باريس تعزز موقعها في شرق المتوسط
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أنه سيتمّ نشر طائرتين من طراز “بريغيه اتلانتيك2” للدوريات البحرية في قبرص للقيام بعمليات في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي طائرة دورية بحرية بعيدة المدى تمّ تصميمها وتصنيعها بواسطة شركة “بريغيه” للطيران، والتي تستخدم لمواجهة السفن السطحية والغواصات. تمّ إنتاج نسخة معدلة “أتلانتيك 2” أو “أتل 2” من قبل شركة “داسو” للطيران للبحرية الفرنسية في الثمانينيات وعرضت أيضاً على ألمانيا كحلّ مؤقت حتى تمّ بناء طائرة الدوريات البحرية الجديدة “موس” بالاشتراك مع برلين.
وبحسب مراقبين، ليست هذه هي المرة الأولى التي يرسل فيها الإليزيه قواته إلى هذا القطاع من البحر الأبيض المتوسط، فقد شوهدت طائرة “رافال” في قبرص وكريت كجزء من مهمة الاتحاد الأوروبي للسيطرة على الجزء المركزي من البحر الأبيض المتوسط. ولضمان الحظر المفروض على الأسلحة إلى ليبيا، هبطت طائرة “أتلانتيك 2” في قاعدة “سودا” الجوية في تشرين الثاني الماضي. وبهذه المناسبة، أتاح وجود طائرات الدوريات البحرية في الجزيرة اليونانية أيضاً جمع معلومات عن شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تنشط تركيا بشكل عدواني وخطير.
وبحسب المراقبين، فإن المهمة الرئيسية لهاتين الطائرتين هي على وجه التحديد مراقبة التحركات البحرية التركية المثيرة للقلق. لكن الإليزيه له هدف دبلوماسي بحت آخر وهو زيادة تعزيز العلاقات مع اليونان والعمل كحصن في دفاعها ضد أي عدوان تركي محتمل. في العام الماضي، خرجت باريس من المأزق بالانحياز العلني لأثينا عندما قرّرت إرسال مجموعة من مقاتلات “رافال” إلى سلاح الجو اليوناني. فبعد كل شيء، لدى باريس “مناطق نفوذ” صغيرة خاصة بها مثل الملف الليبي الذي تمّ إنشاؤه عملياً من قبل الإليزيه، الذي قرّر بشكل أحادي تقريباً شنّ العدوان على ليبيا. وحتى اليوم، تولي باريس اهتماماً خاصاً لما يحدث في ليبيا، وظهرت أولى الخلافات المفتوحة مع تركيا في البحر تحديداً بعد الاهتمام باليونان. تعزّزت العلاقات بين باريس وأثينا بشكل أكبر في أيلول من هذا العام، عندما وقع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتفاقية عُرفت باسم “أوكوس” البحر الأبيض المتوسط، حيث ستسلم فرنسا بموجبه ثلاث فرقاطات من فئة “إ فتي أي” إلى اليونان. ستكون هذه الوحدات قادرة على العمل جنباً إلى جنب مع “رافال”. ولهذه الاتفاقية بالإضافة إلى وضع حدّ للإمكانيات الإيطالية لدخول السوق اليونانية، قيمة دبلوماسية قوية جداً، فهناك بند متوقع يضمن تدخلاً مسلحاً في حالة وقوع هجمات من دولة ثالثة. هذه رسالة ليست خفية للغاية لأنقرة، أكدها وجود زورقي الدورية “أتلانتيك 2” اللذين سيغادران قبرص للسيطرة على هذا الجزء من البحر الأبيض المتوسط.
وبالنسبة لإيطاليا، على الرغم من أنها وقّعت مؤخراً اتفاقية حول المنطقة الاقتصادية الخالصة مع اليونان، فقد أضاعت فرصة فتح جبهة متوسطية جديدة ومهمة كان من الممكن أن تحصل على دور في مراقبة واستقرار هذا القطاع من خلال استغلال الخريطة اليونانية، مع الأخذ في الاعتبار مصالح الطاقة لديها.
وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن فرنسا نشرت في قبرص أيضاً زوارق دورية بحرية مسلحة، وقادرة على أن تكون منصات فعالة في الحرب المضادة للغواصات والحرب السطحية.