جماعة أميركا.. “منتصرون” بلا نصر
موقع إنباء الإخباري ـ
رأي الموقع ـ محمود ريا:
أغرب ما في عناوين الصحف الموالية للأميركيين في عالمنا العربي هو اللوعة والأسى اللذين يبدوان على صفحاتها الأولى “لأن النظام السوري استسلم”.
إنها المرة الأولى التي يبدو فيها “المنتصر” حزيناً ومهموماً، يحمل على رأسه كل مآسي الكون، وتعتمل في قلبه كل مصائب الدنيا.
“انتصار” لا أحد يدري بأي طعم، تعبّر عنه وسائل إعلام الأنظمة التابعة لأميركا في منطقتنا.
ولكن لماذا كل هذا الأسى، وكيف انكسر بريق العيون الذي كان يطلّ من وجوه أولئك الصحافيين، ومَن وراءهم من السياسيين، وهم يتحدثون عن “الضربة القادمة”، جازمين أنها ـ لا محالة ـ قادمة.
الذي يطالع صحف هذه الفئة، خلال الأيام الماضية، يجد فيها كل ما يمكن أن يعرفه العالم من شماتة، ومن حقد، ومن تحريض، ومن دعوة إلى تدمير سوريا ـ كل سوريا ـ نكايةً بقيادتها، وبصمودها، وبموقفها الذي لا يلين.
الذي يتابع نشرات أخبار قنواتها ـ المتآلفة على سوريا، والمتصارعة على غيرها ـ يمكنه أن يشم رائحة لحم البشر المشوي، وتُعمي عينيه أدخنة الضربات الجوية والبرية والبحرية، وتصم أذنيه زعقات التوماهوك، وطائرات الأف 16، وتلك التي تضرب دون أن تُرى.
اليوم، الوضع مختلف، هم يطلقون صرخات النصر، ولكنها صرخات مبحوحة، مصطنعة، عالية، ولكنها ضعيفة.
هم يتحدثون عن النصر، فترى الخيبة والفشل في صفحات وجوههم المغبرّة، المحتقنة، التي لا لون فيها إلا لون الألم.
لقد خسر “الجماعة” الرهان، وليس أي رهان. إنه رهان العمر، على تأديب العاصي، وتدمير الخارج عن الطوع، والقضاء على كل من يرفع رأسه في وجه مال الخليج الآثم.
كانوا يأملون بأن تكون ضربة الشام الضربة الأخيرة، التي تقضي على محور المقاومة، مرة واحدة وإلى الأبد.
كانوا يظنون أنها ضربة، وبعدها يعيشون في هناء، قانعين خانعين، لا صرخات كرامة تعكر أمزجتهم، ولا دعوات مقاومة تزرع الكوابيس في هنيء منامهم.
وضعوا كل ثقتهم بـ “ربّهم”، الأميركي الصهيوني المقتدر، حسب وهمهم.
..
فإذا بـ “ربّهم” ضعيف، ذليل، مهزوم، معزول. وإذا بـ “ربّهم” محتال، مائع، بلا مبادئ، بلا موقف، وبلا ثوابت.
فبُهتوا، وجمدوا.. لقد ضاعت الفرصة.
اليوم، هم في خضم “أحزان النصر”.
ولماذا هي أحزان؟
لأن النصر موهوم.
النصر الذي يزعمونه هو مجرد فرقعة إعلامية، جُنِّدوا على مدى سنين للترويج له، حتى ولو كان كذبة.
بُهتوا اليوم، وسيُبهتون عندما يعلمون الشروط الحقيقية لـ “الصفقة”، وربما لن يعلموا، لأن من دخل فيها لا يجد نفسه مضطراً حتى لإعلامهم بها، أو لوضعهم في تفاصيلها، أو لتبرير مدى سوئها ـ عليه وعليهم ـ عند تنفيذها.
إنهم يعيشون خيبة أمل كبرى، فلا بأس أن ينفّسوا بمانشيتات تحمل من الشتائم والتعابير السوقية والكلمات النابية ما يتناقض مع أدنى أخلاق الصحافة.
ولا عجب.
لو كان لديهم أخلاق، لما رضوا أن يكونوا عملاء للأميركان، خدماً لهم، تابعين بلا قرار.