اولبرايت وايفانوف: التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا يمكن ان يحل معظم المشاكل الصعبة في الشرق الاوسط
نشرت مجلة “فورين بوليسي” الاميركية على موقعها الالكتروني مقالا لوزيرة الخارجية الاميركية سابقا مادلين اولبرايت ووزيرالخارجية الروسي السابق ايغور ايفانوف، جاء فيه ان مما يثير الدهشة ان مساحة الخلاف على مدى عقدين بعد نهاية الحرب الباردة تجاوزت مساحة الاتفاق بين موسكو وواشطن. وفي ما يلي نصه:
“مما لا ريب فيه ان لدى كل جانب شكواه. وهناك الكثيرون في الولايات المتحدة ممن يعترضون على تصرفات روسيا في فترة ما بعد الحكم السوفياتي، ومن ذلك حث الدول المجاورة على الانضمام الى الاتحاد الجمركي بقيادة روسيا، وكيف يتعامل الكرملين مع القضايا المحلية. ثم هناك الكثيرون في روسيا، من جانب آخر، ممن لا يوافقون على مشروعية التدخل الاميركي، باستخدام القوة العسكرية احيانا، فيما تراه موسكو على انه من الشؤون الداخلية للدول الاخرى.
غير ان الروس والاميركيين يتغاضون مرارا عن المناطق التي تحقق فيها تقدم. ففي السنوات الخمس الماضية، تعاون بلدانا في تخفيض الاسلحة النووية، ومكافحة الارهاب، ورفض انتشار السلاح النووي وترسيخ دعائم استقرار افغانستان. وبعد ذلك فان التاريخ الاخير في “المتابعة”، يدل على انه ما لم نتعمق بشكل واسع في تعاوننا، فان اي تقدم في العلاقات الثنائية سيظل هشا وقابلا للانعكاس. والتنسيق بين موسكو وواشنطن ليس حيويا فحسب لحل بعض المشاكل العالمية الاكثر صعوبة، بل ان كل عمل يتم بالتعاون سوية في هذه القضايا هو عامل مهم في ايجاد الثقة والتفاهم الذي لا يزال قاصرا لدى الطرفين.
وفيما يلي نورد فرصتين عاجلتين.
اولا، تجد الولايات المتحدة وروسيا انهما تعملان سوية لتحقيق ازالة الاسلحة الكيميائية من سوريا. ولدى الدولتين مصلحة جادة في تأمين نجاح هذا العمل. واذا نجح فان السلاح الكيميائي سيخرج كعنصر في الصراع السوري، وتخرج معه ايضا مخاطر حصول جماعات ارهابية على هذا السلاح. وقد يدفع النجاح في الاسلحة الكيميائية تحريك الحركة نحو الهدف الزئبقي لمؤتمر جنيف 2 الذي يمكن ان يعالج المهمة الصعبة لايجاد حل سياسي عريض لانهاء المجزرة.
غير ان الفشل سوف يعيد موسكو وواشنطن الى دائرة الخلاف، بدعم الجوانب المتعارضة في الصراع، وبعدم وجود هدف مشترك. وسيعتبر ذلك على انه فشل مشترك لنا، مهما كانت الطريقة التي حصل فيها.
لقد احسنت منظمة منع الاسلحة الكيميائية صنعا عندما بدأت بتدمير معدات انتاج الاسلحة الكيميائية في سوريا. غير ان ازالة مخزون الاسلحة الكيميائية يحتاج من الولايات المتحدة وروسيا الى اكثر من القوة الدبلوماسية. فهذا الجهد يحتاج الى مساعدة على الارض إما للقضاء على مخزون الاسلحة الكيميائية حيث هي، او اعداده للشحن الى خارج سوريا للقضاء عليه في مكان آخر. وهناك عدد كبير من الخبراء المقيمين في الولايات المتحدة وروسيا، ويمكن للعسكريين بما لديهم من قدرات فريدة المساهمة في ازالة تلك الاسلحة. كما ان لدى دول حلف “ناتو” قدرات في هذا المجال. فالنرويج على سبيل المثال، عرضت مد يد المساعدة في موضوع ازالة الاسلحة الكيميائية. وقد تنظر واشنطن وموسكو كيف يمكن لدول “ناتو” وروسيا التعاون لمساعدة بعثة منظمة منع الاسلحة الكيميائية والامم المتحدة في ازالة اسلحة الدمار الشامل السورية.
اما الفرصة الثانية فانها تتعلق بايران. ففي الوقت الذي لم تثمر اجتماعات الدول الخمس + واحد مع ايران ما بين 7- 9 تشرين الثاني (نوفمبر) في النهاية، فقد تكون طهران على استعداد في ما يتعلق ببرنامجها النووي تقديم بعض التنازلات اللازمة لتوفير ضمانات للعالمي الخارجي بانها لن تسعى وراء انتاج سلاح نووي. وسنعرف المزيد عن ذلك قريبا بعد عودة الدول الخمس + واحد وايران الى جنيف.
تتفق روسيا والولايات المتحدة على ان ايران يجب الا تطور قدرة لانتاج اسلحة نووية. والخطوة الاولية في اقتراح 55+1 لا توقف مجرد جوانب معينة في برنامج ايران النووي ولكنها تضفي ايضاً، للمرة الاولى منذ عقد تقريباً، شفافية اعظم على نشاطاتها النووية بينما يجري التفاوض على حل اطول اجلاً. ويجب ان تترك اي تسوية نهائية المجتمع الدولي واثقاً، في حال حدوث اي نكسة، من انه سيكون هناك وقت للتصرف مقدماً. ويجب ان تكون استراتيجية لبلوغ نتيجة ناجحة من هذا النوع مع ايران ايضاً على قمة الاجندة الاميركية-الروسية.
وسيكون بلدانا، بما لهما من سجل ايجابي بشأن سوريا وايران، في مركز افضل بكثير لتسوية خلافاتهما بخصوص قضايا مثل الدفاع الصاروخي، وخطوات جديدة في تخفيضات الاسلحة النووية، وازمات اقليمية اخرى.
تمثل سوريا وايران كلتاهما تحديات صعبة للمجتمع الدولي. ولا تستطيع واشنطن وموسكو حلها وحدهما، ولكنهما يجب ان تقودا معاً الجهد الاشمل لزيادة فرص النجاح في الحالتين كلتيهما. وسيكون هذا امراً جيداً للشرق الاوسط، وقد يولد نجاح مشترك او اثنان الزخم اللازم لعلاقة ثنائية اكثر ايجابية قائمة على اساس الثقة المتبادلة والمصالح الاستراتيجية الطويلة الاجل.
من المحتمل ان الازمة السورية كانت ستتبع مجرى مختلفاً جداً لولا سلسلة احاديث بين رئيسي بلدينا على مدى السنة الماضية. فقد اوجدت تلك الاحاديث الاساس للتعاون في ازالة مخزونات الاسلحة الكيميائية السورية، على الرغم من تأجيل القمة التي كان من المخطط عقدها في ايلول (سبتمبر) وتداعيات قضية سنودن. اننا نحض الرئيسين اوباما وبوتين على انتهاز الفرصة التي اوجدتها مبادرتهما المشتركة بشأن الاسلحة الكيميائية السورية وامكانية حل مشكلة البرنامج النووي الايرانيلاستئناف اجتماعات المنتظمة على مستوى القمة ووضع اجندة طموحة لكنها واقعية للبلدين كليهما”.
المصدر: موقع القدس