المسلحون: تنفيذ شروطنا أو نجتاح عرســال مجدداً
نفّذ جزء من المسلحين انسحاباً «مشروطاً» من عرسال. خرجوا بضمانة «هيئة علماء المسلمين». اشترطوا ألا يتعرّض الجيش للعراسلة أو النازحين السوريين بعد انسحابهم. و«إن دهم الجيش أو اعتقل مطلوبين، يكون قد أخلّ بالاتفاق وخرق الهدنة»، بحسب المسلحين. وماذا سيفعلون عندها؟ يرد أحد القادة: «سنجتاح عرسال مجدداً».
برغم موافقة جزء كبير من المسلحين على الانسحاب من داخل عرسال إلى الجرود، إلا أن خطر اجتياح البلدة مجدداً لا يزال قائماً. فقد تراجع هؤلاء إلى منطقة تبعد أقل من كيلومترين عن الحدود اللبنانية ـــ السورية. عادوا إلى تحصيناتهم في الجرود ليراقبوا «حُسن تطبيق وقف إطلاق النار المشروط». شروطهم كانت وقف القصف وإدخال المساعدات وعدم توقيف لبنانيين ولا نازحين سوريين. نقاط ثلاث رفعها المسلحون، وتعهّدت «هيئة علماء المسلمين» التزامها.
أما عن مخطوفي الجيش وقوى الأمن، الذين يتقاسمهم ثلاثة فصائل، فجرى التعهّد بإطلاقهم بعد الانسحاب إلى الجرود. وأشارت مصادر المسلحين إلى أن «الإخلال بالاتفاق سيعني حكماً اجتياحنا لعرسال مجدداً. وفي المرة المقبلة، سنقتحم مراكز الجيش بسيارات مفخخة». من جهتها، ردّت مصادر عسكرية بأنّ الهمّ الأكبر الآن استرجاع الأسرى. ورأت أن «الهدنة ستبقى هشة ما دام المسلحون يرابطون على حدودنا». أما بشأن دهم وتوقيف مطلوبين في عرسال، فأكّدت المصادر أن «الجيش سيوقف كل من تورط في سفك دماء شهدائه، ولن يُساوم في هذا الشأن نهائياً».
بالأمس، كان مقاتلو «جبهة النصرة» أول من انسحب من عرسال. حضر أميرهم «أبو مالك الشامي» إلى عرسال شخصياً لخوض المفاوضات مع فصائل المعارضة المسلحة لإقناعهم بالعودة إلى الجرود. وعلى مدى أيام، كان مسلّحو «الدولة الإسلامية» يرفضون الانسحاب.
ربطوا، مع زملائهم في «لواء فجر الإسلام»، الانسحاب بشرط إفراج الجيش عن القيادي «أبو أحمد جمعة»، الذي أوقفه الجيش على أحد مداخل عرسال يوم السبت الفائت. لم يلبث هؤلاء أن اقتنعوا باستحالة تحقق مطلبهم. وفي هذا الخصوص، فإن موقف «النصرة» يرتكز على اعتبار أن «خطوة احتلال عرسال حماقة ستُضيّق علينا وتقطع الشريان الوحيد الباقي لنا سواء في الحركة أو الإمدادات». وبحسب مصادر «النصرة»، فقد «كان الشيخان أبو مالك التلّي و«أبو طاقية» (مصطفى الحجيري) يطالبان مسلحي «الدولة» بالانسحاب لحقن دماء الناس الذين قُتّلوا وشُرّدوا بسبب القصف». أما مسلحو «الدولة»، فكان لهم وجهة نظر مغايرة. وبرغم اقتناعهم باستحالة تحقق مطلبهم، لم يُرِد هؤلاء الانسحاب. فقد قُتل أميرهم أبو الحسن الفلسطيني متأثراً بجراحه، فيما يقبع نائبه «أبو أحمد جمعة» موقوفاً في عهدة الجيش. وفي قبضتهم، ستة عسكريين للجيش اللبناني، فضلاً عن أنهم يسيطرون على بلدة لبنانية بأكملها، فضلا عن وجود آلاف المدنيين اللبنانيين واللاجئين السوريين في قبضتهم يصلحون لأن يكونوا ضمانة للحؤول دون اقتحام الجيش للبلدة أو قصفها لتدميرها. أما بالنسبة إلى الامدادات الغذائية، فيقول أحد المسلحين الذين بايعوا «الدولة» أخيراً: «عاجلاً أو آجلاً ستقوم الهيئات الإغاثية بإدخال المساعدات الغذائية للمدنيين خلال هدنة ما، وبالتالي نتقاسم معهم المؤونة». وقد عزز موقفهم الرافض للخروج من البلدة اقتراب قدوم فصل الشتاء وبرده القارس، الذي سيجعل من التحرّك في الجرود أمراً شبه مستحيل. إزاء ذلك، يقول أحد مسلّحي «الدولة» لـ«الأخبار»: «العودة إلى الجرود في ظل هذه الظروف كانت ستعني إطباق الحصار علينا». ويشير المسلّح المذكور إلى أن «أحد الطروحات كان يقول باشتراط فتح ممر آمن لانتقال جنود الدولة إلى حلب أو الرقة». وعمن قد يوفّر ذلك، ردّ المسلّح المذكور بأن حزب الله قادر على ذلك، «كما حصل عندما توسط لدى النظام لفتح ممرات آمنة لخروجنا من القصير». وذهب آخر أبعد من ذلك. في النقاشات الدائرة بينهم، كانوا يطرحون المطالبة بـ«تعهّد الجيش عدم تعزيز مواقعه في الجرود». يريدون ضمان عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الهجوم لضمان حرية التحرك.
بالأمس، انتظر المسلحون التزام وفد «هيئة علماء المسلمين» إعلان ما اتّفقوا عليه في المؤتمر الصحافي الذي عُقد في بلدة رأس بعلبك بعد الإفراج عن ثلاثة عسكريين أسرى، ثم أعلنوا بدء انسحابهم. وبرغم إشارة أحد مصادر المسلحين لـ «الأخبار» إلى أنهم سيستكملون انسحابهم النهائي قبل غروب اليوم، إلا أن قياديا في المعارضة المسلّحة أكّد أن انسحاب جميع المسلحين سينتهي خلال ساعتين بعد سريان الهدنة، لكن الهدنة سرعان ما سقطت، ونشبت اشتباكات عنيفة على كافة المحاور في محيط عرسال. وعن باقي العسكريين الأسرى، وعدوا بإطلاقهم من الجرود. هكذا أثمرت جهود «هيئة علماء المسلمين» انسحاباً مشروطاً للمسلحين، يقضي بضمان عدم ملاحقة الجيش لعراسلة أو سوريين بعد انسحابهم.
من جهة أخرى، نعت مواقع جهادية أمير «الدولة» في القلمون أبو الحسن الفلسطيني، الذي قُتل متأثراً بجراحه إثر إصابته إصابة مباشرة في أول يوم من أحداث عرسال. وقد نقلت وسائل إعلامية أن أبو الحسن الفلسطيني هو الفلسطيني أحمد طه، المسؤول عن إطلاق الصواريخ على الضاحية الجنوبية، إلا أن هذه المعلومات مغلوطة. فطه من مواليد عام ١٩٨٣، أما أبو حسن، فأربعيني، علماً أن الاثنين بايعا «الدولة الإسلامية» في فترة متقاربة خلال الأشهر الأخيرة. تجدر الإشارة إلى أن عددا من وجهاء بلدة عرسال ألّفوا أمس لجنة لـ «ضبط مخيمات النازحين السوريين».
رضوان مرتضى – صحيفة الأخبار اللبنانية