تونس أمام مفترق جديد.. وحالة ترقب
موقع العهد الإخباري-
روعة قاسم:
أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد عن جملة من القرارات المفاجئة والاستثنائية التي وصفت بالتاريخية عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، وأهمها تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
قرارات رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد المفاجئة والاستثنائية والتي وصفت بـ”التاريخية” عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، جاءت اثر مظاهرات حاشدة شهدتها الولايات التونسية في يوم عيد الجمهورية والذي يصادف 25 تموز / يوليو، وخرج خلالها آلاف الشبان رافعين شعارات تطالب برحيل الحكومة وبتجميد البرلمان.
تعيش تونس منذ سنوات أزمة صراعات سياسية تحوّل مقر البرلمان الى أحد ساحاتها، وغالبًا ما تتناقل وسائل الإعلام المحلية مشاهد عراك بالأيدي وشتائم خاصة بين نواب حركة “النهضة” وحزب “الدستوري الحر” بقيادة عبير موسى.
قرارات سعيد جاءت طبقا للفصل 80 من الدستور
وبعد قرارات سعيد، عاد الفصل 80 من الدستور الى الواجهة، وهو ينص على أن “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذٌر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية”. وتضيف المادة أن “يجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلٌ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة”.
ووفقا للنص الدستوري فإنه “بعد مضيٌ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه، وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما، وينتهي العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها”.
مرحلة جديدة
واليوم تسيطر حالة من الضبابية على المشهد في تونس بعد ساعات من قرارات الرئيس قيس سعيد، والتي أدخلت البلاد في منعرج جديد. فالبعض يصف ما حدث بـ”الانقلاب الناعم” وسط تحذيرات من تداعياته على المؤسسات الدستورية الضامنة للديمقراطية في البلاد. في حين يرى فيه البعض الآخر استجابة لنبض الشارع الغاضب من الطبقة السياسية الحاكمة، التي فشلت في إيجاد حلول للمشاكل العديدة التي تعاني منها البلاد وفي مقدمتها إدارة الأزمة الوبائية مع وصول أعداد الوفيات الى أعداد قياسية. ولعل ما فاقم من فتيل الأزمة وأججّ الغضب الشعبي هو مطالبة بعض نواب حركة “النهضة” بصرف تعويضات فورية من “صندوق الكرامة” رغم أن البلاد تعيش أزمة اقتصادية مستفحلة وكارثة وبائية لا سابق لها وسط نقص في التمويلات لاقتناء التجهيزات اللازمة لأجهزة الاوكسجين وغيرها.
واليوم تعيش تونس حالة من الترقب لمآل الأوضاع خاصة بعد دعوة رئيس حركة “النهضة” أنصاره للنزول الى الشارع لحماية “البرلمان”، في حين تفصل قوات الأمن التي انتشرت بشكل مكثف في محيط البرلمان بين أنصار “النهضة” وأنصار الرئيس سعيد.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو “هل ستنفّذ قرارات رئيس الجمهورية بسلاسة أم ستواجه معارضة قانونية وما هي الخطوة المرتقبة في خضم هذه المرحلة السياسية الجديدة؟”.