تغريدة سعودية وتوضيحاتها تربكان الرئاسة اللبنانية… و«المستقبل» يبرّئ ذمته
صحيفة البناء اللبنانية:
لا يزال الملف الرئاسي يراوح مكانه في ظلّ السباق بين العراقيل والمساعي بانتظار الحسم في جلسة 31 تشرين الحالي، بينما تتّجه الأنظار الى المواقف التي سيطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم وغداً في مراسم إحياء عاشوراء، حيث سيشرح موقف الحزب من تطورات الملف الرئاسي بعد أن يجري جولة أفق في عناوين وملفات المنطقة الساخنة في سورية واليمن والعراق والأراضي المحتلة.
ودعا السيد نصرالله أمس في الليلة التاسعة من محرم أن يكون عنوان اليوم العاشر، «التضامن والمواساة والتأييد والمساندة للشعب اليمني المظلوم، للجيش اليمني واللجان الشعبية الصامدة، وللمقاومة البطلة التي صمدت كل هذا الوقت في مقابل حرب كونية أيضاً من نوع آخر، وأيضاً إلى جانب قيادة هذا الشعب الشجاعة والصلبة والقوية».
قانصو: الإنجازات الميدانية تؤشّر إلى اقتراب الحسم
وشدّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو على أهمية دور روسيا الاتحادية في دعم صمود سورية في مواجهة الإرهاب، وأثنى على مواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والدعم الروسي الكامل للدولة السورية، ونعوّل عليه في رسم معادلات جديدة، ونرى فيه تجسيداً لمبدأ احترام سيادة الدول واستقرارها.
ولفت قانصو، خلال استقباله في مركز الحزب، وفد الدبلوماسية الروسية برئاسة مستشار مجلس الدوما لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي الدكتور ليونيد إيساييف، إلى أنّ الإنجازات الميدانية التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه، بإسناد روسي كامل، تؤشر إلى اقتراب الحسم، خصوصاً في حلب، وهذا ما بدأت تستشعره واشنطن ومعها القوى الغربية، والتي بدأت تلوّح بخيارات التصعيد عسكرياً وسياسياً وفي مجلس الأمن الدولي، ما يؤكد أنّ الولايات المتحدة الأميركية ذاهبة باتجاه التنصّل من الاتفاق مع روسيا بشأن سورية، وهي تلجأ إلى التصعيد، لتبقي على دعمها الكامل للإرهاب. وهو دعم ظهر واضحاً من خلال العدوان الجوي الذي نفّذته على مواقع الجيش السوري في دير الزور، بالتنسيق الكامل مع تنظيم «داعش» الإرهابي. كما وشدّد قانصو على أنّ الحلّ في سورية ليس معقداً، ونحن نرى في الجهود التي تبذلها روسيا والأفكار التي تقدّمها، نافذة حقيقية للحلّ، والحلّ برأينا يقوم على أساس وحدة سورية وصون مؤسسات الدولة، وعلى حق السوريين في صياغة مستقبلهم السياسي».
البخاري: «جان عبيد حكيمنا».. ثم يحذف التغريدة
وفي ظل الموقف الملتبس والغامض للمملكة العربية السعودية حيال حركة الرئيس سعد الحريري الرئاسية وإمكان ترشيحه العماد ميشال عون، استذكر القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري في تغريدة له كلاماً لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل جاء فيه: «جان عبيد حكيمنا جميعاً وحكيم وزراء الخارجية العرب».
ولاحقاً وبعد أن أثارت التغريدة بلبلة في الاوساط السياسية والإعلامية، وبعد تساؤلات حول معانيها وارتباطها بالملف الرئاسي، أوضح البخاري عبر «تويتر»: «التغريدة كانت في إطار توثيق سلسلة من الأقوال المأثورة لسمو الأمير سعود الفيصل – رحمه الله – وهي لا تحتمل الكثير من الاجتهادات». ثم أعلن البخاري عبر حسابه الخاص حذف التغريدة قائلاً: «لقد تم حذف التغريدة بسبب سوء تفسيرها وخروجها عن مقاصدها».
الحريري قدّم ما يستطيع
ومن المتوقع أن يبدأ الرئيس الحريري جولة خارجية تشمل عدداً من الدول الغربية والإقليمية أبرزها فرنسا وتركيا ومصر. وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل أن «الرئيس الحريري قدّم كل ما يستطيع لخلق ثغرة في جدار الأزمة الرئاسية وأطلق مبادرات عدة ودفع ثمنها الكثير، لكن تبين أن حلفاء العماد عون ليسوا جديين ولا يريدون انتخابات رئاسية في الوقت الراهن بانتظار تطورات المنطقة. وبالتالي تكرار للمرحلة الماضية عندما عطّلت قوى 8 آذار مبادرة الحريري ترشيح رئيس المردة النائب سليمان فرنجية». ولفتت المصادر لـ «البناء» الى أن «الحريري يحاول من خلال الاتصالات واللقاءات التي يُجريها التوصل الى تفاهم رئاسي قبل جولته الخارجية التي تهدف الى استطلاع أجواء المنطقة التي تغلي بالأزمات والحروب التي ستترك تداعيات وانعكاسات على لبنان، وسيبحث الحريري في جولته الملف الرئاسي، وسيطلب مساعدة الدول لإنجاز ملف الرئاسة، لكنه بالتأكيد لن يستطيع إقناع الدول التي سيزورها الضغط على إيران التي لا تزال تمسك بالورقة الرئاسية في لبنان. وتحدثت المصادر عن وضع حزب الله شروطاً على عون كضمان وتشريع سلاح المقاومة في البيان الوزاري وزيارة يقوم بها عون الى عين التينة للمصالحة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزيارة لفرنجية لطمأنته».
وكشفت المصادر أن «عون والحريري توصلا الى تفاهم على الرئاسة، لكن ليس تفاهماً نهائياً»، داعية حزب الله للقيام بواجبه وتحمل مسؤوليته تجاه عون إذا أراد فعلاً انتخابه ويعتبره حليفاً، موضحة أن «التفاهم يتضمن عناوين عامة أكثر من التفاصيل وأن الحريري يحاول مع عون إنهاء الفراغ ولم يتم الحديث عن رئاسة الحكومة ولا شكل الحكومة المقبلة»، موضحة أن «لدى الحريري الأغلبية النيابية التي تخوّله الوصول الى رئاسة الحكومة فضلاً عن أنه في حال انتخاب الحريري عون رئيساً للجمهورية فمن المنطقي أن يسمّي الأخير الحريري لرئاسة الحكومة».
وعن مصير جلسة 31 تشرين المقبل قالت المصادر «لا شيء إيجابي جديد، والكرة في ملعب الآخرين وليس في ملعب الحريري الذي قدّم ما يكفي لحل الأزمة».
.. والتيار ملتزم الصمت
وعلمت «البناء» من مصادر في التيار الوطني الحر أن «تعليمات أصدرتها قيادة التيار الى كل المسؤولين وأعضاء كتلة التغيير والإصلاح تدعوهم الى التزام الصمت في هذه المرحلة والابتعاد عن السجالات وردود الأفعال مع أي من الأطراف التي لا تخدم مصلحة التيار وجهود الحريري الرئاسية الراهنة». ولفتت المصادر الى أنها «ستلتزم قرار قيادة التيار إلا أنها أوضحت أن عون قدّم كل التسهيلات للحريري والكرة باتت في معلب الأخير، كما لن يعلن عون موقفاً ولن يتحرك باتجاه أي طرف قبل إعلان الحريري الموقف النهائي الرسمي، وأن محطة 13 تشرين ليست فاصلة ونهائية بل ستكون محطة شعبية للتذكير بالميثاقية والشراكة الوطنية».
اجتماع لهيئة المكتب ولا جدول أعمال
بانتظار نضوج التسوية الرئاسية، يعمل الرئيس بري على تفعيل المجلس النيابي واغتنام فرصة بدء العقد العادي لمجلس النواب في أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الحالي لعقد جلسات مخصصة لتشريعات الضرورة. ولهذه الغاية عقد برئاسة بري أمس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس في عين التينة من دون تحديد جدول الأعمال. ودعا بري الى جلسة عامة لانتخاب أعضاء الهيئة الثلثاء في 18 الحالي.
وقال عضو كتلة التنمية والتحرير ميشال موسى لـ «البناء» إن «جلسة اليوم كانت هادئة وهامة، حيث جرى الاطلاع على البنود المحالة الى الهيئة العامة واستخراج الضروري منها، لكي تُدرج على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة التي لم يَدْعُ لها بري ريثما يتم انتخاب هيئة مكتب المجلس وأعضاء ومقرري اللجان ثم تجتمع الهيئة وتضع جدول أعمال الجلسة التشريعية». وأوضح موسى أنه «حتى لو تم الاتفاق في جلسة اليوم أمس على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة إلا أن الدعوة إليها من صلاحية رئيس المجلس الذي يحدد الوقت المناسب». ورجّح موسى أن يدعو بري الى «جلسة الأسبوع المقبل بعد انتخاب هيئة المكتب التي ستكون روتينية لكن هناك أصول يجب احترامها».
ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ «البناء» أنه سيعطي فرصة للأسبوع المقبل لكي يدعو الى جلسة تشريعية لإفساح المجال أمام مزيد من التشاور في الملف الرئاسي وفي قوانين الانتخاب، وبعد وضع جدول أعمال الجلسة سيجري اتصالاته لاستطلاع مسألة المشاركة، كما أبلغ تيار المستقبل بري مشاركته، لكن الأحزاب المسيحية الثلاثة التيار والقوات والكتائب لم تحسم مشاركتها حتى الآن، ويراهن بري على تفاهمات سياسية لعقد الجلسة التشريعية».
وعن إمكان الاتفاق على قانون انتخاب، نقل الزوار عن بري أن «هذا الأمر رهن إرادة القوى السياسية، لكن هناك تباعد في النظرة تجاه قوانين الانتخاب منذ سبع سنوات وليس من الآن». أما رئاسياً فإن بري ينتظر ما سيتمخّض عن جولات ومشاورات الحريري الذي يستمرّ بمساعيه ولم ينهِ حراكه الداخلي ولا الخارجي.
أما على صعيد العلاقة مع الراعي فنقل الزوار أن «العلاقة أفضل بكثير بعد زيارة الوزير علي حسن خليل الى بكركي وتوضيح المسائل لدى الطرفين، وأن الصفحة الماضية قد طويت ولن يتكرر سوء التفاهم مع الراعي ولا مع أي طرف مسيحي».
وعن إصرار البطريرك الراعي على موقفه بأن بنود طاولة الحوار لا يمكن أن تكون ممراً إلزامياً لانتخاب الرئيس، أكد الزوار أن بري يحترم موقف البطريرك و«هناك تباين بيننا في هذه النقطة، فأنا والراعي لسنا شخصاً واحداً بل لكل منا آراؤه في المسائل الوطنية لكن لن تؤدي الى خلاف أو قطيعة».
واستبعد مصدر وزاري لـ «البناء» انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور بسبب التعقيدات التي تشهدها المنطقة وغياب أي تفاهم داخلي حول تسوية تؤدي الى انتخاب الرئيس.
كما وبرزت أمس حركة لافتة لوزير الصحة وائل أبو فاعور بين المملكة السعودية وعين التينة وبيت الوسط، وعقب عودته ليلاً أمس الأول من الرياض توجّه الى عين التينة والتقى بري، بحضور الوزير خليل. ونفى أبو فاعور رداً على سؤال عن زيارته المملكة أن يكون توجّه اليها قائلاً للإعلاميين «أنا لا رحت ولا جيت». وزار أبو فاعور في وقت لاحق، بعيداً من الإعلام بيت الوسط.
.. وجلسة حكومية الخميس
وفي غضون ذلك وبانتظار جلاء المشهد الرئاسي، يعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس المقبل بجدول أعمال يتضمّن 146 بنداً، 53 من جدول أعمال الجلسة السابقة، و93 بنداً جديداً منها المتعلّق بطلب وزارة الاتصالات الموافقة على دفتر شروط المناقصة العالمية لإدارة شبكتي الهاتف الخلوي وتكليف إدارة المناقصات لإجرائها. وقالت مصادر وزارية لـ «البناء» إن رئيس الحكومة تمام سلام سيحاول في الجلسة التوصّل الى حل وسط بالنسبة لمناقصات الخلوي من خلال تنازل من الأطراف، لكنها أشارت الى أن الخلاف بين بو صعب ووزير الاتصالات بطرس حرب سيُعقّد الأمر، وبالتالي لن يحسم الملف في الجلسة المقبلة.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» إن «جميع الأطراف ستحضر الجلسة كما الجلسة السابقة باستثناء الوزير جبران باسيل على أن يحضر وزير التربية الياس بو صعب كبادرة حسن نية في ظل الأجواء الإيجابية على الصعيد الرئاسي». وأوضح درباس أن أحداً من الأطراف لا يستطيع الاستغناء عن الحكومة في هذه الظروف الدقيقة داخلياً وخارجياً وبالتالي بقاءها ضرورة وحاجة ملحّة.
من جهة أخرى أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من واشنطن، حيث شارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، أنه لم يسمع جديداً في ما خصّ ملف العقوبات، وطمأن إلى أن «الليرة اللبنانية مستقرّة وستبقى كذلك، خصوصاً أن إمكانات الدفاع عن سعر النقد الوطني تعزّزت، إذ بلغ الاحتياطي بالعملات الأجنبية الذي يملكه المصرف المركزي مستويات قياسية هي الأعلى تاريخياً».