بيــن 2005 و2013: فـوارق.. وفـراق!.. «14 آذار» في عيد ميلادها.. تطفئ الشموع أم التجربة؟
صحيفة السفير اللبنانية ـ
عماد مرمل:
بأي حال عدتَ يا 14 آذار؟
أغلب الظن، ان هذه العبارة هي لسان حال جمهور هذا الفريق وقياداته، في الذكرى الثامنة لانطلاق ظاهرة «14 آذار» التي بلغت ذروتها السياسية والشعبية في تاريخ ولادتها، لتبدأ بعد حين عدها التنازلي، الى ان جاء يوم أصبح فيه الاحتفال بالذكرى يقتصر على زيارة اضرحة الشهداء، والاستماع لمن تيسر من الخطباء، حتى بات يصح التساؤل عما إذا كانت «14 آذار» ستطفئ في عيد ميلادها الشموع ام التجربة؟
فوارق كثيرة وعميقة بين 14 آذار 2005 و14 آذار 2013، حتى يكاد المرء يخال ان تاريخ المناسبة هذا العام التبس عليه:
من «المد» الجماهيري في وسط بيروت الى «الجزر» في قاعة مغلقة في البيال.
من مروحة سياسية واسعة تتسع لميشال عون ووليد جنبلاط ونجيب ميقاتي ومحمد الصفدي الى ضمور تمثيلي مع انتقال هؤلاء الى ضفة أخرى.
من جسم مرصوص ومتماسك الى تصدع ظاهر للعيان، تمثل في النفور او الفتور بين حزبي «القوات» و«الكتائب» من جهة و«المستقبل» من جهة أخرى، بعدما افترقت الحسابات في لحظة تحديد الاحجام.
من مشروع سياسي واحد الى انقسام في الرؤى والمصالح عبّر عنه الخلاف على قانون الانتخاب ابلغ تعبير.
من الحضور الثابت في السلطة بأشكال مختلفة، الى الابتعاد القسري عنها.
من الإمساك بالشارع وقيادة ناسه الى التراجع امام تنامي التيارات الاسلامية والسلفية.
من وجود «الرمز» سعد الحريري قرب جمهوره وحلفائه الى هجرته المفتوحة التي تركت فراغا كبيرا، «أغوى» الكثيرين وحرضهم على ملئه.
من رعاية اللواء الشهيد وسام الحسن الذي كان بمثابة أحد العقول الامنية والسياسية المدبرة لفريق 14 آذار الى غيابه المدوي والمؤثر، لدرجة ان البعض اختار منذ لحظة الاغتيال عدم مغادرة مقر إقامته، إلا للضرورة القصوى.
من الدور الطليعي للمستقلين الذين شكلوا رافدا اساسيا، عند ولادة «14 آذار»، الى محاولة الكبار اختزال الأدوار.
أشياء كثيرة تغيرت في «14 آذار»، قياسا الى الطبعة الأولى، باعتراف أبناء التجربة ومناصريها، ولعل الذكرى الثامنة للانطلاقة ستكون بمثابة «مرآة» تعكس هذه الحقيقة، وتضع المعنيين بها أمام محك المراجعة النقدية الجريئة.
تقول إحدى الشخصيات الآذارية البارزة ان ابرز نقاط الضعف الحالية في جسم هذا الفريق تتوزع على الشكل الآتي:
– صعوبة التواصل، لاعتبارات أمنية فرضتها الاغتيالات المتلاحقة، بحيث يتجنب معظم قادة «14 آذار» استخدام الهاتف او التحرك العلني، وباتوا في احيان كثيرة يتكلون على الحمام الزاجل والمناورات الامنية للتشاور، ما أوجد خللا في التنسيق.
– الغياب الاضطراري للرئيس سعد الحريري، الامر الذي أوجد فجوة سياسية وقيادية في بنية «14 آذار».
– انزلاق بعض «قوى 14 آذار» الى المزايدة على العماد ميشال عون في مسألة مشروع «اللقاء الارثوذكسي»، وهذا الموقف الذي انطلق كمناورة في البداية تحول مع الوقت الى خيار بعدما تبين لـ«الكتائب» و«القوات» انه مربح في الشارع المسيحي، في حين ان «المستقبل» يعتبر هذا المشروع «من الكبائر الوطنية وينطوي على إهانة لاتفاق الطائف والعيش المشترك وعروبة لبنان ولا يمكن القبول به».
– طموح كل مجموعة الى تفصيل قانون الانتخاب على قياسها، في مرحلة تُرك فيها للبنانيين ان يضعوا هذا القانون وحدهم، من دون أي مساعدة خارجية، فاستعصت الخلافات على المعالجة في ظل غياب الوسطاء او الرعاة الخارجيين.
– عدم القدرة على تطبيق شعار العبور الى الدولة، بحيث ظل مجرد فكرة ولم تتوافر له الشروط الكفيلة بترجمته الى واقع.
– المبالغة في المهادنة واعتماد التسويات عندما كانت «14 آذار» في السلطة، فلم تستفد من فوزها بالانتخابات لتحكم على طريقتها، بل خضعت الى أبعد الحدود لمنطق الديموقراطية التوافقية، حتى انها لم تستطع ان تنجز التعيينات بعدما ربطتها بمقتضيات التوافق و«السين سين».
لكن، برغم مكامن الخلل هذه، ترى الشخصية ذاتها ان وضع «قوى 14 آذار» «يبقى أفضل حالا من وضع «فريق 8 آذار»، ويكفي انها تملأ الدنيا وتشغل الناس، ولديها تركيبة شفاقة وديموقراطية تخطئ وتصيب، وأمانة عامة تجتمع دوريا بحضور متنوع، في حين ان 8 آذار تتبع لقيادة شمولية تتمثل في «حزب الله» الذي يقرر وعلى الآخرين ان ينفذوا».
وتعتبر هذه الشخصية ان مظهر التماسك الذي ظهر عليه «فريق 8 آذار» على صعيد قانون الانتخاب لا يعني انه يتمتع بأفضلية على «قوى 14 آذار»، بل بؤشر الى ان مصيبة الخطر المحدق بالنظام السوري جمعت هذا الفريق ووحدته، لمواجهة الآتي الأعظم.
وتتهم تلك الشخصية «حزب الله» بالوقوف وراء طرح «اللقاء الارثوذكسي»، ثم تلقفه العماد عون لاحقا، مشيرة الى انه «طرح خطير»، يتجاوز في محاذيره قواعد اللعبة وحدود المناورة المشروعة، ليعبث بجوهر لبنان.