بعد الخلافات على الحصة المسيحية والدرزية.. حصة الرئيس تثير جدلاً!
على الرغم من الخلافات الكبيرة التي ظهرت أثناء لإستشارات النيابية غير الملزمة، لا سيّما على الحصة المسيحية والدرزية في الحكومة المقبلة، طغت على الساحة عقدة جديدة قد تزيد “الطين بلة” وهي حصة رئيس الجمهورية، لا بل أبعد من ذلك السعي الى تكريس نوع من الأعراف، بحسب صحيفة “الجمهورية” أبرزُها ثلاثة: وزارة المالية من حصّة الشيعة، حصّة وزارية لرئيس الجمهورية، وحصّة وزارية لرئيس الحكومة غير حصّة تيار “المستقبل”. وتوقّعت أن تكون هذه الأعراف “موضعَ خلاف من شأنه تعقيدُ التأليف السريع للحكومة، وأبدت اعتقادها “بوجود رغبة في تخطّي العقَد ووضعِ كلّ الأطراف أمام الأمر الواقع”.
ونقل زوار رئيس الجمهورية عنه لـ”النهار” عدم تحبيذه لتعبير”حصة الرئيس” بل هو يتحدث عن تمثيل وزاري لرئيس الجمهورية عُمِل به منذ الطائف حتى اليوم، وفِي كل الحكومات المتعاقبة منذ عهد الرئيس الياس الهراوي. وهو لذلك يعتبره تمثيلاً محسوماً ومستقلاً عن أي تكتل في الحكومة المقبلة. اما فصل الوزارة عن النيابة، فيعتبره رئيس الجمهورية الْيَوْمَ رضائياً بانتظار اقرار قانون، مذكراً بأن هذا مشروعه وسيكون بنداً أول على طاولة الحكومة المقبلة لاقراره وفرض العمل به.
ونقل الزوار ان لدى الرئيس عون تصوّراً لمكافحة الفساد سيطرحه على الطاولة الحكومية، وسيدعو كل من لديه خطة الى ان يقدمها لتقوم ورشة وطنية جامعة تؤدي الى استئصال الفساد والهدر في مؤسسات الدولة.
في المقابل، أكّدت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية” أنّها “الأشد حرصاً على موقع رئاسة الجمهورية ودورِ الرئيس ووزنِه، وإلّا لَما عبَّدت الطريقَ أمام العماد عون للوصول الى قصر بعبدا، بل فعَلت ذلك لإيمانها بوجوب أن يتمتّع الرئيس بحيثية داخل بيئته السياسية ويُجسّد تطلعاتها، لا أن يكون منفصلاً عن البيئة التي أوصَلته. فنحن مَن أوصَلنا الرئيس عون من خلال تفاهمِ معراب، ونؤمِن بهذا التوجّه الذي يجب أن تُبنى الأمور عليه. لذلك، القوى السياسية التي أوصَلت الرئيس تشكّل قوّةَ ارتكاز للعهد، ونحن جزء لا يتجزّأ من قوّة الارتكاز للمرحلة السياسية الجديدة”.
وأضافت المصادر: “بكلّ بساطة، رئيس الجمهورية هو مَن عارَض بنفسه في أكثر من إطلالةٍ له إعطاءَ رئيس الجمهورية حصّةً داخل الحكومة، معتبراً أنّ كلّ الحكومة هي حصته، ونحن نقول إنّ الرئيس ينتمي إلى تكتّل نيابي وله حيثيةٌ شعبية كبرى، وبالتالي حصتُه يجب أن تعكس وزنَه النيابي الذي يرتبط مباشرةً به وخِيضَت الانتخابات على هذا الأساس”.
وتخوَّفت المصادر من “أن يكون الوزير باسيل يريد وتحت هذا العنوان ضربَ علاقة «القوات» مع العهد عبر التحايل في هذه المسألة واحتسابِ حصّة القوات 3 وزراء واحتساب حصّتِه واللجوء إلى تضخيم حصّة الرئيس من خلال شخصيات تنتمي إلى خط باسيل السياسي على حساب الشراكة والمساوة والتوازن داخلَ الحكومة وعلى حساب ما أفرزَته الانتخابات”.
وشدّدت المصادر على “ضرورة احترام تفاهمِ معراب الذي فتحَ طريق بعبدا وقضى بالمساواة وعلى وجوب عدم الالتفاف على أصوات الناس ورأيهم في الانتخابات”. وقالت: “مِن هنا يأتي حرصُنا في هذا السياق، فنحن متمسّكون بدورنا في الحكومة الجديدة لأنّنا نستطيع من خلال حجمنا متابعة دورنا الإصلاحي والسيادي، ومحاولةُ الالتفاف على حجمنا الوزاري تهدفُ إلى منعِنا من استكمال هذا الدور.
ولفتت صحيفة “الديار الى انه ما من نص دستوري يعطي رئيس الجمهورية حصّة وزارية، كذلك، ما من نص يحصر الوزارات السيادية بطائفة معينة، وذلك وفق المرجع نفسه، الذي لفت إلى أن اتفاق “الدوحة” وهو ليس دستوراً كان قد نص على تخصيص حصّة وزارية للرئيس السابق ميشال سليمان لأنه لم يكن يملك كتلة نيابية، ولذلك، فإن تطبيق هذا الإتفاق في السنوات الماضية، لا يرتقي إلى مستوى العرف الذي يطبّق في عهد الرئيس ميشال عون. وأشار المرجع الى ان دور رئيس الجمهورية أساسي في عملية تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الحكومة المكلّف، ولكن على الرئيسين الحرص على تطبيق الدستور، وعدم الإنزلاق إلى شروط ومطالب كثر الحديث عنها منذ الإنتخابات النيابية، تخصّص لكل كتلة نيابية كمية من الحقائب الوزارية وفقاً للحسابات السياسية فقط، وليس انطلاقاً من الأوضاع الميدانية.
وخلص المرجع الدستوري، إلى أنه على الرغم من التعاون الواضح ما بين الأطراف السياسية على إنجاز التشكيلة الحكومية من أجل تحصين الساحة اللبنانية، فإن التفاهم لا يبدو قريباً أو ممكناً وفق المعطيات المتداولة، لأن معضلة التمثيل العادل والصحيح، قد تحوّلت إلى وجهة نظر وإلى اجتهادات سياسية بعيداً عن النصوص الدستورية التي تكفل في حال تطبيقها أن تولد الحكومة العتيدة قبل عيد الفطر، وقد لفت مصدر وزاري لـ”الديار” ان ما حصل من تفاهم بين الرئاسات الثلاث وبين كل من احدهما والآخر، سيساهم في حلحلة بعض التعقيدات على مستوى توزيع الحصص والحقائب، الا ان هذا التفاهم لا يعني ان الكثير من المطبات الاخرى، والمتصلة بسقوف الكتل النيابية والقوى السياسية يمكن تجاوزها بسهولة، على غرار ما يعتقد البعض حتى ولو لم تكن هناك تدخلات خارجية على خط عملية التأليف من السعودية او غيرها.
وكانن لافتاً أمس، في موضوع تشكيل الحكومة الزيارة التي قام بها الحريري الى قصر بعبدا، وأشارت صحيفة “النهار” الى ان الحريري لم يحمل اَي مسودة بل أطلع الرئيس عون على حصيلة استشاراته النيابية، وتداولا كل الأفكار والطروحات المحيطة بعملية التأليف وبحجم الحكومة وتركيبتها.
وقالت مصادر مطّلعة لـ”الجمهورية” إنّ البحث بين عون والحريري تناوَل أولى الصيغتين المحتملتين من 26 و32 وزيراً بالاستناد الى القاعدة التقليدية المعتمدة في صيغتَي الـ 24 والـ 30 وزيراً قبل إضافة المقعدَين العلوي والأقلّيات اللذين يطالب بهما رئيس الجمهورية، وهو سبقَ له أن قطعَ وعداً بذلك منذ تشكيل الحكومة السابقة بعد انتخابه رئيساً للجمهورية”. وأشارت الى أنّ عون والحريري “تفاهما مبدئياً على الصيغة التي ستُعتمد لتوزيع الحقائب السيادية الأربعة من دون الحديث عن أسماء، في اعتبار أنّ أيّ تفاهم حول الحصص يجب أن يستبق مرحلة إسقاط الأسماء عليها”.
وذكرت “الجمهورية” أنّ عون تَوافقَ والحريري على بعض الثوابت التي ستحكم التركيبة الحكومية الجديدة، ومنها:
– طريقة توزيع الحقائب الخدماتية بعد السيادية من دون الحديث عن أيّ أسماء مقترحة في هذه المرحلة، ولا حديث مقبولاً عمّا يسمّيه البعض “إقصاء” لأيّ مكوّن نيابي.
– الحصص الحكومية باتت محسومة وفقاً لِما سُمّي “الصيغ السابقة”، ولا نقاش في تمثيل رئيس الجمهورية خارج منطِق حصص الكتل النيابية المختلفة أياً كانت هويتها السياسية والحزبية.
– التفاهم على إبقاء الاتصالات مفتوحة بعد عودة الحريري من المملكة العربية السعودية، وهو قد استأذنَ رئيسَ الجمهورية القيام بهذه الزيارة للقاء عائلتِه وتأديةِ مناسك العُمرة في مكة.
– عدم التدخّل لدى أيّ كتلة نيابية أو فريق بما يعني الفصلَ بين النيابة والوزارة، فالقرار يعود للأحزاب والكتل النيابية التي ترغب بتطبيق هذا المبدأ.
وقالت مصادر تيار المستقبل لـ”اللواء” انه من المتوقع ان يعكف الرئيس الحريري في الأيام المقبلة، على بحث ودراسة كافة الخيارات المتاحة امامه، ولجوجلة كل الأفكار والآراء التي استمع إليها خلال مشاوراته مع الكتل النيابية من أجل ان يبني على الشيء مقتضاه، ناقلة عنه تفاؤل بإمكانية الوصول إلى حلول لكل الأمور، وان لا تطول مرحلة التكليف، واعتبرت ان تفاؤل الحريري يأتي من منطلق معرفته بأن لا مصلحة لأحد المناورة وتضييع الوقت الذي تحتاجه الحكومة المقبلة من أجل إنجاز الكثير من الاستحقاقات المنتظرة سياسياً واقتصادياً ومالياً، خصوصا وان هناك التزامات دولية واضحة على لبنان تنفيذها بحرفيتها في أقرب وقت ممكن.
في المقابل، أشارت “النهار” نقلاً عن زوار الرئيس تأكيده السعي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل المكونات البرلمانية، نسبياً وبحسب حجم كل كتلة، بعيداً من المبالغة في الاحجام والحصص، مشدداً على أنه لا توجّه لاستبعاد أي مكوّن ممثل في المجلس الا اذا لم يرتح فريق الى المشاركة فيمكن ان يكون في المعارضة، وبذلك يستوي النظام الديموقراطي بأكثرية تحكم وأقلية تعارض.
وعلى خط عين التينة، اكتفى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقول عن عملية تأليف الحكومة إنه بعد الانتهاء من الاستشارات النيابية يجب على المعنيين العمل بعيداً من الشاشات واتباع قاعدة “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”.
في هذا الوقت، لا يزال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط على تمسكه بالحصول على الحصة الدرزية كاملة أي ثلاث وزارات من دون زيادة أو نقصان. وقال لـ”النهار”: “نطلب مطلباً شرعياً نتيجة الانتخابات لا اكثر ولا أقل “. ودعا كل من يهمه الامر الى احترام حصيلة ما حققه التقدمي في هذا الاستحقاق. وكشف انه لم يفاتح بقبول التخلي عن حقيبة درزية مقابل تسميته شخصية مسيحية. ولم يبد حماسة لهذا الطرح.
و تحدثت صحيفة “الجمهورية” عن نصائح ديبلوماسية تدعو المعنيين إلى التروّي في تأليف الحكومة العتيدة لأنّ في الأفق ما يشير إلى احتمال بروز تطوّرات على الساحة الإقليمية تستوجب مواجهتها بحكومة وحدة وطنية، كما علِم أنّ قريبين من الرئيس المكلّف سعد الحريري أسدوا النصحَ إليه بوجوب التروّي وعدمِ التسرّع في إعلان أيّ حكومة خشيةَ من أن يؤدي التأليف السريع إلى خلقِ معارضةٍ شعبية إلى جانب المعارضة النيابية.
في معلومات لـ”الجمهورية” أنّ مرجعيات ديبلوماسية رفيعة تهمّها مصلحة لبنان واستقراره، نصَحت المسؤولين اللبنانيين بالتروّي في تأليف الحكومة، إذا كان تأليف حكومة وحدة وطنية غيرَ متيسّر في وقتٍ سريع، لأنّ التطوّرات المقبلة في لبنان والمنطقة تتطلّب وحدةَ الموقف اللبناني، والتطمينات التي أعطتها الدول الكبرى للبنان في شأن إبقائه بمنأى عن تداعيات ما يحصل في سوريا، يفترض حسب هذه المرجعيات الديبلوماسية، أن تترافق مع شعور بالمسؤولية لدى السلطات اللبنانية، إذ إنّ هذه التطمينات ليست ضمانات.
ولكنّ المصادر المطلعة على الظروف التي تتمّ فيها عملية التأليف تجزم بأنّ “حكومة الأمر الواقع سيكون لها تداعيات ليست في مصلحة البلاد التي تواجه أخطاراً وتهديدات إقليمية”.