تناغم بين مؤامرات أمريكا وتحركات الموساد والعملاء
موقع العهد الإخباري-
إيهاب شوقي:
عندما نلفت الأنظار إلى مراكز “الفكر” الأمريكية، فإن ذلك يكون بغرض رصد السياسات وليس رصد مجرد الأفكار، حيث تعمل هذه المراكز بجهد كبير منبعه الثقة البالغة في جدوى توصياتها ومخرجاتها، حيث ترى تطبيق العديد من توصياتها على أرض الواقع، بخلاف مراكز الدراسات العربية التي تتراكم أفكارها وأوراقها على الأرفف دون حتى قراءة.
ولعل الكثير من هذه المراكز يعمل على توظيف باحثين من العرب وغرب ووسط آسيا للتخصص في شؤون بلدانهم على قاعدة “أهل مكة أدرى بشعابها”، وبالتالي نرى أشد الناس خدمة لمصالح أمريكا على حساب بلدانهم، هم باحثون من أصول لبنانية وباكستانية وإيرانية ومصرية وغيرهم.
ومعهد واشنطن تحديدا اشتهر بتخصصه في العداء الشديد للمقاومة، وتخصيصه لتقارير ودراسات عديدة عن كيفية حصار المقاومة وبث الدعايات المغرضة والأكاذيب ضدها، ومعظم دراساته العدائية هذه تجرى على يد باحثين من أصول لبنانية.
ومؤخرا، نشر المعهد تقريرا لباحثة من أصل لبناني تقوم فيه بالتنظير لكيفية إضغاف المقاومة في لبنان وإخراجها من المشهد السياسي، وختمت تقريرها بتوصيات لأمريكا وفرنسا للسير في خطط متدرجة للوصول لهذا الهدف.
ولو كان الأمر مجرد تقرير وتوصيات، لما كان لنشرها أهمية كبيرة، ولكن لأهمية المعهد وتوصياته وتوافقها مع سياسات أمريكية وغربية على أرض الواقع في كثير من الملفات، ومؤخرا في ملف المقاومة وتحديدا في الداخل اللبناني، فإن الأمر خطير جداً، ومن المهم أن يتم الكشف للرأي العام عن مدى اتساق المؤامرات الأمريكية والصهيونية المعلنة على صفحات المراكز الأمريكية والواقع الذي ينفذه العملاء على الأرض.
تقول كاتبة التقرير في سياق تحريضها على المقاومة ما يلي نصا: “ينظر اللبنانيون والسوريون والعراقيون اليوم إلى إيران ويشعرون بالأمل لأنهم يعرفون أن التغيير في إيران يعني تغييراً في بلادهم. وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، ولكن هناك طرق لإضعاف «حزب الله» في لبنان بصورة أكثر، ويتطلب ذلك اعتماد سياسة شاملة تجاه لبنان ــ بين الولايات المتحدة وأوروبا (خاصة فرنسا) والمملكة العربية السعودية. كما يستوجب إشراك جماعات المعارضة اللبنانية ــ حيث لم تنجح أي سياسة في لبنان من دون مشاركة داخلية نشطة. وحتى الآن، يجري أساساً النقاش حول لبنان بين جميع هذه الدول، إلا أنها تركز في نقاشها على البرنامج الإنساني، في حين يجب على السياسة الجادة أن تستهدف الركائز الأساسية الثلاث لقوة «حزب الله» في لبنان وهي: الطائفة الشيعية والحلفاء والأسلحة” وفقا للكاتبة.
ثم يتطرق تقرير المعهد للخطوات العملية، ويقول نصا: “.. ويلعب فرض المزيد من العقوبات على حلفاء «حزب الله» دوراً مساعداً بالتأكيد، غير أن الوقت قد حان لقيام أوروبا ــ فرنسا على وجه الخصوص ــ بإصدار العقوبات التي كانت تناقشها منذ عام 2019.
بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي السماح لحلفاء «حزب الله» بزيارة الولايات المتحدة أو أوروبا أو حتى امتلاك حسابات مصرفية وأصول في أي من هذه الدول. يجب أن يشكل التحالف مع «حزب الله» مخاطرة كبيرة”.
ثم يتطرق التقرير للشيعة في لبنان بالقول: “أما بالنسبة للطائفة الشيعية، فهذا هو الوقت المثالي للعمل مباشرةً مع الشيعة، والاستماع أكثر إلى الأصوات المعبِرة عن الاستياء، وتقديم الدعم السياسي والمادي للمعارضة الجديدة بين الشيعة، وخاصة أولئك الذين يتمتعون برؤى اجتماعية واقتصادية” وفقا لادعاءات التقرير.
ثم يقوم التقرير بتحريض العدو الاسرائيلي بالقول: “ويؤدي وجود إمدادات كبيرة من الأسلحة إلى تغيير قواعد اللعبة تماماً. فلا أحد يستطيع استهداف هذه الترسانة فعلياً دون شنّ حرب. وتهتم “إسرائيل” بمصانع ومنشآت الأسلحة الإيرانية في سوريا، لكن الأسلحة الموجودة في لبنان مخزنة تحت الأرض منذ عام 2006، وبعضها عفا عليه الزمن، لكن الكثير منها لا يزال يشكل خطراً جسيماً في الحرب القادمة مع “إسرائيل”. ويمكن التعامل مع هذه الأمور بطريقتين: إما عبر شن “إسرائيل” هجمات مستهدفة من شأنها تدمير الأسلحة من دون قتل المدنيين، أو فضح منشآت الأسلحة التي تم بناؤها تحت البنية التحتية المدنية، كالمدارس والمستشفيات. فليس لدى اللبنانيين أي فكرة عما يوجد تحت منازلهم وأرضهم، وهم بالطبع لا يريدون المخاطرة بأي شيء بعد الآن” وفقا لأكاذيب التقرير ودعاياته.
ويختتم التقرير بفقرة كاشفة للنوايا حيث يقول: ” لقد حان الوقت لتسديد الضربة الموجعة. ففي النهاية، قد يكون الشعب الإيراني الأمل الوحيد المتبقي للمنطقة، ولكن في انتظار التغيير في إيران، قد يعود تقييد «حزب الله» في لبنان بالفائدة. فالبديل عن ذلك مقلق بالفعل، وهو قيام لبنان جديد بدستور جديد يضمن سلطة «حزب الله» وسيطرته، مع إيران أو بدونها.”
ولعل ما يزيد من وجاهة دخول أمثال هذا التقرير ونواياه حيز التطبيق، هو الخبر الذي نشرته وكالة “نور نيوز” الإيرانية، والذي كشف عن قيام جهاز الموساد الصهيوني مؤخرا بتكثيف تعاونه مع الإمارات لجذب المواطنين اللبنانيين لتدريبهم للعمل لصالحه.
ووفقاً لمعطيات تلقّاها موقع “نور نيوز”، يتم إرسال المواطنين اللبنانيين الذين يعلنون استعدادهم للتعاون مع الموساد عبر الفضاء الإلكتروني على الفور إلى الإمارات لتجنب الكشف عنهم وضبطهم من قبل الجهات الأمنية اللبنانية.
وعقب عمليات التحقق الأولية من قبل مكتب الموساد في الإمارات، يشارك المجندون في دورات تدريبية لمدة 15 يوما تحت إشراف خبراء من جهاز التجسس الصهيوني ويتم ترميزهم لتنفيذ مهام.
وبعد الانتهاء من الدورة التدريبية، يتم إرسال المجندين إلى لبنان وعدة دول عربية أخرى ومتابعة المهام الموكلة إليهم بالتنسيق مع ضابط خدمة الموساد، ويودع الموساد رواتب الجواسيس اللبنانيين مباشرة في حساباتهم المصرفية التي تم إنشاؤها في أحد البنوك الإماراتية تحت اسم مستعار.
لا شك أن من يتم تجنيدهم سيقومون بمهام من نوعية المهام الواردة في التقارير الأمريكية، من بث الدعايات المغرضة وتعطيل الحلول السياسية وخلق الفتن بين المقاومة وحلفائها واستهداف البيئة الحاضنة للمقاومة.
هي رسالة للرأي العام ليرى كم التطابق بين مخططات العدو الأمريكي والصهيوني وبين ما يتم تنفيذه على أرض الواقع ومن تعاون خليجي مع ضعاف النفوس ومحاولات تجنيدهم، وهو أمر لا يخفى عن أعين المقاومة ولن تعدم الوسائل المناسبة للتعاطي معه.