المملكة العرجاء

موقع إنباء الإخباري ـ
علي الرضا بدرالدين:

شهدت المنطقة في السنين الماضية زخماً من التحركات والثورات الشعبية وهو ما أسمي بـ”الربيع العربي”، ربيع أوقد نار الحروب في المنطقة العربية، وأشعل فتيل الفتن والطائفية، وأيقظ أشباح الموتى من رقدتهم، وأعاد فنانو رسم الخرائط نشاطهم ليبنوا مملكتهم الخفية ويحققوا أحلامهم الجامحة وليعوضوا ما خسروه.

مما لا شك فيه أنه من حق الشعوب أن تطالب بالحرية والديمقراطية، ومن حق الشعوب أن تثور على الطغاة والحكام الجائرين وأن يسعى الناس لبناء دولة ديمقراطية تحميهم لا أن تسرقهم وتنتهك حقوقهم وتظلمهم.

لكن على الشعوب أن تدرك، قبل أن تخطو خطوة نحو الثورة أو الانتفاضة أو أي حراك باتجاه هذا التغيير، أن هناك من ينتظر حراكها لينقض عليها ويمزقها ويفتتها بمخالبه، هناك من يتربص بها شراً ليبني طموحاته وأحلامه فوق طموحاتها وأحلامها، هناك من هو مستعد أن يشعل الحروب ويدمر الأوطان ويمزق الشعوب ويريق الدماء تحت مسميات مختلفة في سبيل أهدافه الغرائزية التي لا تنتهي. هؤلاء هم من بنوا وطنهم ودولتهم فوق جثث شعوب تلك الدولة، احتلوا الأرض وأبادوا شعبها، وعلى دمائهم شيدوا قصورهم وممالكهم ورسموا حدود جغرافيتهم وبحارهم، وأصبحوا بعد ذلك حكاماً شرعيين.

إسرائيل، أميركا، السعودية. تاريخ حافل بالإجرام، لا يوجد فرق بين هذه الدول الثلاث سوى تسميتهم. لكن السعودية تبقى مختلفة، “المملكة العربية السعودية” التي تحكم باسم الإسلام ودستورها القرآنلكنها بعيدة كل البعد عن القيم الإسلامية ، الدولة التي تأسست بفعل غزوات قبائلية وأصبحت مستعدة للتعامل مع “الشيطان” من أجل حماية ملكها.

دولة رجعية، تشوبها العيوب، لا ديمقرطية، لا حرية، ونظام جائر….

إن هذه الدولة، وبعيداً عن شوائب حكمها الداخلي، قد أثبتت إجرامها وجورها بفعل سياستها الخارجية ودورها في نشر التطرف الإسلامي والإرهاب في المنطقة لحماية وتثبيت ملكها. تضرب بالإرهاب من أجل تحقيق مآربها، وتحت مسمى الخطر الإيراني ونشر التشيع في المنطقة تؤجج الخطب المذهبية وتشعل الفتن.

في سوريا، العراق، لبنان، البحرين، مصر، ليبيا، اليمن تجد أهدافاً يسعى الغرب لتحقيق مصالحه فيها، والسعودية شريكة في ذلك، فهي لها طموحاتها في هذه الدول، إذ أن كسر محور المقاومة يبقى حلماً كبيراً للسعودية لتحجيم قوة إيران التي باتت خطر محدقاً على السعودية. وهي، مع تحالفها مع الشياطين، تفجر وتدمر وتقتل، تؤسس لإرهاب يحطم كل ما يقف أمامه. إنها بدأت تلعب بورقة من الممكن أن تحترق بها في آخر المطاف، لكنها مستعدة للمخاطرة من أجل الوصول لمبتغاها وتحقيق مآربها.

فهي تدعم الارهاب هنا وتواجهه هناك، تشجع عليه هنا وتنبذه هناك، تعطيه الشرعية هنا تحت مسمى “الثوار” وتسقط عنه الشرعية هناك، كله حسب ميل مصالحها، أصبحت دولة الإرهاب بكل المعايير، وسقطت عنها صفة العروبة.

على الرغم من كل ما تقوم به من أجل الوصول لأهدافها، لكنها لم تحقق شيئاً سوى الدمار وتأجيج نيران الإرهاب في مناطق الجوار لتصبح على مقربة من هذه النيران، وبدأت تُلدغ من هذه النار التي أوقدتها بنفسها مع شركائها، وأصبحت كالعرجاء تتلكأ على العصا خوفاً من الوقوع في حفرة حفرتها وسعرت بداخلها نيران الإرهاب.

في سوريا دعمت الإرهاب بكل مستوياته، مولت وسلحت وبعثت بالإرهابيين إلى هناك، وسعت بكل الوسائل إلى تدمير سوريا وإسقاط النظام لتسقط معه إحدى دعائم المقاومة، لكنها فشلت ولم يسقط النظام. في لبنان لم تتوانَ عن القيام بزعزعة الأمن من خلال التفجيرات الإرهابية لردع حزب الله عن مواصلة تدخله في سوريا بوجه الإرهابيين، وطبعاً هناك في لبنان من يلحن للسعودية هذا الأمر بخطابه ، لكنها أيضاً فشلت وبدأ لبنان يقتلع جذور الإرهاب التي اخترقت بنيانه. وأخيراَ كان العراق، لتعوض خسارتها هناك، لعلها تكسب هذه الورقة وتبعد النفوذ الإيراني عن العراق.

إنها مملكة الإرهاب، تسيس الدين لتحقيق مصالحها، تعيش على وقود الفتنة. إنها نار تحرق كل ما حولها من أجل بقائها، شيطان على شكل إنس، تساوت مع أميركا وإسرائيل بإرهابها بل تخطتهما بحقدها في بعض الأحيان.