تباينات داخل تيار “المستقبل” على كيفية التعاطي مع مرحلة ما بعد التسوية
موقع النشرة الإخباري ـ
أنطوان الحايك:
مع انخفاض منسوب التوتر الدولي وترحيل مشروع الضربة الأميركية لسوريا إلى أجل غير مسمى، عاد الحديث في أروقة السياسة المحلية عن إمكانية ادارة محركات رئيس الحكومة المكلف تمام سلام للبدء بتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، في ظل سجالات تدور داخل البيت المستقبلي، وهي تتمحور حول ضرورة البدء باجراء عملية اعادة تموضع واسعة لتخفيف الخسائر السياسية والمعنوية، التي قد تتحول إلى هزائم سياسية بكل معنى الكلمة، أو البقاء في نفس المربع وانتظار المزيد من التطورات التي قد تأتي لمصلحة تيار “المستقبل” وسائر الحلفاء الدائرين في فلكه السياسي والتنظيمي.
أصحاب النظرية الأولى، وهم الأكثر عقلانية، بالنسبة لبعض قيادات التيار تدعو إلى عدم الاستمرار بالرهانات على متغيرات تتطيح بنظام الرئيس السوري بشار الأسد على اعتبار أن المسار الاقليمي تبدل منذ سقوط مدينة القصير، كما أن الولايات المتحدة الأميركية غير مستعدة لشن حرب مدمرة في هذا الظرف الحساس، بل تسعى إلى تسويات وصفقات تؤمن لها مصالحها الاستراتيجية، وبالتالي فإن لعبة الأمم تقضي بالاعتراف بإن العاب الكبار عادة ما لا تتقاطع ومصالح الصغار بحسب التعبير، فالتجارب المستمرة منذ انشاء تكتل الرابع عشر من آذار ودورانه في الفلك السعودي- الأميركي تؤكد بأن هذا الفريق لم يكن يوماً الرابح، بل على العكس تماماً فإنه لم يتمكن من استثمار أي انجاز أو أي حدث وتوظيفه لمصلحته، بدليل أن التطورات الممتدة منذ انقلاب السابع من أيار غالباً ما صبت في خانة الخصوم السياسيين المنضوين تحت لواء محور المقاومة.
هذا لا يعني، بحسب هؤلاء، أن المطلوب الانقلاب على الواقع، انما اعادة النظر في المسار التنازلي والبحث عن الأسباب الحقيقية التي قد تكون كامنة في التحالفات الاقليمية والدولية، فواشنطن التي تخلت عن أمير قطر ورجله الأقوى بأسرع مما تصوره البعض لمصلحة نجله، وهو لا يتمتع بالخبرة الكافية لادارة الأزمة في هذه المرحلة المفصلية، لا يصعب عليها أن تتخلى عن السعودية وحلفائها في لبنان، فها هي تعمل على تدوير الزوايا وتؤسس إلى تسوية لن تأخذ بالاعتبار فريق سياسي هو أشبه بالاداة منه إلى الرقم الصعب.
في المقابل يدعو أصحاب النظرية الثانية إلى اعتماد المزيد من التشدد، طالما أن هذا الفريق لم يعد يملك شيئاً هاماً ليخسره، فضلاً عن الأزمة السورية ما زالت في منتصفها، وبالتالي فإن غبار التسويات لم ينجل بعد ومن الحكمة الانتظار لما يمكن أن تؤول اليه المسارت، خصوصاً أن المجتمع الدولي لن يقبل بانتصار كامل لمصلحة النظام السوري، وبالتالي فإنه من المبكر الحكم على المبادرة الروسية والبناء عليها قبل معرفة نتائجها.
ويرى هؤلاء أن على تيار المستقبل والدائرين في فلكه اقتناص فرصة الارباك السائد في الأوساط والكواليس، والضغط على الرئيس المكلف لاعلان تشكيلة الأمر الواقع، أو بأضعف الايمان تشكيلة تميل لمصلحة قوى الرابع عشر من آذار، خصوصاً أنه في حال التثبت من أن واشنطن تسعى لابرام صفقة على حساب عرب الخليج، وهم يشكلون الفريق الداعم للتيار، فلا بد حينها من البحث عن تعويض لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الساحة اللبنانية المفتوحة على الاحتمالات كافة، طالما أن المعارضة السورية لم تسقط بعد من الحساب الاقليمي.