اليمن: السعودية تدعم والقاعدة تضرب
موقع إنباء الإخباري ـ
زينب حمود:
لقي إخوان اليمن مصير إخوان مصر نفسه. العاصمة صنعاء أضحت تحت سيطرة أنصار الله بين ليلة وضحاها من دون أية مقاومة تذكر. وفي حين استولت الحركة على المؤسسات الحكومية والمرافق الحيوية وتمركزت في قلب العاصمة، طاردة منها أبرز قياديي حزب الإصلاح، ومعلنة أنها تلاحق مرتكبي الجرائم، إختارت السلطة اليمنية الصلح، فوقعت إتفاقا مع الحركة، برعاية المبعوث الأممي جمال بن عمر، وصفه الرئيس هادي بالتاريخي.
وفيما تداعت الدول الإقليمية، وأبرزها المملكة العربية السعودية، للترحيب بالإتفاق الذي أرسى دعائم الإستقرار في البلاد، تقوض نفوذ حزب الإخوان في اليمن ليغيب عن المشهد السياسي اليوم، بعد الإتفاق على تشكيل حكومية خالية من قياداته.
إلا أن المواقف والتصريحات تبدلت بالتزامن مع توتر الأوضاع الأمنية، ودخول القاعدة على خط الصراع مع أنصار الله بشكل مباشر. إذ حول الرئيس هادي خطابه مرة ثانية، عذرا أقصد مرة ثالثة أو رابعة، فبعد وصف الإتفاق بين الطرفين بالتاريخي، قال هادي إن البلاد تعرضت لمؤامرة، مضيفا، صنعاء الصمود والعزة تسقط كل المؤامرات ولا تسقط. ووعد هادي الشعب، في خطابه ألقاه بمناسبة الأعياد الوطنية في السادس والعشرين من سبتمبر بالكشف عن ما حدث يوما ما، وأشار إلى أنه خذل من قبل من لم يعرفوا أبدا في الوطن سوى مصالحهم.
وعاد هادي إلى مدح المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وتبجيلها باعتبارها الحل السحري للخلافات السياسية وللإنهيار الإقتصادي وللفساد المستشري في المؤسسات.،إذ أكد هادي أن المبادرة أنتجت مؤتمر الحوار اليمني، وأدخلت القوى في الحياة السياسية سلميا وليس عبر البندقية ولا الدبابة، متسائلاً: فمن قال إنها ذهبت من غير رجعة.
واعتبر الرئيس أن أنصار الله خلطت بين المنطق الثوري والدافع الثأري، بهدف الربح، وتساءل، إذا كانت مكافَحةُ الفسادِ وبناءُ الدولةِ تتّمُ بنهبِ البيوتِ والمعسكراتِ ومؤسساتِ الدولةِ فَكيفَ يمُكِنُ أنَّ يكونَ الفسادُ والتخَريبُ؟.
هادي ليس وحده من غير مواقفه. المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، وفي تصريح صحافي، اعتبر أن صنعاء محتلة من قبل ميليشيات الحوثي.
وأضاف، “أن ما حدث هو نتيجة لحسابات خاطئة ارتكبتها جميع الأطراف ومع الأسف ما زاد من انزلاق الوضع إلى هذا المنحدر الخطر هو اختيار أنصار الله وأطراف أخرى استخدام العنف كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية، مستغلة ضعف الدولة وتفكك الجيش”.
أما المملكة العربية اليسودية، فحمّلت الحركة مسؤولية إنزلاق الأوضاع في البلاد، وحذرتها من المساس بالحدود اليمنية السعودية. وأكدت أن التوتر الأمني يهدد الأمن الدولي.
موقف الرياض جاء منسجما مع موقف الإمارات. إذ أعربت الأخيرة عن القلق البالغ من التطورات الخطيرة في اليمن وأشكال العنف الذي يمارسه الحوثيون لتقويض المسار السياسي والشرعية الدستورية للدولة اليمنية، على حد قولها.
تبدل مواقف الدول الإقليمية تزامن مع استهداف قيادات أنصار الله وموالين لهم من قبل تنظيم القاعدة في صنعاء ومأرب والبيضاء، إذ قُتل ما لا يقل عن عشرين شخصا في حوادث متفرقة.
إنفجرت عبوة ناسفة قرب نقطة تفتيش تابعة لأنصار الله في جول عمران، من دون وقوع إصابات. وفور وقوع الإنفجار، طوق مسلحو الحركة المكان، ومنعوا المواطنين من الإقتراب خوفا من حدوث إنفجار ثان.
بالتزامن مع ذلك، إغتال مسلحان يعتقد بانتمائهما إلى تنظيم القاعدة جنديين من شرطة السير وأمن الطرقات في محافظة تعز اليمنية.
وفي محافظة البيضاء، لقي خمسة أشخاص مصرعهم، بينهم طفل، في هجوم لمسلحين تابعين لتنظيم القاعدة على سيارة يستقلونها. المسلحون هاجموا سيارة لأسرة الريامي، في منطقة ذي ناعم، وأحرقوها بمن فيها، تحت حجة أنهم حوثيون.
وفي وقت سابق، استهدفت سيارة مفخخة يقودها إنتحاري مستشفى تابعة لأنصار الله في بلدة مجزر بمحافظة مأرب، ما أدى إلى مقتل خمسة عشر شخصا. وتبنى تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي مسؤولية الحادثة.
فما تفسير التطورات المتسارعة على الساحة اليمنية؟
ثمة تفسير قد يكون الأقرب للحقيقة بين عدة إحتمالات:
أولا، لا يخفى على أحد تدخل السعودية السافر في اليمن، ودعمها المطلق للرئيس هادي، كونه رئيس ضعيف تستطيع تمرير مصالحها من خلاله بسهولة. ولا يخفى على أحد أن مصلحة السعودية في اليمن تقتضي بإبقائه بلدا غير مستقر، ولتحقيق الهدف، تتبع سياسة “فرق تسد”.
ثانيا، أرادت السعودية التخلص من إخوان اليمن. المؤشرات على ذلك تتابعت في الآونة الأخيرة. تبدأ بضم تنظيم الإخوان المسلمين إلى لائحة إرهابها، ولا تنتهي بدعم المشير عبد الفتاح السيسي في مصر، ومنع عدد من قيادات إخوان اليمن الدخول إلى أراضيها.
ثالثا، نهاية حزب الإصلاح اليمني كانت واضحة. تركت السعودية المهمة إلى أنصار الله. وبعد تحقيق هدفها ـ من دون أن تتورط إلا في دعم هادي والإيعاز إليه بمهمة عدم الوقوف بوجه أنصار الله خلال إقتحامه المؤسسات والسيطرة عليها ـ رحبت بالإتفاق المبرم بين الطرفين.
رابعا، دخلت أنصار الله إلى الحياة السياسية بقوة، وأثبتت أنها رقم صعب لا يمكن التهاون به بعد اليوم، وفي المقابل، تم تحييد حزب الإصلاح عن الحكومة. بالطبع لا يناسب الوضع الجديد الرياض. عادت لتنقلب على الإتفاق ومعها الرئيس هادي والدول الإقليمية ومجلس الأمن. وفي المقابل، بدأت بدعم تنظيم القاعدة، ومن يعلم ربما تدعم نظام المخلوع علي عبد الله صالح للإنقلاب على أنصار الله أيضا. المهم أن يبقى اليمن يتخبط في مشاكله الداخلية، لتنعم هي بالنفط والثروات.
هل جمال بن عمر عمله إداري في اليمن أو إستخباراتي ؟ وهل هو يعمل مع المخابرات اليمنية لتقوم هي بدورها بشفط الشعب اليمني الى الخارج ؟ وهل مايقوم به بنعمر مع الأطراف السياسية هو مثل الإرجوحة التي يلهي بها الأطراف ؟ وهل سيأتي وقت يتركونها له أو يتركها لهم ؟