ترحيل السوريين.. ورقة رابحة تتنازع عليها الأحزاب في تركيا
صحيفة الوطن السورية-
سامر الخطيب:
أكد مراسل وكالة أنباء آسيا أن السلطات التركية نقلت أمس الأربعاء 18 كانون الثاني 2023، أكثر من 30 لاجئ سوري بينهم سيدات وأطفال، ممن دخلوا الأراضي التركية حديثا، إلى مراكز تابعة لمديرية الهجرة في منطقة كيليس جنوبي تركيا، تحضيراً لترحيلهم إلى الداخل السوري.
ويأتي ذلك، في إطار الترحيل القسري للاجئين السوريين باتجاه الأراضي السورية “المنطقة الأمنة” التي تدعيها تركيا ضمن مناطق سيطرة “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” الخاضعة لسيطرة قواتها والفصائل الموالية لها، تنفيذاً لمخططاتها حول ترحيل السوريين من أراضيها.
ورحلت السلطات التركية في 8 كانون الأول الفائت، نحو 100 لاجئ سوري من أراضيها إلى الداخل السوري عبر معبر “باب السلامة” الحدودي، بريف إعزاز شمالي حلب.
وتستمر السلطات التركية، بترحيل شبان سوريين من داخل أراضيها إلى الداخل السوري، لا سيما ممن يحملون بطاقة الحماية المؤقتة “كيملك”.
ويعيش معظم اللاجئين السوريين في تركيا والبالغ عددهم نحو 3.6 مليون نسمة حال قلق، تخوفاً من عودة غير آمنة إلى بلادهم، فضلاً عن سائر العوامل الاقتصادية والسياسية وطبعاً المعيشية في الداخل السوري.
وفي هذا السياق، لفت رئيس رابطة حقوق اللاجئين السوريين مضر حماد الأسعد في حديث صحفي إلى أن قضية الترحيل تؤرق اللاجئين السوريين حتى قبل الحديث عن تقارب بين دمشق وأنقرة، مشيراً في الوقت عينه إلى تواصل الرابطة مع الحكومة التركية لتذليل الصعاب لحل قضايا تتعلق بلاجئين رحلوا وعادوا من جديد.
وقال رئيس الرابطة إن اللاجئ السوري ليس عالة على تركيا، فهو إما يحصل على معونات من منظمات أو حوالات أهلية، وإما يعتمد على مشاريع متوسطة وصغيرة عمل على فتحها واستثمارها.
وترتفع أصوات اللاجئين السوريين، لا سيما المعارضين منهم، مطالبة بضرورة توفر ضمانات للعودة، وتشير الناشطة في المجال الحقوقي غيداء محمود إلى إصرار حكومي من جانب أنقرة لإعادة العلاقات مع دمشق مجدداً، وتعتبر، بحسب رأيها، أن مسألة اللجوء هي الورقة الأهم، ومن دونها من غير الوارد حدوث أية مصالحة “في حال توصل الطرفان إلى تسوية ما، فالمطلوب ضمانة للاجئين بخاصة المعارضين منهم، وأجزم بعدم رغبتهم بالعودة، وستكون تركيا محطة لهجرة جديدة نحو أوروبا، لا سيما أنها بدأت منذ أشهر بترحيل جزء كبير من أراضيها بشكل قسري، وفي حال عدم التوصل إلى تسوية تقودها موسكو بين أنقرة ودمشق فإن حزب العدالة والتنمية أمام موقف صعب أمام الشارع”.
يأتي ذلك في وقت قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الاتصالات التي بدأت مع سوريا عبر موسكو هي الطريق لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، منوهاً في كلمة له من أنقرة في خلال مؤتمر مستقبل حقوق الإنسان، في القرن الـ21 في 13 يناير، إلى ازدياد عدد اللاجئين العائدين، وأضاف “سيزداد العدد مع استمرار التواصل الدبلوماسي، لقد عاد حتى اليوم 500 ألف لاجئ سوري إلى أماكن آمنة شمال سوريا، وتم إنقاذ مهاجرين من حافة الموت بفضل العمليات في بحر إيجة بلغ 20 ألفاً خلال العام الماضي فقط”.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي آكار شدد على ضرورة أن تتم عودة اللاجئين بشكل طوعي وآمن ومشرف، وذلك في تصريحات صحافية أدلى بها أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
في المقابل، لم تفصح دمشق بشكل فعلي عن ضمانات العودة الآمنة على رغم مراسيم عفو عام صدرت بشكل متقطع، لكن السلطات تصف المسلحين والسياسيين المعارضين بمن “تلطخت أيديهم بالدماء”، وعليه ستتم ملاحقة كثير من الشخصيات قانونياً ومحاكمتها.
وسط هذه الأجواء، لفت السفير السوري السابق في أنقرة نضال قبلان إلى حتمية ترحيب دمشق بكل رعاياها وبعودتهم إلى وطنهم ولا سيما اللاجئين في تركيا “لقد استثمرت تركيا بورقة اللاجئين كثيراً وما زالت”.
وتراهن الأحزاب التركية المعارضة، ومن أبرزها “حزب الشعب الجمهوري” على ورقة اللاجئين في كسب الانتخابات المزمع إجراؤها هذا العام، بعد أزمة اقتصادية عصفت بالبلاد وأدت إلى تراجع قيمة الليرة التركية إلى مستويات غير مسبوقة، ويستند الحزب المعارض إلى تقرير أعده في سبتمبر (أيلول) عام 2021 يتحدث عن رغبة معظم اللاجئين بالمغادرة إن سمحت الظروف بذلك. وقالت، وقتها، ممثلة الحزب في البرلمان التركي جامزة أكوش إليجزدي “السوريون يريدون الذهاب إلى الدول الغربية، إذا فتحت تركيا حدودها، فإن 90 في المئة منهم سيهاجرون”.
ويبقى الاتفاق على عودة اللاجئين مطلباً تركياً أكثر منه سورياً، وبات معروفاً أنها ورقة يحاول “حزب العدالة والتنمية” ومن خلفه الرئيس التركي الاستحواذ عليها قبل موعد انتخابات هذا العام وتفويت الفرصة على معارضيه لاستغلالها.