المفاوضات السرية بدأت في عهد نجاد بموافقة خامنئي… قريب من روحاني لـ”الراي”: بلْع “سمّ” التقارب ببطء يكسبنا نحن وأميركا
تُستأنف اليوم في جنيف المباحثات الفنية على مستوى الخبراء بين ايران والمجموعة الدولية في شأن الملف النووي الايراني، بعدما كانت تلك المباحثات عُلّقت في اوائل هذا الشهر لأسباب عدة، بينها الحاجة الى تشاور كل الأطراف مع مرجعياتهم العليا وإجازة عيد الميلاد، إضافة الى “النقزة” التي أثارها وضع الولايات المتحدة 19 شركة ايرانية على القائمة السوداء، الامر الذي اعتبرته طهران خرقاً لروح الاتفاقية المبدئية التي أُنجزت في 24 تشرين الثاني الماضي.
ولأن اتفاق 24 تشرين الثاني كان مبدئياً ولا يعدو كونه خطة عمل مشتركة من دون تفاصيل، فمن المتوقع أن يفضي المسار الذي يُستأنف اليوم في جنيف الى اتفاق نهائي، يشتمل على التفاصيل الدقيقة والمهل الزمنية، ويكون ملزماً للطرفين، مما ينهي عهداً طويلاً من المقاطعة الاميركية – الايرانية، كحصيلة لاتصالات بدأت فصولها السرية قبل عام ونصف العام.
وكشف مصدر قريب من الرئيس الايراني حسن روحاني لـ”الراي” عن جوانب من تلك الاتصالات السرية حين تحدّث عن ان «هذه المباحثات السرية بين ايران والولايات المتحدة كانت بدأت في عهد الرئيس السابق محمد احمدي نجاد، ولم تأت مع انتخاب الرئيس روحاني البراغماتي»، لافتاً الى ان «لقاءات عدة كانت جرت في عهد نجاد بموافقة المرشد الأعلى السيد علي خامنئي وعلى مستوى وزارة الخارجية في البلدين، وهي عُقدت خارج ايران بغية كسْر الجليد بين طهران وواشنطن من بوابة المفاوضات النووية كاختبار متبادل لحسن النية»، مشيراً الى ان «ايران أبدت حينها استعداداً لفتح مفاعلاتها النووية للمراقبة الدولية، شرط اعتراف الولايات المتحدة بحق ايران في التخصيب ودخول نادي الدول النووية».
وقال المصدر إن «الولايات المتحدة إلتزمت العمل على إقناع شركائها الاوروبيين بضرورة الجلوس الى طاولة المفاوضات والإصغاء لما ستقدمه ايران من عرضٍ يتيح للعالم التأكد من سلمية برنامجها»، مشيراً الى أن «ايران ستقوم بتقديم العرض المناسب من دون اي محاولة لكسب الوقت كما يتهمها الغرب مقابل الا تحاول اميركا المراوغة، وتالياً يصار الى بناء جسور الثقة بكل ما يتعلق بالملف النووي حصراً».
وأكد المصدر أن «الاتفاق النووي الدولي هو أفضل ما يمكن الحصول عليه في المرحلة الاولى، اذ انه لم ولن يتطرق ابداً الى مسألة تطوير أجهزة إطلاق الصواريخ وهو يمنع على المفتشين زيارة المصانع العسكرية الايرانية، وهذا انتصار لكرامة ايران الوطنية وأمنها الذاتي، وقد أقر كل من الرئيس الاميركي باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري بأن إنجاز خطة العمل المشتركة هي ايضاً انتصار للغرب لأنها تحدّ من سرعة المسار الايراني النووي وتبطئه، وتالياً يبقى تحت عيون الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي وافقت لها ايران على وضع كاميرات مراقبة متصلة بالأقمار الاصطناعية لمتابعة سير العمل بالمفاعلات النووية والتأكد من سلمية المشروع، وبالتالي فإن الانتصار متبادل».
ورأى المصدر أن «الاعتراف بايران كدولة نووية، بطيئة كانت ام سريعة، اصبح حقاً لها بغض النظر عن نسبة تخصيب اليورانيوم والتي ستكون نسبة لا تقل عن 5 في المئة كحد ادنى تقبل به ايران في المرحلة النهائية وبعد ان تتأكد ان الغرب لا يراوغ وانه سيرفع العقوبات، لأن التزامن بالاتفاق والتوقيت الزمني اساسي ومفصلي، وتالياً فإن الثقة تصبح متبادلة عندما يفي كل طرف بما سيوقّع عليه ويتفق عليه الخبراء».
وذكّر بأن «اتفاقات سابقة عام 2003 و2004 و2009 انهارت بسبب سوء تفسير الاتفاق من الطرفين وتالياً نمت شكوك عميقة دفعت بالمرشد الأعلى السيد خامنئي الى القول انه لا يمكن الوثوق بأميركا التي ما ان تأخذ شيئاً حتى تطالب بأكثر منه وان الغرب يشرب ما تقدمه ايران وكأنه يغترف من ماء البحر، كلما شرب منه يطلب المزيد دون ان يرتوي، ولهذا فإن اجتماع الخبراء يأخذ الوقت الكافي لتحديد كل الخطوات دون ان تكون لدينا ثقة بعد التجارب السابقة من العرقلة، على امل أن يلتزم الرئيس الاميركي بما لديه من صلاحيات لدى الكونغرس بتعطيل اي عقوبات جديدة وبرفع العقوبات الحالية عندما يتم توقيع الاتفاق النهائي والمباشرة بتنفيذه».
وقال المصدر عينه إن «خطة العمل المشتركة لا تزال بنودها غير واضحة ومبهمة وان هذه الخطة جيدة لمدة قصيرة ولن تعود صالحة لسنوات او في شكل دائم. وتالياً فإن الاتفاق النهائي يجب ان يلتزم بجدول زمني لا يتعدى سنة واحدة ومن الممكن الا تُحدد البنود التي يجب انهاؤها خلال سنة واحدة من العمل المشترك لإعطاء الفرقاء المعنيين المجال للتخاصم والتوافق ضمن الوقت الذي يناسب الطرفين دون اي ضغط كي لا تُرفع السكين حول رقبة ايران او اميركا في مراعاة الاوضاع الداخلية للبلدين، وتالياً بلع سم التقارب رويداً – رويداً لاكتساب مناعة في وجه الضغط الذي سينتج عن الاتفاق النهائي من حلفاء الطرفين. وحكومة ايران كما الادارة الاميركية او اي حكومة في العالم تعمل سراً وعلانية وتخطئ وتصيب وتتعلم من تجربتها وعلى حسابها».
ايليا. ج. مغناير – صحيفة الراي الكويتية