ثلاثة سيناريوهات لاندلاع الحرب
تصنف هيئة الأركان الإسرائيلية حزب الله بالعدو النشط والجدي، الذي يملك كل الأدوات لإلحاق الأذى باسرائيل، في اطار اي حرب محتملة معه. والأكثر ذكاءً الذى يقف فى مواجهة «تساحال»، سواء من حيث مستوى المعلومات، أو الوسائل والعقيدة القتالية، لديه شبكة أنفاق تحت الأرض، ومقاتلين أشداء، ووسائل قتالية متطورة جدا. لذلك وجب الاستعداد لمواجهة السيناريو الأسوأ والأكثر تعقيدا، في حرب مختلفة تمامًا عن معركة عام 2006 التي شكلت نقطة بداية التحضيرات للحرب المقبلة من قبل الطرفين، مسرح اعمالها الحربية يمتد على 40 الف ميل مربع، وهو ما يعادل 64 الف كيلومتر مربع، يتضمن لبنان، اسرائيل، واجزاء من سوريا، والتي ستؤدي بالتاكيد الى تحول المنطقة بأكملها.
فكمية أهداف الجيش الإسرائيلي في لبنان تضاعفت مئات المرات، بنسبة تعاظم حزب الله، وفي ضوء الأزمات في دول المنطقة التي جعلته المنظمة الاخطر على اسرائيل في الشرق الأوسط. الا ان التقارير الاسرائيلية تجمع أنّ حزب الله معني في هذه اللحظة بالحفاظ على الاستقرار، ولهذا فإنّه لن يسارع إلى العمل ضدّ إسرائيل، رغم تنامي قوّته العسكريّة الهائلة، وتشمل آلاف الصواريخ المضادة للدبابات، راجمات الصواريخ، المدافع وعشرات آلاف الصواريخ إلى مسافات مختلفة.
رغم ان الهدف الأساس يبقى الحصول على اسلحة نوعية كاسرة للتوازن الإستراتيجي، مثل صواريخ ياخونت بر-بحر، وصواريخ الدفاع الجويّ المتطورة وصواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس غير تقليدية، غير ان ما يصطلح على تسميته بحرب لبنان الثالثة، دونه عقبات وعراقيل تقول التقارير الاسرائىلية أولها غياب التنسيق المتكامل في اتخاذ القرارات بين المستوى السياسي والعسكري، الرأي العام الإسرائيليّ نفسه ومدى تحمله للخسائر التي قد يتكبدها والأضرار التي قد تلحق بالعمق الإسرائيليّ نتيجة للصواريخ التي قد يطلقها حزب الله، الإعلام والرأي العام الدولي، الذي ظل الضاغط الأقوى على اسرائيل في حروبها الأخيرة، واخيرا التقليصات اللاحقة بموازنة الدفاع.
أمّا عن استعدادات الجيش الإسرائيليّ للمواجهة القادمة، تؤكد التقارير المستقاة من الداخل الاسرائيلي، عن تشكيك في الاستعدادات للمعركة التالية، وتحديدًا في استعداد قوات الاحتياط، التي تعاني من التقليصات في التدريب بسبب التقليص في ميزانية الجيش.
وتكشف المعلومات، ان خيرة ضباط لواء «كافير» الذين تم تدريبهم على التكتم على المعلومات والتفاصيل الصغيرة، بعد خضوعهم لاختبارات علمية وجسدية شاقة، يجرون تدريبات مكثفة، فى الفترة الأخيرة، على إنزال قوات كوماندوس فى قرى الجنوب اللبناني، من بينها تحسين لغة التواصل بين طياري المروحيات والعناصر المنقولة جوا، باعتبارها مسألة بالغة الأهمية، بعد تكرار حوادث ارتطام مروحيات بالارض بسبب عدم التوجيه الصحيح لها، فى إطار سيناريو لاحتلال مواقع لحزب الله،رغم حالة التقشف التي يعيشها الجيش الاسرائيلي . كما يتدرب جنود لواء كفير على الدخول إلى خلف خطوط العدو، لإلحاق أكبر قدر من الخسائر فى صفوفه، لكن سلاح المشاة هو الذى سيشكل القيمة المضافة بفضل قدرته على الوصول إلى أماكن غير متوقعة، وهذا ما سيقدمه لواء «كفير» باعتباره لواء المشاة الخامس.
كذلك خصص «لواء غولاني» بحسب التقارير والذي درج على اجراء مناورات واسعة النطاق مرتين في العام، التدريب الأول الواسع للعام الحالي للتدرب على احتلال قطاع غزة وجنوب لبنان، على اقتحام الدبابات ووحدات المشاة بالتعاون مع سلاح الجو،لمواقع في مناطق مكشوفة واحتلالها والتدرب على سهولة الحركة والتعرف على الميدان، وإعداد الخطط الملائمة للميدان المتغير.
وبحسب الخبراء الاسرائىليين فقد تميزت تلك المناورات بتغير سمات التدريب مع تغير العدو، والتدرب على قتال العصابات، التي تختبئ فوق و تحت الارض، ومواجهة الخلايا المتخصصة بضرب الصواريخ المضادة للدبابات وزرع العبوات الناسفة.
لهذه الغاية قام سلاح الهندسة في الجيش الاسرائيلي ببناء قرية نموذجية في الجولان شبيهة بقرى جنوب لبنان، لاستخدامها في عملية تدريب قواته البرية على القتال داخل الاماكن المأهولة وعلى كيفية تقليص الخسائر بالمدنيين التي من شأنها تعريض إسرائيل للمحاسبة الدولية، اوعلى هجوم بري قد يشنه الجيش السوري. وتشتمل القرية على 300 مبنى يمكن ان تستخدم لاطلاق الصواريخ، و منازل ومسجد ومراكز قيادة، كذلك شبكة من الانفاق تحت الارض للتدرب على مواجهة مقاتلي الحزب في مخابئهم، ومجسمات لمقاتلين ونساء واطفال داخل المنشآت.
كما تقوم الوحدات المشاركة ايضاً بالتدريب على كيفية التصدي لهجوم بري قد يشنه الجيش السوري من الحدود السورية لا سيما بعد تدهور الاوضاع على الحدود بين سوريا وإسرائيل. وجرى اعداد منشأة التدريب كي تتطابق مع الظروف القتالية ضد الجيش السوري، واقيمت لهذا الغرض مواقع مشابهة تماماً للمواقع التي يتحصن فيها الجيش السوري.
في التقييم السياسي للقيادة الاسرائيلية،يعود الهدوء الأمني الذي تنعم به إسرائيل على حدودها مع لبنان في الدرجة الأولى لإيران التي تحرص على تفادي دخول حزب الله في حرب جديدة مع الدولة العبريّة تعرض منظومة الصواريخ الإستراتيجية التي أقامتها لخطر التدمير من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، على اعتبار ان تلك المنظومة هي بمثابة قوة ردع ضد الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لمنعهما من شن هجوم عسكري ضد منشآتها النووية، وفي الوقت نفسه لحماية النظام السوري الحالي من قيام إسرائيل بشن هجوم عسكري ضده في حالة تدهور الأوضاع.
وتوقع الخبراء العسكريون الاسرائيليون ثلاثة سيناريوهات لموعد اندلاع حرب لبنان الثالثة، مجمعين على أن إيران ستكون صاحبة القرار الأول فيها:
-السيناريو الأول: في إطاره تندلع تلك الحرب عندما تقرر القيادة الإيرانية وبشكل نهائي إنتاج السلاح النووي وتشغيله، حينها من المتوقع أن تقوم إسرائيل بمهاجمتها للقضاء عليه، عندئذ ولإجهاض تلك المحاولة سيقوم حزب الله، بإطلاق منظومة الصواريخ لديه في لبنان نحو العمق الإسرائيليّ، لإشغالها عن مهاجمة إيران. مع فرضية فشل الاتفاق مع الغرب.
-السيناريو الثاني: يقوم الجيش الإسرائيليّ بشن هجوم عسكري موسع ضد لبنان، على ضوء قيام حزب الله باستهداف المصالح الإسرائيليّة في عدد من دول العالم.
-السيناريو الثالث: عندما يشعر النظام السوري بقرب انهياره، حينها يقوم بتوجيه حزب الله لشن هجوم على إسرائيل،لكي يلجأ إليه الغرب لكبح جماح حزب الله، وإنهاء حربه مع إسرائيل.
ميشال نصر – صحيفة الديار اللبنانية