تهويل لتغطية هزائم بندر
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
حملت التقارير الصحافية العالمية مجموعة من الأخبار والمعلومات المتعلقة بمسار الحرب على سوريا وهي تستدعي التدقيق على خلفية المسار الذي يعكس تقدما شاملا لقوات الجيش العربي السوري التي نجحت في احتواء الهجمات الأخيرة لزمر بندر بن سلطان والناتو من التكفيريين الذين حشدوا في تركيا والأردن خلال الأشهر القليلة الماضية.
أولا: بعد سقوط التهمة الملفقة باستعمال الأسلحة الكيماوية على أرضية الثبات في التحالف السوري الروسي واليقظة التي يعكسها نشاط الأقمار الصناعية الروسية في الفضاء السوري وبفضل ما جمعته القيادة العسكرية السورية من الوقائع والمعطيات بات ثابتا أن الفيلم الكيماوي بفصوله الميدانية والإعلامية كان السبيل الذي أراد به المخططون تفعيل العدوان على سوريا باختبار جديد في مجلس الأمن وسعوا من خلاله إلى تعويض الخسائر التي منيت بها عصابات الإرهاب القادمة من الأردن والتي قدرت بالآلاف من القتلى والجرحى بعد اصطياد الجيش السوري للوحدات الإرهابية في كمائن محكمة بينما تعيش العصابات الإرهابية حالة من الاندحار والتراجع في ساحل اللاذقية بعد سيطرة الجيش العربي السوري على القرى التي اجتاحتها وخلفت فيها مجازر موصوفة وراءها كشفت السلطات السورية عن بعضها.
ثانيا: روجت وسائل إعلام أميركية وغربية لأخبار نشر المزيد من القطع البحرية الأميركية في حوض المتوسط ولكلام باراك أوباما عن دراسة خيارات التدخل في سوريا في حين أن الرئيس الأميركي كان واضحا في تأكيد العجز عن تحمل الأكلاف المالية والبشرية التي يطرحها احتمال التدخل المباشر في سوريا وهذا التعبير يدعو للسخرية في ظل القيادة الأميركية للعدوان الاستعماري على سوريا أما الغزو المباشر بجيوش الأطلسي فهو احتمال يعني حماقة كبرى قد تكلف الولايات المتحدة أكثر بكثير مما يتكهن به الخبراء نظرا لمناعة منظومة الدفاع السورية وللرد الموجع الذي سيلقاه المعتدون الأميركيون والإسرائيليون بفعل التلاحم الميداني بين الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني والمقاومة اللبنانية الحاضرة بخبراتها وبإرادتها الحازمة في ردع العدوان الاستعماري على سوريا والمنطقة .
ويتعزز هذا الاستنتاج بالنظر كذلك إلى الحضور الروسي على السواحل السورية واستعداد إيران لرمي ثقلها المادي والمعنوي في معركة الدفاع عن الشرق وأي دراسة في العناصر الإستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية لهذه المواجهة تقود إلى الاستنتاج بأن الدعاية الأميركية تسعى إلى رفع معنويات أدوات العدوان التي غلب عليها عنصر التكفيريين الأجانب في حقبة بندر بعدما نجحت الدولة الوطنية في سحب آلاف السوريين من صفوفها والاستعراض السياسي والمعنوي للاجتماع العسكري المنوي عقده في الأردن بقيادة أميركية يراد منه حجب الوظيفة الفعلية لهذا الاجتماع وهي التخطيط لتدخل مخابراتي أوسع في سوريا.
ثالثا: المعلومات المتوافرة في كواليس الدبلوماسية الغربية تؤكد أن بندر بن سلطان أعطي مهلة المحاولة للتأثير في التوازنات السورية حتى نهاية السنة وهو لذلك يكرر محاولاته للتفجير في لبنان عله يرغم حزب الله على الانكفاء من سوريا بسبب الدور النوعي للحزب في التأثير على معادلات القوة وهو في الوقت عينه يحاول المستحيل لتجميع أكبر كمية جديدة من التكفيريين وحشدهم إلى سوريا بعدما خسر العديد من المرتزقة في الموجات التي أدخلها إلى سوريا مؤخرا.
الأشهر الأربعة القادمة ستكون ميدانا لتصعيد عسكري وسياسي كبير لكنها محكومة بتوازن استراتيجي عام لن تستطيع جميع المحاولات تغيير وجهته فالدولة الوطنية السورية وجيشها في موقع المبادرة وتعظيم القدرات والإمكانات بفضل الدعم الشعبي المتزايد بينما تحاصر التكفيريين حالة العزوف والانفضاض الشعبي التي بدأت قبل سنة من الآن وهذا هو الميزان الحقيقي للربح والخسارة بينما يتضح لمن يتابع أن حلف العدوان يعيش مأزقا متزايدا نتيجة التحولات في مصر والتطورات اليمنية والعراقية التي تقرع أبواب مملكة آل سعود في حين يتصاعد التأزم الاقتصادي والسياسي التركي نتيجة التورط في سوريا وتعيش إسرائيل اختناق العجز عن خوض حروب جديدة بفعل منظومة الردع المقاوم.
سوف يكتب بعد أشهر أن بندر بن سلطان تمكن من إطالة أمد العنف والإرهاب في سوريا لكن سيكتب أيضا أن هزيمته كانت بداية انقلاب كبير داخل المملكة السعودية وفي دورها الإقليمي الذي لا تعوضه رشوتها لمصر أمام خسارتها المدوية في سوريا وتساقط مواقع نفوذها التقليدية في المنطقة.