبنان، الامر الذي يمثل تهديدا حقيقيا للجيش في اي مواجهة مقبلة مع الحزب». وطالب ماروم بتغيير السياسة المتبعة القائمة على الارتداع عن ضرب الحزب في الساحة اللبنانية، معتبراً ان اسرائيل «ملزمة بالعمل بتصميم لاحباط تهريب السلاح المتطور الى حزب الله، واستعادة الردع»، مؤكدا على ضرورة العمل على مستويين:
ــــ على المستوى الاستراتيجي، فضح دور ايران وسوريا في الاعمال الارهابية، وعرض هذه المشكلة على العالم، والضغط لادراج بنود ملزمة في التسوية المتبلورة معهما، بما يلحظ ترتيبات أمنية تمنع تهريب السلاح.
ــــ على المستوى التكتيكي، أن تبادر اسرائيل الى شن هجمات، ولا سيما على الاراضي اللبنانية، ضد كل عملية تهريب للسلاح من سوريا الى لبنان، كما عليها أن تخاطر بصورة اكبر، حتى عندما لا تكون في حوزتها معلومات استخبارية كاملة، الامر الذي يعد استثماراً سليماً على المدى البعيد، وسيكون مجدياً ومفيداً، في يوم الامر، والمواجهة الشاملة مستقبلا.