تحقيق حلم لبنان بثروته النفطية رهن تجاوز السياسيين نزاعاتهم
موقع قناة الميادين ـ
نقولا طعمة:
بعد حل غالبية الإشكالات المتعلقة بملف النفط في لبنان، من تحديد الحقول، وتخمين الكميات، وإيجاد صيغ حل لترسيم الحدود، لم يبق أمام لبنان سوى الإعلان عن تشكيل الهيئة الوطنية للإشراف على استخراج النفط، والهيئة كانت بانتظار حل إشكال تحديد ممثلي الطوائف فيها
ينتظر اللبنانيون بتلهف وصول الترتيبات القانونية واللوجستية للتنقيب عن النفط إلى مرحلة تطبيق الخطوة الأولى العملية، والبدء بوضع الثروة النفطية المفترضة قيد الاستخراج. فاللبنانيون لم يشعروا يوما بأمان اقتصادي ناجم عن طاقات كامنة في بلدهم، والسبب صغر حجم الوطن، وعدم ظهور ثروات طبيعية فيه تدفع باقتصاده نحو الازهار والتطور، مما يثبت أجياله في أرضهم فيستفيد بلدهم من أدمغتهم بدلا من أن يتوجهوا للعمل في دول النفط.
وقد اعتاد اللبنانيون أن يكون بلدهم دائم الاستيدان من الخارج، مما أبقاه تحت رحمة الدول الدائنة له. وازدادت مديونيته بشكل كبير عقب اتفاق الطائف، وهو يقع الآن تحت مديونية تناهز الستين مليار دولار مع ما يستتبعه ذلك من ضغوط على المواطنين، فترهق قدراتهم، وتزداد هجرة أبنائهم، وهم يعيشون في ما يشبه الكابوس، متسائلين كيف ستتم معالجة هذه المديونية الضخمة.
وعندما بدأ الحديث عن وجود الثروة النفطية في المياه الاقليمية، تنفس اللبنانيون الصعداء بكل طبقاتهم وفئاتهم ومسؤوليهم، لأن الثروة النفطية ستمكن لبنان، في الحد الأدنى، من الخروج من أزمته الاقتصادية، ومديونيته الكبيرة، خصوصا إذا ما أحسن استخراج النفط وفق سياسة علمية حكيمة مدروسة.
ومن غير المستغرب أن يتخوف كثيرون من أن تتحول الثروة النفطية من نعمة للبنان، إلى نقمة. وليس الأمر بالغريب، فقد أسيء استخراج النفط في العديد من الدول، خصوصا المتوسطة الحال أو الفقيرة كالمكسيك، واستقدمت شركات غير كفوءة لاستخراج النفط، مما أدى إلى هدر الثروة، من جهة، وتلوث المناطق المحيطة بمنابعها، خصوصا البحرية منها، من جهة ثانية، وبدلا من توظيف الأموال باستخراج النفط، تحول الجهد إلى إزالة الملوثات.
الحديث عن وجود النفط في لبنان طالما تكرر في فترات مختلفة، منذ أن بدأ البحث والتنقيب عنه لعقود خلت. لكن الحديث ظل حتى الأمس القريب في إطار التكهنات، والتقديرات الأولية غير المثبتة، إلى أن حسم أمر توافره في السنوات الأخيرة.
تاريخية التنقيب: التطورات والنتائج
تفيد تقارير صحفية أن الانكليز بادروا في عشرينيات القرن الماضي إلى حفر بئر قريبة من جبل تربل شمال لبنان للتأكد من توافر النفط، ثم أجرى الفرنسيون تجربة مماثلة أواسط الثلاثينات بحفر بئر في منطقة أخرى. ويسجل لشركة نفط العراق IPC مبادرتها في الأربعينات لحفر بئر عميقة قريبة من أراضيها في سفح جبل تربل حيث ظهرت بوادر نفطية عالية الكثافة لا تؤشر إلى وجود كميات كبيرة من النفط. كما جرت عدة تجارب أخرى في الشمال والبقاع في فترات متفاوتة، ولم يعلن بعدها عن نتائج واعدة.
ويوضح الخبير في شؤون النفط الدكتور عبد الفتاح الشريف المرعبي، وهو مدير شركة “وايلد كات”، وأول من حفر بئرا بالطريقة الأفقية في الشرق الأوسط- أنه جرت محاولات في الخمسينيات للتنقيب عن وجود النفط بحفر ستة آبار من مناطق مختلفة من لبنان، وكان البحث يجري عن النفط السائل، وليس الغاز، وكان سعر برميل النفط أقل من دولارين.
الشريف تحدث لـ “الميادين نت” بقوله إنه “نتيجة اهتمام العالم بمنطقة شرق المتوسط، بسبب احتمالات وجود الغاز، راجعت الوثائق الموجودة لدى USGS ) United States Geological Surveys)،
وهي تتابع شؤون الجيولوجيا في العالم بحثا عن النفط والمعادن. وقامت هذه المجموعة بتحديد ما يسمى بـ “حوض Levantine الذي يبدأ من غزة باتجاه الشمال ليصل إلى عشرين كيلومترا من شواطيء قبرص، ويتابع باتجاه الساحل السوري عند نقطة اللاذقية، ويدخل مجددا إلى الأراضي اللبنانية ويعود إلى فلسطين المحتلة، فغزّة. ويفترض وجود ثروة نفطية كبيرة في هذا الحوض”.
ويوضح الشريف أن “هذا الحوض يقع على عمق 3500 متر تحت الأرض، وتقع تحت هذا العمق طبقة ملح بعمق ألف متر، تخدم كعازل يمنع تسرب الغاز وهجرتها إلى أمكنة أخرى، فألف متر من الملح المقزّز يصبح عازلا قويا نظرا لخلوه من المسام”.
ويضيف الشريف أن “من شروط وجود نفط توافر منطقة تغذية أو نبع يضيف طاقة للحوض. ولكي تتمكن المنطقة من تغذيته يجب توافر المسام ما بين المنبع والحوض. وخلال البحث تبين أن هذه المسامية موجودة، وبذلك تتوافر كل العناصر التي تؤمن الغاز، مع احتمال وجود نفط”.
وأوضح الشريف “إن تطور تقنيات البحث عن النفط سهلت فهم الواقع في باطن الأرض حتى ولو لم يكن من ضرورة لحفر بئر، ومن هذه التقنيات الإستطلاعات الإرتجاجية أو الزلزالية Seismic التي استخدمت لتؤكد وجود الغاز. ودقة القياسات أصبحت عالية خصوصا بعد الوصول إلى الفحص الثلاثي الأبعاد 3D
ولبنان موعود بثروة نفطية هامة بحسب الأرقام التي حصلت عليها، فهناك 32مكمن أو حقل، وفي كل منها نسبة مختلفة من الغاز
وقدم أرقاما ناتجة عن الأبحاث ومنها “ما يشير إلى وجود معدل 50 إلى 90% في كل مكمن من المكامن الـ 32 وأخرى فيها 0%.
واستدعت الوزارة المختصة شركة خبراء بالنفط الذين قاموا وفق المعطيات التي وضعت بتصرفهم بتقسيم المنطقة البحرية الخاصة بلبنان إلى 22 بلوك، مساحة كل واحد منها عشرة كيلومترات وهناك مساحة اثنان وعشرون الف كيلو متر مربع من البحر قبالة الشواطيء اللبنانية لم تجر سابقا محاولات اكتشافها ووضعت علامة لكل بلوك، ويفترض أن تؤمن الكميات الموجودة ما يناهز تريليون دولار للبنان.
وبحسب تقديرات شركة”يو أس جي أس” هناك ما بين 150 و250 تريليون قدم مكعب من الغاز
وأوضح الشريف أن غالبية المكامن او الحقول ال٣٢ هي خاصة بلبنان، لكن هناك حقل فيه مساحات مشتركة مع منطقة قبرص الاقتصادية، وآخر مع الأراضي المحتلة، ويمكن البدء باستخراج النفط في الحقول العديدة التي ليس عليها إشكالات، على أن تحل الإشكالات مع الدول المجاورة لاحقا، مع العلم أن اتفاقا تم بين لبنان وقبرص على الحدود المشتركة.
ورأى الشريف أن المرحلة التالية هي إصدار قانون الهيئة المولجة بالإشراف على استخراج النفط، ثم يصبح على الوزارة أن تدعو الشركات المهتمة بالنفط في لبنان لطاولة اسمها License Round التي بموجبها تتقدم الشركات الراغبة بالعمل وفق تحديد كل شركة لشروطها، وبعد ذلك تجري بحوث تستغرق بين 3-4 أشهر كي يتم إجراء عقد مع واحدة من الشركات أو أكثر، والمباشرة بالعمل، وهذا يستغرق بتقديري بين ٧-٨ أشهر لتتهيأ الشركة إحضار الحفارة، التي تعمل على مياه عميقة، وهي غير موجودة بين أيدينا ولا يمكن إحضارها بسهولة. وهي تكلف نصف مليون دولار يوميا، وثمنها نحو ملياري دولار، ونقلها إلى البحر المتوسط يكلف 40-50 مليون دولار.
معطيات تقنية في ضوء أبحاث وتنقيب الشركات المختصة
المكامن والحقول النفطية اللبنانية التي حددتها الأبحاث والتنقيبات بالبعدين (خطوط) والثلاثة أبعاد (دكناء)
يفيد تقرير صادر عن وزارة الطاقة والمياه أن الوزارة طالما أدركت وجود كميات هامة من الهايدروكاربون في البحر، ومولت الكشف بواسطة مسح بالبعد الثنائي والثلاثي تحضيرا للبدء بعمليات التلزيم. ويفيد التقرير ان هناك ثلاثة تجارب اهتمت بالبحث عن وجود النفط في البحر قبالة لبنان.
جيكو براكلا Geco Prakla
من تجارب البحث ما قامت به شركة “جيكو براكلا” الأوروبية المتخصصة بالمسح في البحار. تفيد أبحاثها بأن هناك 460 كيلومتر مربع جرى مسحها بالبعدين عام 1993 لجهة الشمال اللبناني
شركة “سبكتروم” Spectrum
أجرت الشركة البريطانية بين عامي 1975 و2002 مسوحات بالبعد الثنائي وقد غطت أعمالها مساحة خمسة آلاف متر مربع، ووضعت الشركة تقريرا مفصلا عن
طبيعة طبقات أرض حوض شرقي المتوسط بعد بحوث طويلة بدأت سنة 1996، استخدمت فيها تقنيات التنقيب الحديثة، وأجهزة التخطيط الطبقي المتطورة. وخلص التقرير إلى أن حوض شرقي المتوسط يتكون من طبقة رسوبية سميكة، وفيها صخور تعود لمائة مليون عام. خلال هذه المدة، حدثت في جوف الأرض ترسبات، وارتفاعات، وعمليات تكتونية خلقت نظاما ملائما لتكوّن وتصيد المواد الهايدروكاربونية. وأكد التقرير أنه انطلاقا من الشاطي اللبناني والسوري، اكتشفت مناطق بترولية متكونة بين العصرين الترياسي (ظهرت فيه الزواحف والثدييات) والترتشوري (بدأ فيه تكون سلاسل الجبال الكبرى كالألب وهملايا).
بي جي أس Petroleum Geo-Services (PGS)
أما معطيات شركة “بي جي أس” النروجية، فتغطي مساحة 8800 كيلومتر مربع، عبر المسح بالبعد الثنائي بين أعوام 2008 و2011، استكملت بمسح ثلاثي الأبعاد غطت أعمالها مساحة 6400 كيلومتر مربع بين 2006 و2012
وحدد تقرير الشركة مواقع عدة في محاذاة الساحل اللبناني تحتوي على كميات مؤكدة من الغاز والنفط، تبلغ حوالى 25 تريليون قدم مكعب من الغاز على الأقل، و80 تريليون على الأكثر، وملياراً ونصف مليار برميل من النفط الخام.
وتقدر قيمة كل تريليون قدم مكعب بنحو 12 مليار دولار وإذا كان نصيب لبنان من الغاز 25 تريليوناً فإن ثروته تقدر بنحو 80 مليار دولار. أما إذا كانت الثروة 300 تريليونا، فالتقديرات تتجاوز الـ 960 ملياراً.
بالاضافة الى ذلك، فإن كل تريليون قدم مكعب من الغاز يغطي إنتاج خمسة آلاف ميغاواط من الكهرباء، وبالتالي فان لبنان بسبب موقعه على حوض البحر المتوسط، يمكنه ايضا ان يخطط لكي يصبح مصدرا للطاقة الكهربائية في المنطقة من خلال شبكات الربط التي ينتمي إليها.
الملف العالق: اسباب وتبريرات
في ظل التأخر عن البدء بعمليات التنقيب، وفي الوقت الذي قطعت فيه قبرص والسلطات الإسرائيلية أشواطا في التنقيب العملي، يتساءل اللبنانيون عن أسباب تردد سلطات بلادهم في البدء بطرح عمليات التلزيم.
التساؤلات عن التأخير تشمل تشكيل “الهيئة الوطنية للنفط” المولجة الإشراف على التنقيب، وهي هيئة مركبة بشكل متواز مع تركيبة السلطة اللبنانية، أي أنها تركيبة تتمثل فيها الطوائف، ومن هنا يظهر شك في خلافات طائفية تؤخر الإعلان عن الهيئة.
وتشمل التساؤلات أيضا عملية ترسيم الحدود بين لبنان وقبرص من جهة، لكن هذا الأمر تم التوافق عليه بين السلطات اللبنانية والقبرصية، ومع سلطات الكيان الاسرائيلي من جهة ثانية، والتي يتعذر الحوار معها على تحديد الحدود كون لبنان يعتبر إسرائيل كياناً معاديا، مع العلم أن المساحة المختلف عليها تناهز السبعة كيلومترات المربعة.
مع العلم أن اجتماعا ثلاثيا أمميا (اليونيفيل)-لبنانيا- اسرائيليا عقد في 13 تموز 2011، وأكد لبنان فيه على إسناد ترسيم الحدود للامم المتحدة، وأرسل ملفا كاملا تضمن خرائط ودراسات أكدت على حقوقه.
ولاستيضاح الموقف، وأسباب التأخير، إتصلت “الميادين نت” بمكتب وزير الطاقة والمياه اللبناني جبران باسيل، الذي رد ببيان أكد فيه أن “مرسوم المنطقة الإقتصادية الخالصة قد أقرته الحكومة وأي إعادة بحث للموضوع يستوجب أن يكون له مبررات كافية وطنية، وسياسية، وديبلوماسية، واقتصادية، وقانونية ولفت إلى أن موضوع النفط والحدود البحرية للبنان هي مواضيع دقيقة وهامة ونحن نتقدم بها إلى الأمام”.
وأشار إلى أن “لبنان أخطأ في السابق، وإسرائيل إستفادت من هذا الخطأ، وهي تعتدي على حدودنا وترسم خطاً داخل منطقتنا الإقتصادية الخالصة، مشيراً الى أن “هناك الكثير من المشاكل مع إسرائيل لكن هذا الموضوع هادئ لأن من مصلحة إسرائيل تركه هكذا”.
وأعلن البيان أن لدى وزارة الطاقة شركة دولية إشترت معلومات، وإستثمرت أموالاً من أجل المشاركة في موضوع النفط والغاز في لبنان وعلى رأسها الشركات الأميركية، وهي مهتمة بشكل كبير بهذا الموضوع”.
والقى باسيل باللوم على الدولة اللبنانية لأن “الكثير من الدول لديها نزاعات حدودية فيما هي تعمل على استخراج ثرواتها، والمثل قبرص وإسرائيل”، في إشارة منه إلى “التأخر في إصدار مرسوم هيئة قطاع النفط”، ذاكرا أنه “منذ عام أُرسل (المرسوم) إلى الحكومة، وأقرته، وإنطلقت عملية التنقيب خلال شهر واحد منذ العام 2012 وقد مرت بـ 27 محطة، وكل محطة تضمنت الكثير من العمل، والآلية إنتهت منذ حوالي الشهرين، وتم تبليغ كافة الأطراف المعنية بالموضوع وبالمعلومات اللازمة وكان هناك إنتظار. التأخير في التنقيب عن الفط غير مبرر ويجب التعجيل في تعيين هيئة ادارة قطاع البترول لأن كل المراسيم جاهزة ومترجمة أيضا”.
وأعلن باسيل عن تبلغه أول “إسم “في هيئة إدارة قطاع البترول، آملا ان يكون هذا الموضوع بادرة لحل قضية التعيينات في هذه الهيئة، كما أكد ان “هناك إمكانات واعدة على مساحة 22 الف كيلومتر مربع على إمتداد مياه لبنان، وليس فقط في الجنوب”، مشيرا الى ان “عمليات المسح مستمرة”، معلنا “أننا نكتشف يوما بعد يوم امكانيات لبنان الكبيرة”.
قوانين ترسيم الحدود: قانون البحار
تعتبر معاهدة “موتنيغو باي” Montego Bay للأمم المتحدة سنة 1982 أحدث قانون لتحديد الحدود البحريّة، وبحسب قاموس مصطلحات القانون الدوليّ، فالحدود البحرية هي الخطّ الذي يحدّد بداية الأقاليم التي تعود لدولتين متجاورتين ونهايتها.
أمّا الدور الذي تلعبه الحدود فهو متغيّر حسب المناطق والعصور: فبين دول الشنغن مثلا ما هي إلا حدود سياسيّة وقانونيّة لا تقف حاجزاً أمام تنقّل الأشخاص والأموال. أمّا بين الكوريّتين فتراقبها جيوش، وتخطّيها يؤدّي إلى منازعات.
وتحديد الحدود البحريّة يعني وضع الحدود بين منطقتين بحريّتين متشاطئتين. وهذا التحديد عادة يأتي نتيجة لمفاوضات بين الدول المعنيّة، وتخضع لأنظمة القانون الدوليّ للبحار حسب اتّفاقيّة “موتنيغو باي”.
أما ترسيم المنطقة الاقتصاديّة الخالصة، فهو مفهوم كُرّس في الجزء الخامس من اتّفاقيّة “موتنيغو باي”، إلاّ أنّها لم تعرّفه بشكل محدّد، وإنّما جاء التعريف بشكل غير مباشر عندما نصّت على أنّه يخضع لنظام قانوني خاص يختلف عن المياه الإقليميّة وأعالي البحار، مع العلم أن المنطقة الاقتصاديّة الخالصة تمتد حوالى 200 ميل ابتداءً من الخطّ الأساسيّ قرب الشاطئ بحسب المادّة 58 من الإتفاقيّة الدولية.
عضو لجنة الأشغال العامة البرلمانية اللبنانية النائب خضر حبيب
وفي سؤال وجه إلى عضو لجنة الأشغال العامة النائب خضر حبيب حول ترسيم الحدود المتعلقة بلبنان، قال:
“إننا في لجنة الأشغال قدمنا مشروعا لترسيم الحدود البحرية، وقد وافقت عليه الهيئة العامة النيابية وذلك لترسيم الحدود بين لبنان وكل من سورية وقبرص والأراضي المحتلة. كان هناك اتفاق بين لبنان وقبرص لترسيم الحدود البحرية ارسل الى مجلس الوزراء في 13 ايار 2009، ووفقا لقانون البحار، طلب لبنان من اليونيفيل ترسيم الحدود البحرية، ولانه لم يسبق لليونيفيل ان قامت بترسيم الحدود البحرية في اي مكان في العالم، فقد تحفظت على الموضوع. وقد ارسلت الحكومة الملف الى الامم المتحدة. هناك مشكلة مع السلطات الإسرائيلية وهي غير موقعة على قانون البحار، ولا تعترف به، وترفض الإلتزام به، وذلك كي لا تلزم نفسها بأي نقطة بحرية معينة، وهي خارجة على القوانين والقرارات الدولية”.
وفي سؤال إلى مدير شركة “وايلد كات” عبد الفتاح الشريف عن تأثير الوضع الأمني في لبنان على المستثمرين لاستخراج النفط من بحره، يقول الشريف إن “الحقول النفطية اللبنانية تقع في البحر وتمتد إلى مسافة بعيدة عن الشاطيء، وإذا استقدمت شركة حفارة، فيمكن خدمتها من الشاطيء اللبناني، وإذا كان ذلك متعذرا لأسباب أمنية، يتم الانتقال لخدمتها من الشاطيء القبرصي، وهذه تقنية بسيطة واعتيادية في أعمال الحفر. من هنا أرى أن الأوضاع الأمنية لن تؤثر على استخراج النفط اللبناني”.
إشكاليات إقليمية أخرى
وعلى غرار الحدود اللبنانية، ظهر أن إشكالات مشابهة تواجهها كل من مصر في حدودها مع السلطات الإسرائيلية، وتركيا في حدودها مع قبرص. وتقوم إشكاليات بين مصر والدولة العبرية على صعيد ترسيم الحدود، وتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بسبب وقوع حوض ليفياثان كله داخل مروحة النيل، وجبل إراتوستينس، وبذلك يعتبر أن لمصر حصة بنسبة كبيرة فيه، كما يذكر أن حقل ليفياثان الذي اكتشفته إسرائيل 2010 هو أقرب إلى دمياط فهو يبعد 190 كم شمالها بينما يبعد 235 كم عن حيفا.
وتدخل سورية في صراعات الغاز ليس فقط من حيث تقاطع منطقتها الاقتصادية الخالصة مع الدول المجاورة، ولكن كونها قد غدت مرشحة لأن تكون بؤرة التجميع للإنتاج في دول مجاورة، وذلك بناء على القرار الذي اتخذته إيران ووقعت اتفاقيات بشأنه لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في يوليو 2011، وهو ما يفسر جزئيا حجم الصراع على سورية ولبنان وبروز دور فرنسا التي تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقة نفوذ تاريخية لها.
غير أن الأكثر سخونة في التهاب بؤرة الصراع في شرق البحر المتوسط هو ما يتعلق بثلاثي العلاقات التركية القبرصية الإسرائيلية، وخاصة بعد إقدام إسرائيل وقبرص في ديسمبر 2010 على توقيع اتفاق حدود بحرية، وبدأت قبرص من ناحيتها بالاستكشاف في منطقتها بالتنسيق مع إسرائيل ومن خلال شركة نوبل إنرجي، وارتكزت تركيا على أنه لا ينبغي على قبرص أن تقوم بالاستكشاف من دون أن تحل قضية انفصال الجزء التركي منذ 1974 أو تعلن تقاسمها أي موارد مع الجزء التركي، بل ذهبت إلى أنها ستقوم بالاستكشاف في المنطقة ذاتها التي تقوم قبرص اليونانية بالاستكشاف فيها، حتى لو تطلب ذلك مرافقة سفن حربية، ولهذا قامت بتوقيع اتفاق مع قبرص التركية يخولها نيابة عنها بهذا الاستكشاف، ويظل التوتر قائما طالما لم تحل القضايا العالقة.
أما بخصوص إشكاليات محتملة بين مصر وتركيا مع لبنان، فيوضح الشريف أن ليس هناك أي تماس بين حقول البلدان المذكورة، وبالتالي ليس من إشكاليات حدود تحتاج لحل بالترسيم.