ايران وصقور أسرة آل سعود!
التحول في الموقف السعودي خلال الاسبوع الماضي كان مدار الاحاديث والبرامج والمقالات التي ظهرت في الاعلام، والحقيقة ان الامر بدى سؤالاً كبيراً لدى العديد من المهتمين، ما هي اسباب هذا التحول المفاجئ في الموقف السعودي؟
فالمملكة التي رفضت زيارة وزير الخارجية الايراني قبل شهور تدعوه على لسان وزير خارجيتها ـ من الصقور ـ لزيارة الرياض، وتتحدث عن الجوار والعلاقات والمصالح المشتركة! لم تعد ايران “رأس الأفعى” الذي طالبوا أميركا بقطعه، وقد يفكر السعوديون بصرف الـ 850 مليار التي وعدوا “اسرائيل” بها اذا ما ضربت ايران في مجالات اخرى تقي اهل جدة والرياض مياه السيول وكوارثها.
وما يزيد في الغرابة ان الاعلام السعودي وعلى لسان العربية تقول ان الدعوة تأتي على خلفية التقارب الايراني ـ الاميركي! مؤكدة ان المسألة هي مطلب سعودي قبل ان يكون ايرانياً.. وما يؤكد هذه القراءة هو تزامن الدعوة الی الحوار مع یدور من حدیث حول بدء كتابة نص الاتفاق الایراني مع الدول الست الكبری!
لكن السؤال الحقیقي، هوهل بدأ الحوار الایراني – السعودي ام انه ینتظر زیارة الوزیر ظریف للسعودیة؟ فهناك مؤشرات تقول ان الحوار یجري حالیا بعد وساطات قامت بها كل من دولة الكویت وسلطنة عمان بین الطرفین وبعد ان استجابت السعودیة لبعض المطالب الایرانیة في لبنان وسوریا وحتی في العراق، ولعل أهم استجابة كانت في ازاحة بندر بن سلطان من الحیاة السیاسیة السعودیة بعد ان هددت ایران السعودیة بجعل المرحلة أمنیة بامتیاز اذا ما عاد الامیر بندر الی منصبه بعد بقاءه لفترة في امیركا بحجة العلاج..
والحقیقة ان هذه الاستجابة لم تكن فقط بسبب الارادة الایرانیة والامیركیة وبسبب فشل الامیر بندر في العدوان علی سوریا والاطاحة بنظام الرئیس بشار الاسد، وفي العراق والاطاحة برئیس الوزراء نوري المالكي، وفي الیمن والقضاء علی الحوثیین و… فللفشل ” البندري ” قصة اخری!
بل الامر أخطر وأهم من ذلك بكثیر یتعلق بالصراعات داخل الاسرة السعودیة الحاكمة بین الصقور من جهة والحمائم من جهة ثانية، بین من یدعون الی الانكفاء نحو الداخل وتحدیث آلیات الحكم السعودي وعلمنة السلطة، وبین آخرین یرون ان بقاء حكم الاسرة السعودیة رهن بتحالفها التاريخي مع المؤسسة الدينية الوهابية المتزمتة وبدورها الخارجي التبشيري والارهابي.. علما ان الاوضاع الدولیة والاقلیمیة تحاصر توجهات القسم الاخیر ولا تتحمل سیاساتهم اكثر من ذلك..
حتی الفتور في الرد علی تصریحات الامیر سعود الفیصل وزیر خارجیة السعودية والتي تكفلها مساعد وزیر الخارجیة الایراني السید اميرحسين عبد اللهیان، في الحقیقة تهدف الی تدمیر هیكیلیة التطرف داخل الاسرة السعودیة..
ولكن، ما هي الملفات التي سیتناولها الحوار الایراني – السعودي وما هي الملفات التي تريد السعودية الاسراع في البت فيها وحسمها؟
خبراء السعودیة یقولون ان هناك ملفات عاجلة، مثل: الرئاسة اللبنانیة والوضع الیمني، وهناك ملفات مؤجلة تحتاج الی دراسة من قبل الخبراء، مثل العراق وسوریا.. لكن قائمة الخلافات اطول بكثیر من هذه النقاط والموضوعات الاربعة…
وبغض النظر عن اسباب ودوافع السعودیة في الاتجاه نحو التفاوض مع ایران، اعتقد ان هناك تقسیم ادوار امیركي – خلیجي تدیره واشنطن في مواجهة الجمهوریة الاسلامیة لكسب اكبر قدر من الامتیازات لصالح جبهة امیركا وحلفاءها في المنطقة، تتولی السعودیة ولربما بعض البلدان الخلیجیة الاخری وفقاً له الملفات الصغیرة، فیما یتفاوض الكبار علی ما یرونه بحجمهم!
ومهما یكن فان التفاوض يشكل فرصة كبیرة أمام الجمهوریة الاسلامیة ومحور المقاومة والمنطقة وشعوبها بشكل عام بما فيها بلدان الخليج الفارسي العربية لصياغة بيئة جديدة تختلف تنظف ما علق من نفايات السنوات الاخيرة ورماد النار التي اججها اعداء المنطقة وشعوبها…
موقع قناة العالم – علاء الرضائي