تدوير الزوايا بدأ.. هل شارفت الأزمة السورية على الحل؟
صحيفة الوطن السورية-
منذر عيد:
تتسارع الأحداث على الطرقات الفرعية المتشعبة عن أوتوستراد أنقرة دمشق، مع مضي الأولى وإصرارها على إعادة العلاقات مع الثانية، وما يجري من حراك دبلوماسي سوري- إيراني، وسوري إماراتي، وتركي أميركي، وتركي روسي، إضافة إلى اتخاذ أنقرة قرارات وحدوث تطورات لافتة في مناطق سيطرة الاحتلال التركي والميليشيات التابعة لها، وحراك وإشارات تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي في إدلب، جميع ذلك ليس إلا عمليات لتدوير زوايا الأزمة السورية، ليكون السؤال، هل بتنا أمام قرار بإغلاق الملف السوري، وإنهاء معاناة الشعب، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، بعد أن أدرك المتآمرون أن إسقاط الدولة السورية ضرب من المحال، وان تداعيات الإرهاب الذي تمت زراعته فيها انتشر في أجسام الدول المجاورة؟
تركيا باتت قاب قوسين من لجم أي اعتراض يصدر عن مرتزقتها في المناطق التي تسيطر عليها في سورية، ليؤكد موقع «المونيتور» الأميركي أنه على حين يتطلع رئيس الإدارة التركية رجب طيب أردوغان إلى لقاء الرئيس بشار الأسد، حذر وزير الدفاع التركي الجماعات المسلحة السورية المدعومة من تركيا من الاستفزازات، كما أن أنقرة وبحسب التقارير الإعلامية وضعت «النصرة» أمام حقيقة ضرورة الانسحاب من مناطق إدلب، الأمر الذي وضع متزعمها أبو محمد الجولاني أمام خيارات إعادة تدوير الذات، عبر استفساره أثناء اجتماع مع ضباط من الجيش والاستخبارات التركية عن مدى إمكانية إيجاد موطئ قدم له في العملية السياسية القادمة، دون أن يلقى الرد من أنقرة، ليفتح ذلك أمامه خيار الانتقال إلى مناطق ريف حلب، أو مناطق سيطرة ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» بعد تنسيق مع قوات الاحتلال الأميركي.
من المؤكد أن خطوات التقارب السوري التركي ستؤسس لواقع سياسي جديد، انطلاقا من زيادة التنسيق الأمني بين الجانبين، وصولا إلى تشكيل الحل النهائي في سورية، والمبني حكما على رؤية دمشق بانسحاب الاحتلال التركي من جميع الأراضي، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، وعودة معابر الحدود إلى سابق عهدها، مع اتخاذ تخوفات أنقرة بالحسبان، لجهة القضاء على تهديد ميليشيات «قسد» لأمنها القومي، وإعادة اللاجئين.
وسط الإصرار التركي على التقارب مع دمشق، يبرز العجز الأميركي عن فعل أي شيء لمنع ذلك سوى إطلاق التصريحات التي تؤكد رفض واشنطن إجراء أي تقارب مع دمشق، واستنكارها قيام أي طرف آخر بالإقدام على الخطوة، دون أن تلقى تلك التهديدات أي آذان مصغية، بدليل ما يجري من تسارع دبلوماسي نحو دمشق، يقول السفير الأميركي السابق لدى دمشق روبرت فورد إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحاجة لمثل هذا الإنجاز (التقارب) قبل الانتخابات الرئاسية في حزيران المقبل، كما أن واشنطن لن تقدم شيئاً لسورية، وأن الأميركيين ليس لديهم ما يقدمونه لتركيا بخصوص القضية السورية، ليدعم كلام فورد ما قاله «المونيتور» سابقاً بأن التقارب السوري- التركي بمنزلة تحدٍ للإدارة الأميركية، ومن شأنه أن يعزز دور روسيا في الشرق الأوسط، بعدما فشلت واشنطن بمعالجة مخاوف أنقرة الأمنية بخصوص انتشار ميليشيات «قسد» على حدودها الجنوبية.
في رؤية شاملة لنتائج إعلان أنقرة التقارب مع دمشق، تبرز بعض النقاط الرئيسة في تلك الصورة، وأهمها قناعة أدوات دول التآمر على سورية بأن دورها الوظيفي قد انتهى، وأنها باتت مجرد ورقة محروقة، في الملف السوري، حيث انتقلت جميع تلك الأدوات، من مرحلة الاعتراض على التقارب إلى ترقب حدوثه والإقرار به، وهذا ما ظهرت أولى بوادره بإعلان ما تسمى «الحكومة المؤقتة» المدعومة من الإدارة التركية ترحيبها بالتقارب، وليؤكد ما يسمى «رئيس الحكومة المؤقتة» المدعو عبد الرحمن مصطفى أن اجتماع موسكو الثلاثي، أي اجتماع وزراء دفاع سورية وروسيا وتركيا، يعدّ خطوةً مهمّة نحو الحل السياسي للأزمة السوريّة، معتبراً أن المحادثات بين دمشق وأنقرة تصب في مصلحة الشعب السوري و«المعارضة السوريّة».