النظام السعودي.. بانتظار ما تقرره واشنطن على يد ترامب!!

 

 %d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b6%d8%a7%d8%b1

المسيرة نت ـ
إبراهيم السراجي:

سارع ملوك وأمراء دول الخليج وعلى رأسهم ملك السعودية إلى تهنئة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت أمس الأربعاء، بعد أن نال الأخير شعبية كبيرة أوصلته إلى البيت الأبيض بسبب مواقفه التي أعلنها خلال حملته الانتخابية، ومنها قوله إن على السعودية أن تدفع ثلثي ثروتها لأمريكا نظير حمايتها لعرش آل سعود واصفا مملكتهم بأنها “البقرة الحلوب” لبلاده.

من هنا تتلخص طبيعة العلاقة التي تجمع أنظمة الخليج بالولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها علاقة تبعية لا يمكن لتلك الأنظمة الفكاك منها أو الابتعاد عنها، مهما كانت الإهانات التي يكيلها الرئيس الأمريكي الجديد، ورغم صدور قانون “جاستا” في عهد الرئيس باراك أوباما، والذي يتيح للمحاكم الأمريكية مصادرة ما يزيد عن 700 مليار دولار تملكها السعودية لصالح ضحايا هجمات سبتمبر.

فور الإعلان عن فوز ترامب بالانتخابات وإقرار منافسته هيلاري كلينتون بالهزيمة، أرسل ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز رسالة تهنئة لترامب قال فيها “نتمنى لسعادتكم النجاح في مهمتكم الهادفة إلى إحلال الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.” وذكر الملك السعودي في رسالة التهنئة “بالعلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الصديقين، التي يتطلع الجميع إلى تطويرها وتعزيزها في المجالات كافة، لما فيه خير ومصلحة البلدين”.

ولم يتخلف أحد من ملوك وأمراء دول الخليج عن تهنئة الرئيس الأمريكي الجديد بالفوز. ويقول مراقبون أن ملوك وأمراء دول الخليج يجهزون برقيات التهاني قبل الإعلان عن الفائز في الانتخابات الأمريكية، ثم يضعون الأسم بعد الإعلان عن نتائجها، ليس من باب البروتوكول وإنما من باب “الطاعة” الواجبة على الأنظمة التي يمثلونها، وفي نفس الوقت يجاهر الأمريكيون بفضلهم عليها. صحيح أن النظام السعودي شعر بالهلع من تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية، والتي حملت تهديدات غير مسبوقة على لسان أي مرشح أمريكي، ما دفعه لتمويل حملة هيلاري كلينتون. ففي 13 يونيو الماضي كشف موقع “ميدل إيست آي” الأمريكي “أن المملكة العربية السعودية هي الممول الرئيسي للحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون” وأشار الموقع إلى أن ولي ولي عهد السعودية محمد بن سلمان أقر بإن “السعودية قد قامت بتمويل 20% من حملة المرشح المحتمل لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي.”.

ورغم رهان السعودية على مرشحة الحزب الديموقراطي، فإن ذلك لم يكن من باب محاولة تجنب الخسائر المالية التي ينوي المرشح الآخر دونالد ترامب إلحاقها بالسعودية عندما قال أن عليها أن تدفع له ثلثي ثروتها نظير حماية العرش السعودي، لأن فوز هيلاري كلينتون كان يعني أن السعودية قد تكون مطالبة بدفع 3 آلاف مليار دولار كتعويضات لضحايا هجمات سبتمبر بحسب تقارير أمريكية. وذلك يعني أن النظام السعودي كان يفضل فوز المرشح الذي سيستولي على مئات المليارات السعودية، وفقا للطريقة القانونية التي اتخذتها واشنطن بإقرار “قانون جاستا” وليس بالطريقة المهينة والمعلنة التي عبر عنها ترامب خلال حملته الانتخابية.

أيا كان المرشح الفائز في الانتخابات الأمريكية، فإن ما سينال السعودية من ذلك سواء سلبا أو إيجابا، لا يتعلق بقرار الرئيس الأمريكي، بل بالمؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، وما يؤكد ذلك أنه في الوقت الذي كانت السعودية تمول بعشرات المليارات حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون كان مجلس الشيوخ الأمريكي يصوت على “قانون جاستا” بنسبة لم يتوقعها أكبر المتشائمين في السعودية، حيث صوت 127 عضوا لصالح القانون فيما صوت عضو واحد ضد القانون وفق ما تشتهي السعودية، ما يعني أن المجلس بأعضائه الديمقراطيين والجمهوريين صوتوا لصالح “الاستيلاء على أموال السعودية” تحت عنوان تعويض ضحايا هجمات سبتمبر. يقول الخبراء في شؤون السياسية الأمريكية، إن المؤسسة الحاكمة للولايات المتحدة هي من تختار الأشخاص المناسبين لخوض المنافسة الانتخابية وهي التي تؤثر على الناخبين عبر وسائل الإعلام الهائلة لترجيح كفة المرشح الذي تم إعداده لتولي مهمة التحول السياسي الذي تريد تلك المؤسسة أن تسير فيه وفقا لكثير من المعطيات، وكان وقوع الاختيار على ترامب باعتباره الأجدر بتدشين السياسية الأمريكية الأكثر “وقاحة” وبالتالي، تشعر دول الخليج أن توتر علاقتها بالولايات المتحدة يتسبب بها الرئيس وبالتالي يخرج “صناع القرار” من دائرة الحرج أمام من تربطهم بهم علاقات قديمة من الملوك والأمراء. في كل الأحوال ليس بيد السعودية شيء لتفعله وعليها الاستسلام للإرادة الأمريكية أيا كان الحاكم، ولعل الكاتب المقرب من النظام السعودي جمال خاشقجي كان الأكثر تعبيرا عن واقع العلاقة بين الرياض وواشنطن عندما قال إن على بلاده ألا تتخذ أي موقف من واشنطن على خلفية إقرار “قانون جاستا” لأن بلاده بحاجة ماسة إليها في ظل استمرارها في الغرق بالمستنقع اليمني.

على الجانب الآخر وفيما يخص الدول والشعوب التي تتخذ سياسة مناهضة للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية، فإن مسألة فوز ترامب أو كلينتون لم تكن بذات الأهمية، لأن تلك الدول تملك الأدوات التي تواصل بواسطتها الصمود وعدم الاستسلام للإرادة الأمريكية التي لا تختلف في أهدافها التدميرية سواء حكمها ترامب أو كلينتون، فالعراق تم غزوه في عهد الجمهوريين وسوريا واليمن وغيرهما يتم تدميرهما في عهد الديمقراطيين، غير أن الثابت في كل تلك المراحل أن أتباع واشنطن في المنطقة لا يغيرون مواقفهم سواء دعمتهم واشنطن او استهدفتهم، وفي المقابل يظل المعسكر المناهض للمشروع الأمريكي ينظر إلى ما يتملكه من مقومات للمضي في المقاومة لذلك المشروع دون أن يكون هناك شعور بأن وجه أمريكا يتغير بتغير رئيسها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.