تأجيلان لافتان
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
تأجيل ربما تقني للقاء المنتظر بين الرئيسين الروسي بوتين والاميركي أوباما إلى الخريف كما أشيع، فعليه تكون الملفات مطوية إلى حينه. واما التأجيل الثاني، فهو لمؤتمر جنيف 2 حتى شهر يوليو، اما المغزى فيفترض استيضاحه، لعل القراءة فيه قد تؤدي إلى معرفة خلفياته.
في التأجيل الأول ثمة فرضية ان المناخ لم ينضج بين الرئيسين اللذين عادت إليهما من جديد تفاصيل اللعبة الدولية ضمن مصطلحات كل منهما، وخصوصا بعد عودة الروس إلى الميدان وتقديمهم عرض قوة وفرض سيطرة.
ثم ان الروس خرجوا من الحلم الممكن إلى الواقع الأكيد .. باتوا على تماس من مصالحهم، بل دخلوا فيها وامتزجوا. لم يعد الاميركي القطب الواحد المالك للكرة الأرضية، صار هناك، الروس والصينيون، بل مجموعة البريكس.
قيادة العالم صار لها مرجعيتها التاريخية وخصوصا من كانوا على تماس مباشر في علاقاتهم ومصالحهم. فسوريا بالنسبة لروسيا ليست عالما جديدا، بل هو في صميم التاريخ الفاعل يوم كان السوفيات قوة الارض إلى جانب الاميركي، وها هي الدوائر تدور من جديد لتعود سوريا في فلك القوي الذي ينصت جيدا لتاريخه الخاص.
نفهم التأجيل بين زعيمي القطبين، على انه علامة ستصيب أكثر الملفات تحديا لهما، وليس في الأفق أكثر من الملف السوري تحديا. الاثنان اذن ينتظران الإخراج المنتظر لمؤتمر جنيف الذي تم تأجيله على ما يبدو لأكثر من سبب، لكن الأوضح ان البلدين ينتظران فرضية الميدان وما سيفرضه ..
ونفهم التأجيل على أنه تطوير لحوار يجري بنجاح بين القطبين .. حوار بعضه ميداني عسكري، وبعضه اقتصادي، وبعضه تركيبي، اي اعادة تقسيم العالم بناء على نظريات جديدة ينظر كل منهما إليها نظرة استفادة منها وليس مجرد احلام وعواطف لا تقرها العلاقات السياسية ولا تعترف بها اصلا دول كبرى مثل روسيا واميركا.
بطبيعة الحال، هنالك فرضية تقوم على التمهيد للقاء زعيمي العالم وخصوصا في مؤتمر جنيف الذي يجري تركيبه بناء على معطيات ثلاثة: أولها الميدان العسكري ونتائجه، وثانيها، الموقف من المعارضة الخارجية التي تريد ولا تريد ان تصل إلى المؤتمر، فيما يحزم الأميركي انها ستصل ولن تترك لقدرها، ولكي تصل فيجب ان تتوحد، هذا الشرط غير المتوفر تسعى الدول الراعية للمعارضة على دعم الحد الأدنى من توافقها كي يكون لها حضور، وبعضهم يقول، ان الدول الراعية هي من يغذي انقسام المعارضة كي لا تحضر المؤتمر في ظل عدم التوافق مع المعارضة السورية الداخلية التي قررت المجيء بروحية التغيير. وثالثها، ان سوريا الآن لم تعد سوريا الأمس، ويجب الاعتراف ان قدراتها ليست عادية، فهي تريد شراء طائرات حربية روسية بمبالغ عالية وقيل انه ستدفع ثمنها نقدا، وهي في الوقت نفسه، تقسط اثمان اسلحة جرى الاتفاق عليها في السابق، والدارسون للاقتصاد السوري يتعجبون من قدرته على الصمود الفذ غير المتوقع رغم الخسائر الهائلة التي احاطت بالمجتمع وبالاقتصاد.
بعد أكثر من عامين، تدخل الأزمة في سوريا ليس كعنوان، بل كعامل تغيير في الشرق الأوسط لصالحه كدولة لاعبة ومقتدرة، ولن ينجح بالتالي ما خطط لها كي تكون ملعبا، لا تعرف سوريا سوى انها سيدة الشرق وليست فقط قلب العروبة النابض.