المهاجرون الافارقة: من حلم الحرية الى كابوس العبودية
شبكة النبأ المعلوماتية ـ
زينب شاكر السماك:
ليبيا بعد ان كانت قبلة المهاجرين الطامعين في الهجرة نحو أوربا تتحول الى سوق نخاسة لبيع المهاجرين ومقابر جماعية لهم.. تعيش ليبيا حالة افلاس حقيقية بسبب الفوضى العارمة التي ضربت البلاد نتيجة وصول اعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة الساعين للوصول الى أربا.
فقد سلك أكثر من 150 ألف شخص هذا الطريق في كل من الأعوام الثلاث الماضية. وحتى هذا العام عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا 26886 مهاجرا بزيادة نحو سبعة آلاف عن عددهم في الفترة نفسها من العام الماضي. ونتيجة لهذه الاعداد الكبيرة من المهاجرين تحولت الصحراء الليبية أيضا الى مجال خصم في تجارة مهربي البشر.
يتم الاتجار في أعداد متزايدة من المهاجرين الأفارقة الذين يمرون عبر ليبيا فيما يطلق عليها أسواق العبيد يباعون بما يتراوح بين 200 و500 دولار ويحتجزون لشهرين أو ثلاثة أشهر في البحر المتوسط ويكرهون على العمل دون أجر ومن لا يمكنهم دفع الفدى يقتلون أو يتركون للموت جوعا. حسب ما صدرت تقارير من المنظمة الدولية للهجرة.
لذا تبنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في ليبيا برنامج تطوعي يهدف الى إيجاد طرق مناسبة بدون مقابل مالي او جهد عملي لخروج المهاجرين الافارقة العالقين في ليبيا وذلك من خلال مقابلة كل مهاجر على حدة واقناعه في الرجوع الى بلده متى يشاء. وكان نتيجة هذه الجهود من المنظمة إن ما يصل إلى عشرة آلاف مهاجر تقطعت بهم السبل في ليبيا سينقلون جوا إلى بلدانهم هذا العام.
لكن هذا لن يكون سوى دور محدود في التصدي لتدفقات الهجرة على أوروبا. وبرنامج المنظمة هو أحد السبل القليلة التي يمكن لدول الاتحاد الأوروبي من خلالها تمويل العمل داخل ليبيا المضطربة التي أصبحت نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين إلى أوروبا فيما تكابد الدول الأوروبية للحد من التدفقات القياسية للهجرة عبر وسط البحر المتوسط.
يرى المختصون إن حكومة ليبيا المدعومة من الأمم المتحدة ليس لديها خطة واضحة للمساعدة في منع المزيد من المهاجرين من الوصول إلى سواحل أوروبا هذا الصيف مشيرين إلى تقديم طلبات متضاربة للحصول على تجهيزات لتسيير دوريات على السواحل الليبية. عليه تعهدت إيطاليا بتوفير أموال وتدريبات ومعدات لمساعدة ليبيا في مكافحة مهربي البشر. وهو اتفاق أيدته الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. لكن الاستقرار ما زال بعيدا عن ليبيا حيث تتصارع حكومتان على السلطة، إحداهما في طبرق بشرق البلاد والأخرى في طرابلس في الغرب، وما زالت البلاد تعاني ويلات قتال بين فصائل متناحرة وانعدام للقانون.
في نفس الموضوع وبحسب تقارير حقوقية بينت نسبة انخفاض اعداد المهاجرين الافارقة
عند مفترق طريق صحراوي بشرق النيجر المكان الذي يجمع المهربون مع المهاجرين من أجل الرحلة الخطرة لعبور الصحراء، نتيجة لتعهد دول الاتحاد الأوربي بدفع أموال للنيجر لمساعدتها في مكافحة تهريب البشر.
سوق العبيد
قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه يتم الاتجار في أعداد متزايدة من المهاجرين الأفارقة الذين يمرون عبر ليبيا فيما يطلق عليها أسواق العبيد قبل أن يحتجزوا مقابل فدية ويكرهوا على العمل دون أجر أو يتم استغلالهم جنسيا. وذكر مهاجرون أفارقة التقت بهم المنظمة أنهم بيعوا واشتروا في مرآب وساحات انتظار للسيارات في مدينة سبها بجنوب ليبيا وهي أحد المراكز الرئيسة لتهريب المهاجرين في البلاد. وفق رويترز.
وأضاف “المهاجرون يباعون في الأسواق باعتبارهم سلعة… بيع البشر أصبح توجها بين المهربين مع تزايد قوة شبكات التهريب في ليبيا.” ويجري احتجاز المهاجرين، وكثيرون منهم من نيجيريا والسنغال وجامبيا، أثناء توجههم شمالا باتجاه ساحل البحر المتوسط الليبي حيث يسعون إلى ركوب سفن إلى إيطاليا.
مقابر جماعية
أشارت تقارير المنظمة الدولية للهجرة أن بعض المهاجرين الذين لا يمكنهم دفع الفدى يقتلون أو يتركون للموت جوعا. وعندما يموت مهاجرون أو يطلق سراحهم يتم شراء غيرهم ليحلوا محلهم. ويدفن المهاجرون دون تحديد هويتهم ولا تعرف أسرهم ما حل بهم. على امتداد الطريق يقعون فريسة لجماعات مسلحة وشبكات تهريب عادة ما تسعى لكسب المزيد من المال في مقابل السماح للمهاجرين بمواصلة رحلتهم. وفق رويترز
وقال محمد عبد القادر مدير العمليات والطوارئ بالمنظمة الدولية للهجرة في بيان “ما نعلمه هو أن المهاجرين الذين يقعون بين أيدي مهربين يواجهون سوء التغذية والانتهاكات الجنسية وأحيانا القتل… نسمع عن مقابر جماعية في الصحراء.” ويستخدم أغلب المهاجرين كعمالة يومية في البناء والزراعة. وبعضهم يتقاضى أجرا والبعض الآخر يكره على العمل دون أجر.
إيجاد طريق
قال عثمان البلبيسي رئيس مكتب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في ليبيا إن برنامج المنظمة يهدف إلى إيجاد طريق لخروج العالقين في ليبيا دون مال أو عمل أو سبيل للمضي قدما. والبرنامج تطوعي أي أنه تتم مقابلة كل مهاجر على حدة ويمكنه تغيير رأيه في أي وقت.
وقال البلبيسي لرويترز “يتيح هذا البرنامج نافذة أو خيارا لهؤلاء الناس للعودة إلى ديارهم وبدء حياة جديدة. “إنه مساهمة في حل من أجل المهاجرين بالأساس. لا نؤمن بإغلاق الحدود وتقييد الحركة أو منع الهجرة.” وقال البلبيسي إنه نظرا لأن العودة قد ينظر إليها باعتبارها فشلا فإن المنظمة تدعم جهود إعادة دمج هؤلاء في مجتمعاتهم الأصلية وإن نصف من أعيدوا في العام الماضي يتلقون هذه المساعدة.
إعادة المهاجرون
وأعادت المنظمة 2775 مهاجرا جوا إلى بلدانهم العام الماضي وتتوقع زيادة العدد إلى ما يتراوح بين سبعة آلاف وعشرة آلاف في 2017 من خلال تمويل أوروبي جديد. وجرى بالفعل إرسال 1795 مهاجرا إلى دولهم في العام الحالي ويطلب 5000 آخرون المساعدة للعودة. وزاد عدد الطلبات التي تلقتها المنظمة منذ أواخر العام 2016 وهو ما أرجعه البلبيسي إلى تدهور الأوضاع في ليبيا. وفق رويترز.
ويجري نقل الغالبية إلى غرب أفريقيا حيث تتصدر القائمة كل من نيجيريا والسنغال ومالي. وجرت عمليات أيضا لإعادة المهاجرين إلى شرق أفريقيا وبنجلادش. ويبلغ متوسط تكلفة إعادة ومساعدة المهاجر الواحد 2000 يورو (2135 دولارا). ويأتي التمويل للبرنامج من دول أوروبية بالأساس.
قائمة الطلبات
قالت مصادر في بروكسل إن ليبيا طلبت من الاتحاد الأوروبي تزويدها بسفن ورادارات لمساعدة قواتها على وقف تهريب المهاجرين عبر البحر المتوسط. وأضافت المصادر أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيدرسون “قائمة الطلبات” في اجتماع لهم في لوكسمبورج يوم الاثنين المقبل لكنهم لن يستطيعوا تلبية جميع المطالب. وذكرت صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية أن السراج يريد 800 مليون يورو في المجمل ووضع قائمة طويلة بالمعدات اللازمة ومنها أربع طائرات هليكوبتر و20 قاربا. حسب رويترز.
ويدعم الاتحاد الأوروبي حكومة رئيس الوزراء فائز السراج أملا في أن تستطيع بسط سيطرتها على كامل البلاد بعد سنوات من الفوضى والعنف. وفي المقابل يريد الاتحاد مساعدة ليبيا في وقف تدفق اللاجئين والمهاجرين الأفارقة إلى أوروبا انطلاقا من شواطئها على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط.
مساعدات اقتصادية
قال مسؤولون من إيطاليا والاتحاد الأوروبي إنهم مستعدون لإرسال معدات ومساعدات اقتصادية إلى ليبيا لمساعدتها في مكافحة تهريب البشر فيما يسعى رئيس حكومة طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة للحصول على مزيد من الموارد. واستضافت إيطاليا اجتماعا لوزراء داخلية ثماني من دول الاتحاد الأوروبي منها ألمانيا وفرنسا لتعزيز الدعم للاتفاق الذي أبرم لمساعدة ليبيا في مكافحة تهريب البشر. وفق رويترز.
وقال مصدر حضر الاجتماع لكنه غير مصرح له بالحديث إلى وسائل الإعلام إن رئيس الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس فائز السراج تحدث إلى المجموعة خلف أبواب مغلقة “وطلب المزيد من المال والمعدات”. ويدرب الاتحاد الأوروبي خفر السواحل الليبي بالفعل على اعتراض مراكب المهربين وإعادتها إلى ليبيا. وكانت ليبيا العام الماضي نقطة الانطلاق الرئيسية للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا عبر إيطاليا وهو طريق خطير تخشى أوروبا أن يصبح أكثر ازدحاما مع هدوء البحر في فصل الربيع.
لا خطة لمنع العبور
قال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن حكومة ليبيا المدعومة من الأمم المتحدة ليس لديها خطة واضحة للمساعدة في منع المزيد من المهاجرين من الوصول إلى سواحل أوروبا هذا الصيف مشيرين إلى تقديم طلبات متضاربة للحصول على تجهيزات لتسيير دوريات على السواحل الليبية.
وأضاف المسؤولون في تصريحات لرويترز أن أفراد حرس السواحل الليبي الذين شملهم تدريب في الآونة الأخيرة يفتقرون لاستراتيجية بشأن أماكن انتشارهم أو كيفية رصد المهربين واعتراض طريقهم. واعتمد المسؤولون في تحليلهم على وثيقتين جرى إعدادهما للعرض على اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في مالطا التي غرق آلاف في الطريق منها إلى إيطاليا العام الماضي.
حكومة هشة
ويتناقض هذا التقييم السري مع الرسالة المتفائلة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي بعد تدريب 93 من خفر السواحل الليبي على التعامل مع المهربين أواخر العام الماضي في الوقت الذي يقلص فيه الاتحاد خططه لدخول المياه الليبية. وقالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد “هدفنا ليس الوجود في المياه الإقليمية الليبية. هدفنا أن يؤدي الليبيون العمل المطلوب في المياه الإقليمية الليبية”. وفق رويترز.
ولمساعدة ليبيا حيث توجد حكومة هشة بقيادة فائز السراج طلب الاتحاد الأوروبي من طرابلس إرسال طلباتها بشأن المعدات إضافة إلى عشرة قوارب دورية تعمل إيطاليا على إرسالها إلى ليبيا. وأحبط عدم استقرار ليبيا جهود الاتحاد الأوروبي لتكرار الصفقة المثيرة للجدل التي أبرمها مع تركيا للحد من تدفق المهاجرين إلى ألمانيا عبر اليونان. ولا تزال ليبيا مقسمة بين فصائل متنافسة بعد حرب أهلية أنهت حكم القذافي.
الحاجة لوزير دفاع
قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج في مالطا إن خبراءه التقوا مع نظرائهم الليبيين لمناقشة أي مساعدات أخرى يمكن أن يقدمها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بعد طلب للمساعدة في فبراير شباط. وأكد ستولتنبرج الحاجة لوجود وزارة دفاع وهو أمر قال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إنه سييسر الشراكة مع ليبيا.
وقال “علينا أن ندرك أهمية المؤسسات لأنها أساس الأمن”. وأضاف “قطعا من المهم تدريب الليبيين لكن علينا أن نتأكد من أنه مع تدريب القوات سيتم وضعهم ضمن هيكل يتيح مراقبتهم واستغلال القوات بطريقة جيدة”. وفق وكالة رويترز الإخبارية.
مكافحة تهريب البشر
قال وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي للصحفيين أفراموبولوس إنه تم تخصيص 90 مليون يورو لليبيا من جملة 200 مليون يورو (215.04 مليون دولار) خصصها الاتحاد الأوروبي لمكافحة التهريب في وسط البحر المتوسط. وأضاف أن إيطاليا أنشأت صندوقا منفصلا بقيمة 200 مليون يورو لمساعدة الدول الأفريقية في الرقابة على حدودها.
وقال مينيتي أن المهاجرين الذين توقفهم قوات خفر السواحل الليبية سيُنقلون إلى مخيمات ستديرها حكومة طرابلس بمساعدة وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. مؤكدا “ستكون هناك مخيمات تقام بالتعاون مع المنظمات الإنسانية مع مراعاة الاحترام الكامل لحقوق الإنسان” مشيرا إلى أنه سيتاح للمهاجرين المقيمين في المخيمات الليبية طلب اللجوء لأوروبا.
تراجع مهاجرو النيجر
كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدت في العام الماضي بمنح النيجر 77 مليون يورو لمكافحة تهريب البشر بينما عرض الاتحاد الأوروبي 610 ملايين يورو مساعدات. وتعهدت إيطاليا لرئيس النيجر محمد إيسوفو بتقديم 50 مليون يورو (54 مليون دولار) وقالت إنها ستقدمها على دفعات بناء على سيطرة النيجر على حدودها. وفق رويترز.
وحذر فيدريكو سودا مدير التنسيق بالمنظمة الدولية للهجرة الذي مقره روما من أن تراجع التدفقات عبر النيجر لا يعني انخفاض عدد من سيتم الدفع بهم في الرحلات بحرا هذا الصيف لأن مئات الآلاف من المهاجرين موجودون بالفعل في ليبيا. وتم استخدام الأموال الأوروبية لإنشاء خمسة مراكز في النيجر تديرها المنظمة الدولية للهجرة وتقدم فيها الطعام والمأوى للمهاجرين وتعرض إعادتهم مجانا إلى بلادهم.