المفاوضات الإيرانية النووية مع الغرب ووثيقة بنرمان
موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبّير:
مؤتمر بنرمان عقدته الدول الاستعمارية عام 1905 واستمرت جلساته حتى عام 1907 بدعوة من حزب المحافظين البريطاني، الذي صنف الدول الإسلامية وفي مقدمتها الدولة العربية في حالة تصادم مع الحضارة الغربية المسيحية، وأن هذه الدول لها من البعد الحضاري أنه يؤهلها لأن تحل محل الحضارة الغربية فلا بد من منع وحدتها.
وكان أن رأينا أن جميع الأنشطة الغربية تنبثق من مقررات وتوصيات هذا المؤتمر من ذلك الوقت، من فرساي وسايكس بيكو إلى تأليف صدام الحضارات ومؤلفه أستاذ العلوم السياسية صمويل هنتجتون، بل إن عنوان الكتاب مأخوذ من مقررات مؤتمر بنرمان، لكن استراتيجيينا لا يقرأون التاريخ، فالمطلوب استعماريا أن تبقى هذه الدول الاسلامية مفككة سياسياً بالحفاظ على تشتتها بل والتفنن في شرذمتها، ومتخلفة علميا! وقالوها في توصيات مؤتمر بنرمان صراحة: “الإبقاء على شعوب هذه المنطقة (الفئة الثالثة) مفككة جاهلة متخلفة”!
لم يتوقف الأمر عند شرذمة الأمة في الكيانات السياسية، وعدم تمكينها من الوحدة وهو وظيفة إسرائيل التي خلقت لها، بل تعداه لمحاولة تمزيق شعوب هذه الأمة من الداخل وخلق تشرذمات لا يمكن القفز عليها والتحول من فئة من فئات الشرذمة إلى فئة أخرى، باستخدام مختلف التقنيات الاجتماعية.
ففي لبنان على سبيل المثال رجل مصنف على أنه سني قال أنا لست سنيا، فأنا مسلم فقط! عندها لا مكان له في الكوتا الوظيفية اللبنانية، فهو ابن الطائفة أولا وليس المواطن في الدولة اللبنانية! وإذا كان هناك شخص مصنف سنيا أعلن أنه ليس سنيا بعد وتشيع حسب تصنيفهم، فلا يجوز أن يترشح لرئاسة مجلس الوزراء!
الهدف من المفاوضات هو إبقاء الجمهورية الإسلامية متخلفة علميا وتقنيا، وهو أمر واضح كل الوضوح في المفاوضات النووية الإيرانية. الجمهورية الإسلامية تتكلم بموضوعية وتقول إنها بحاجة إلى أجهزة طرد مركزية لتنتج كمية محددة ومعطاة من الوقود النووي اللازم لبرنامجها السلمي المعلن عنه! وتعالوا وفتشوا! الغرب الاستعماري واضح في هدفه وإن كان غير معلن. المسأله بالنسبة له ليس في سلمية البرنامج، بل في نقطة واحدة تنبثق من مقررات مؤتمر بنرمان؛ وهي منع إيران من امتلاك علوم الذرة والتقنية النووية. على إيران أن تبقى في حالة تخلف! وهو نفس الهدف الذي حاولوا الوصول إليه على أرض الكنانة باغتيال العلماء المصريين والألمان بشتى الطرق عندما اغتالوا د. مصطفى مشرفة ود. سميرة موسي وأرسلوا الطرود المفخخة للعلماء الألمان العاملين في البرنامج النووي في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر! وحاولوا الوصول إليه في سوريا عبر طلب كولن باول من الرئيس د. بشار الأسد بعدم قبول العلماء العراقيين إن لجأوا لسورية . بل وبالتهديد إن قبلهم! وعبر اغتيال الموساد للعلماء العراقيين والإيرانيين. بل الأوقح أن يطلبوا أسماء العلماء الإيرانيين العاملين في البرنامج النووي، ليسهل عليهم تصفيتهم!
يطلبون من الجمهورية الإسلامية وقف الأبحاث العلمية في المجال النووي! أليس هذا مطلبا عجيبا؟! يعني الأساتذة والعلماء في هذا المجال عليهم أن يتوقفوا عن تخصصاتهم وترقياتهم العلمية المبنية على الأبحاث! وأنا اقترح على الجامعات في الجمهورية الإسلامية أن يتم ترقيتهم علميا من خلال عدد حزم الفجل التي يبيعوها في الموسم! ألا يصب هذا المطلب في خانة التجهيل؟! العلماء اليوم يتم شلهم، ويأتي بعد عشر سنوات لا يعرف أن يعمل شيء في هذا المجال العلمي والتقني إن أراد! يعني بصريح العبارة هذا المطلب لا علاقة له بسلمية أهداف البرنامج، بل بهدف التجهيل وإرجاعهم درجة أعلى في مستوى التخلف!
يطلبون من الجمهورية الإسلامية إثبات حسن نوايا، ماذا يريدون حسن نوايا أكثر من أن تسمح لهم بالتفتيش وقتما شاءوا؟! وقد شهدت كل الدوائر الدولية بالتزام الجمهورية الإسلامية بتعهداتها. طلبهم هذا يذكرني بطلب إسرائيل من الفلسطينيين حسن نوايا، وهي التي تذبحهم وتنكل بهم وتحاصرهم وتقطع أرزاقهم، ثم تقول أريد حسن نوايا! ما هذه الوقاحة؟!
فالله المستعان ..