المخابرات المصرية طلبت من حماس إعادة نشر قواتها على الحدود
تشير معلومات مؤكدة حصلت عليها ‘القدس العربي’ من مصادر موثوقة، إلى وجود علاقة وتنسيق كبير بين النظام المصري الحالي وبين حركة حماس التي تحكم قطاع غزة، لها علاقة بالوضع الأمني في منطقة سيناء، إضافة إلى ضبط الحدود الفاصلة، تمخض عنه طلب القاهرة من قادة حماس إعادة تواجد قوات الحركة الأمنية على طول الحدود بعد أن سحبتها قبل أشهر إحتجاجا على تعرضها لعمليات إطلاق نار من الجانب المصري.
ووفق ما أفضت به مصادر موثوقة مطلعة على الكثير من تفاصيل الإتصال والتنسيق بين حركة حماس والجانب المصري، فقد أكدت لـ ‘القدس العربي’ أن خط الإتصال بين الجانب المصري الذي تمثله المخابرات المصرية، وبين حركة حماس لم يغلق بالمطلق، رغم ما آلت إليه العلاقة بين الطرفين مؤخرا بعد أن قضت محكمة الأمور المستعجلة المصرية بحظر حماس واعتبارها ‘منظمة إرهابية’.
فمع اشتداد الخلاف بين مصر وحماس بعد إزاحة الرئيس محمد مرسي عن الحكم، وقيام الجيش المصري بحملة مشددة على منطقة الحدود الفاصلة بين الطرفين، والتي تكثر أسفلها أنفاق تهريب البضائع التي أقامها سكان غزة، سحبت حركة حماس قواتها الأمنية المنتشرة في تلك المنطقة التي تمتد لنحو 12 كيلومترا، وأعادت تموضعها في نقاط خلفية، بسبب تعرضها بين الحين والآخر لرشقات نارية من الجنود المصريين، علاوة على سماع جنود حماس الكثير من الشتائم بشكل يومي، ما استدعى قيام جهة الإتصال المصرية (المخابرات العامة) بحماس لإجراء اتصالات فورية بمسؤولي الحركة تدعوهم إلى إعادة نشر القوات في مواقعها السابقة.
الطلب المصري وفق ما توضحه مصادر ‘القدس العربي’، كان بسبب الخشية من تعرض الحدود لعمليات اقتحام من السكان كالتي حدثت مع اشتداد الحصار على غزة في مطلع العام 2008، وعقب انسحاب إسرائيل من غزة في العام 2005، حين تدفق آلاف الفلسطينيين إلى مناطق سيناء، كذلك كانت القاهرة تخشى من أن تكون حدودها عرضة لهجمات من جانب مسلحي سيناء، يتلوها هروب سهل إلى قطاع غزة.
وتتحدث المصادر عن عشرات عمليات التنسيق بين الطرفين، جرت في عهد ما بعد إسقاط جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مع التأكيد على بقاء هذه القناة في الإتصال والتنسيق على حالها، حتى في عقب قرار حظر حركة حماس ومصادرة أملاكها ومقراتها في مصر.
وأهم ما يشمله التنسيق بين الطرفين يقوم على منع حماس التي تسيطر جيدا على منطقة أنفاق التهريب، لأي عمليات تسلل لأفراد الجماعات الإرهابية المسلحة التي تنشط في سيناء إلى قطاع غزة، حيث لا تزال الحركة تسجل نجاحا كبيرا في هذا المجال.
وكثيرا ما أكد مسؤولون في حماس أن الحركة لا علاقة لها بأي أحداث تقع في سيناء، وأكد مؤخرا الدكتور موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس المقيم في العاصمة المصرية القاهرة على حرص حركته على الأمن القومي المصري.
وفي دليل جديد على وجود ‘قناة التنسيق’ بين حماس ومصر، ذكر مصدر مطلع أن قوة تابعة لحماس في قطاع غزة سلمت الأمن المصري أحد المهربين من أصحاب الأنفاق بعد أن حاول الهروب إلى قطاع غزة عبر نفق حدودي.
وفق ما نشرت صحيفة ‘اليوم السابع′ المصرية فقد ذكرت أن قوات الأمن المصرية المختصة ألقت القبض على أحد المعروفين بضلوعهم في نشاط التهريب في مدينة رفح، وأثناء اقتياده إلى منطقة الأنفاق للإرشاد عن نفق حدودي يملكه، قام بالفرار عبر هذا النفق إلى الجانب الفلسطيني من الحدود.
وعلى الفور ألقت قوة تابعة لحكومة حماس في قطاع غزة القبض عليه وأعادته إلى الجانب المصري.
وتقول مصادر الصحفية أنه أعقبت هذه الواقعة تدمير النفق الحدودي الذي شهد محاولة الهروب إضافة إلى منزل قريب من هذا النفق، فيما تم اقتياد المقبوض عليه إلى جهات أمنية لاستكمال التحقيق معه.
ويبدو كذلك أن عملية التنسيق بين الطرفين التي يديرها مسؤولون كبار، لم تتأثر بعمليات الجيش المصري على طول الحدود، والتي أدت إلى تدمير الغالبية العظمى من أنفاق تهريب البضائع إلى قطاع غزة الذي يشهد حصارا إسرائيليا منذ سبع سنوات.
وفي الأمس قال عبد السلام صيام الأمين العام لحكومة غزة أن العلاقات لم تنقطع في السابق مع مصر، وأنها حتى اللحظة غير مقطوعة، ويضيف ‘حتى بعد قرار محكمة الإجراءات المستعجلة بحظر حركة حماس جرى تواصل بين مستويات مختلفة بين الحكومة وجهاز المخابرات المصري المكلف بإدارة العلاقة مع فلسطين’.
صيام قال أن التواصل يقتصر على الأوضاع الأمنية، ويستبعد بعض الأمور الحياتية للشعب الفلسطيني.
وتلقي عمليات تدمير الأنفاق بظلالها على مجمل وضع سكان القطاع الساحلي المحاصر، حيث أدت عمليات وقف تهريب مواد البناء إلى وقف ورش البناء، وزيادة نسب الفقر والبطالة بشكل كبير.
ويطالب صيام مصر بإعادة فتح الأنفاق ‘وقال هناك شعب يضطهد، هناك شعب يموت في قطاع غزة، لذا نحن نؤكد على الأخوة المصريين بضرورة إعادة النظر بالسياسات المتبعة حاليا فيما يتعلق بمعبر رفح والبعد التجاري والأنفاق’.