المزاج الأميركي العام المتبدّل هل يغيّر النهج تجاه «إسرائيل»؟
جريدة البناء اللبنانية-
رنا العفيف:
مزاج عام متبدّل في الولايات المتحدة الأميركية تجاه «إسرائيل» حيال ما يخصّ الدعم، ووضع واشنطن بعض الشروط على تل أبيب للاستمرار في مساعدتها، أمور تطرح سؤالاً عن إمكانية حصول تغيّر ما في النهج الأميركي تجاه «إسرائيل» أم انّ الأمر مجرد ضغوط على حكومة نتنياهو؟
لا شك بأنّ هناك تبدّلاً في المزاج العام أو ربما هناك تحوّل أميركي في الموقف تجاه إسرائيل في ما يخص الدعم الحالي، حيال العدوان والمجازر التي ارتكبتها بحقّ أبناء غزة منذ السابع بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، كما أنّ هناك في الداخل الأميركي رأياً عاماً يطرح تساؤلات عدة حول موضوع الدعم الأميركي لـ «إسرائيل» وتجلّى ذلك على مستوى الحزب الديموقراطي الذي يقود الولايات المتحدة حالياً من خلال الرئيس جو بايدن، وكذلك تنامى الوضع نفسه وربما تفاقم أكثر على مستوى الجمهوريين، إلا أنّ المساعدات المؤمّنة لـ «إسرائيل» كما يقول خبراء ومحللون في شؤون السياسة الأميركية ستضمحلّ وتتراجع في مقابل الشروط الواضحة وإنْ لم تكن على المستوى المطلوب لدى «إسرائيل»، وقد تشهد تجفيف مصادر مقدمة لـ «إسرائيل» في المستقبل القريب، في غضون ما يدور في أزقة الديمقراطيين والجمهوريين في أميركا ممن يرفضون نهج الشيك الدائم على بياض لـ «إسرائيل»، فيما البعض الآخر يطالب بفرض حزمة شروط، ما يعني أنّ هناك تحوّلاً كبيراً ربما بين الولايات المتحدة و»إسرائيل»، اللتين تجمعهما علاقة تاريخية في خضم المسار العضوي المرتبط أو المتصل ببعضهما كصيغة بين واشنطن والكيان الإسرائيلي، الأمر الذي أدّى إلى تعالي الأصوات في مجلس الشيوخ من جمهوريين وديمقراطيين، تأتي على خلفية الدعم اللا مشروط وتطالب بوضع شروط على المساعدات الأميركية لـ «إسرائيل» إزاء المشهد الدموي الأميركي الإسرائيلي في غزة الذي أعاد ربما حسابات عددٍ من دوائر القرار الأميركي في ظلّ غمار الانتخابات القريبة في الولايات المتحدة والتي حملت عنوان غزة ضمن الحملات الانتخابية القريبة وما تليه،
انطلاقاً من العنوان يبدو أنّ هناك رؤوساً كبيرة ستتدحرج في حال استمرّ الدعم المالي واللوجستي اللامحدود لـ «إسرائيل»، وهذا قد تكون له تبعات على مستوى الرأي العام الأميركي تجاه «إسرائيل»، لطالما كان لافتاً ما فعلته نائبة الشؤون التحليلية لـ (سي أي آي)، إذ قامت بتغيير خلفية صفحتها على «فيس بوك» ووضعت صورة رجل يلوّح بعلم فلسطين، الأمر ربما الذي يُعنون بمزيد من تعالي الأصوات ورفضهم ما قام به الرئيس الأميركي جو بايدن الذي ما زال إلى اليوم شريك «إسرائيل» الاستراتيجي بارتكاب المجازر والقتل والدمار.
وثمة من يقول أيضاً ويؤكد اتهام بايدن في الداخل الأميركي وخارجه منذ أن تَبنى الرواية الإسرائيلية ومن ثم تراجع، فكان أن تسبّب بضرر كبير وشامل بصورة عامة للولايات المتحدة، الأمر الذي أدّى إلى شرخ وأزمة سواء على مستوى الدعم المعنوي أم غير ذلك مع تصاعد في الحدة داخل الإدارة الأميركية.
الأمر الآخر بعدما تلطخّت الصورة العامة واعتبر البعض بأنّ الولايات المتحدة هي المسؤولة عن ذلك بما جرى في غزة، استشعر المواطن الأميركي بخطر وتبيّن له بأنّ إسرائيل هي أداة ودمية بيد واشنطن، بدأ البعض ينكش في أوراق الميزانية العامة والإحتياطية منها، إذ انّ الولايات المتحدة تدفع لـ «إسرائيل» ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار كلّ عام، إضافة إلى ما تحصل عليه «إسرائيل» من مصادر أميركية أخرى، حتى صدر بيان مؤخراً من البنتاغون واعتبره البعض مقلقاً مفاده أنّ القوات العسكرية التي نشرت في منطقة الشرق الأوسط، كاستجابة لطلب «إسرائيل» بعد «طوفان الأقصى»، وهي قوات كانت قد نشرت بلا تمويل وهي مستمرة وحاضرة في المنطقة بناءً على التمويل المتاح من العام الماضي، وحالياً لا وجود للتمويل الفعلي حيال هذا التموضع العسكري الأميركي، مما جعل هناك تساؤلات كبيرة إلى حدّ لا معقول من أين تأتي هذة الأموال وهل ستجفّ وإنْ طالت المدة؟ وماذا عن امتناعها للدفاع عن حدود أخرى أسوة بما حصل في أكروانيا وما هنالك.
وبالتالي هناك عوامل كثيرة مقلقة مخيفة أمام الهجرة المشروعة في داخل الولايات المتحدة، وهذا طبعاً مطروح من قبل الجمهوريين، كما أنّ هناك من يريد أن يساوي بين الدعم الأوكراني وبين «إسرائيل»،
إذن… المساعدات الأميركية الطارئة لـ «إسرائيل» لا يمكن أن تكون شيكاً على بياض، لا سيما أنها المرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية أن يكون الحديث الأميركي يخصّ طرفاً يُعتبر الرقم واحد لدى واشنطن والقول إنه لا دعم غير مشروط لـ «إسرائيل»، وبالتالي قد نشهد تحوّلاً كبيراً له دلالة استراتيجية وحيوية على مستوى الموقف داخل الولايات المتحدة لجهة صوت الاعتراض المتصاعد داخل الإدارة من تهشيم صورة واشنطن بسبب شراكتها وتغطيتها الوحشية للمجازر الإسرائيلية في غزة، وسط خيارات واضحة ضمن إطار ما يحصل في فلسطين المحتلة، وقد تنعكس الصورة إلى الداخل الأميركي في سياسة الربح والخسارة بالنسبة حتى للقادة في تل أبيب وما يتعلق بضغوط اليمين على ائتلاف نتنياهو الحكومي الذي يعيق وقف إطلاق النار في غزة لعدم تحقيق «إسرائيل» أيّ هدف أو إنجاز، وبالتالي كلّ هذه الأمور متصلة بتسليم حزمة الشروط لـ «إسرائيل» مع تصاعد الأصوات التي تتعالى في مجلس الشيوخ الأميركي…