الكيان المؤقت.. على مسافة حماقةٍ واحدة
صحيفة الوفاق الإيرانية-
إيهاب زكي:
في تغريدةٍ له على “تويتر” قال الإعلامي الصهيوني ألون مزراحي “إسرائيل تعيش سكرة القوة كما لم يحدث منذ العام 1967، فهي القوة الوحيدة في الإقليم، وحكام العرب عبيدٌ لها، من الأردن حتى السعودية، ومن السلطة الفلسطينية حتى المغرب، ومن مصر حتى دبي، كل القيادات مجرد خدمٍ لها، وبعضها بقاؤه مرتبط بها”.
تزامنت التغريدة مع ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مشاركة طائرات إماراتية قريباً في استعراض جوي في سماء فلسطين المحتلة بمناسبة الاحتفال بما يُسمى ذكرى “الاستقلال الإسرائيلي”، أي ذكرى النكبة.
وهنا يجب طرح السؤال الذي يغيب عن بال المطبعين طوعاً أو كراهية، لماذا لا يُعاملهم “الإسرائيليون” كأندادٍ أو كحلفاء، هذا فضلاً عن أن يعاملوهم كجدار حماية؟ ولكن من ناحيةٍ أخرى يبرز سؤالٌ إضافي، لماذا يعيش الصهاينة نشوة القوة حين التعامل مع العبيد، في الوقت الذي يتعامون عن هوانهم أمام من يقاوم؟
إنّ “إسرائيل” الكيان والقوة والقدرة وأبدية البقاء، ترى نفسها في وجوه المطبعين، ولكنها حين تنظر إلى وجوه المقاومين، يُداخلها اليقين بأنّها مجرد كيانٍ مؤقت، فرضته صدفة تاريخية في لحظةٍ بلهاء.
منذ الإعلان عن نية بعض الصهاينة ذبح قربانٍ في باحات الأقصى، لم تتوقف وساطات المطبعين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، عن طلب الرجاءات لضبط النفس والتهدئة، وهذه رجاءات “إسرائيلية” سُفحت على أقدام المقاومين بماء وجه المطبعين العبيد، حرصًا على ماء وجه سيدهم، حسب تعبير مزراحي.
إنّ هذا الكيان المؤقت، الذي يدّعي سكرة القوة، تصطك أوصاله أمام تهديداتٍ صادرة من غزة المحاصرة، والتي في أدوات القوة لا تُقارن بترسانة ذاك الكيان، حيث إنّ جنرالاته لم يتوصلوا حتى اليوم، للطريقة المثلى لصناعة انتصارٍ واضح وحاسم، بل لم يستطيعوا التوصل لأفضل السبل، لتلافي هزيمة تؤدي للزوال.
يدرك الكيان المؤقت أنّ بينه وبين الزوال مسافة حماقةٍ واحدة، خطأ نافرًا يرتكبه لحظة سكرة القوة أو سكرة يأس، وقيل قديماً إنّ القوة عمياء، أي أنّها لا تقدّر المخاطر حق تقديرها، فتندفع بلا حسابات، بينما هذا الكيان لا يمتلك تلك القوة، التي تجعله يتعامى عن المخاطر، بل هو من الضعف والهوان بمكانٍ، يجعله يحسب ألف حسابٍ لموطئ قدمه، إلّا على رؤوس المطبعين العبيد.
والخشية الكبرى التي ترسخ في نخاع الكيان، هي أنّ الحرب القادمة مع غزة، خصوصاً إذا كانت بسبب سلوكاته في القدس، تتعاظم نسبة تحوّلها إلى حربٍ أقليمية شاملة، وهنا تبرز المعادلة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، أنّ العدوان على القدس بهدف تغيير المعالم يعني حرباً إقليمية، وهذا ما يجعل رجاءات المطبعين العبيد، تصبّ في خانة تجنّب تحويل السلوكات العدوانية للصهاينة إلى حماقاتٍ، وبالتالي إلى عامل زوال.
في غزة رغم كل الوساطات والرجاءات، لا زالت السبابة على الزناد، ولا زال الاستنفار العسكري سيد الموقف، وهذا ما يعرفه الكيان المؤقت ويراقبه ويشعر به، وهو استنفار يشبه المطرقة الثقيلة، التي يراها الكيان فوقه، ويحاول بكل ما أوتي من لؤمٍ ومن مطبعين وعبيد تجنبها لأن لا تهوي فوق رأسه، لأنّه يدرك أنّها ليست مطرقة غزة فقط، بل مطرقة محورٍ كامل.
والحقيقة أنّ هناك الكثير من المتربصين بالكيان، يعيشون حالة انتظارٍ وترقبٍ يوميٍ بل لحظي، للخطأ الأخير، لذلك فإنّ الكيان يبدو أكثر جبناً من أن يُخطئ حتى اللحظة، أو أقل حماقة من أن يتهوّر، لذلك فإنّ التصبّر، هو الملاذ الأخير للمتربصين.
وفي الأخير هناك مفارقة عجيبة، فالكيان المؤقت الذي يُعتبر في كثيرٍ من المسلمات السياسية، أنّه المتحكم في السياسة الأمريكية، هو اليوم أهون وأوهن من ابن سلمان، حيث إنّ ابن سلمان بدفعٍ من دوائر جمهورية ترامبية يظهر التمرد لإدارة بايدن، بينما الكيان لا يستطيع ذلك، وحين يكون الكيان أوهن وأهون من ابن سلمان، فإنّ الأمر فارقٌ ودالّ.
وكخلاصةٍ فإنّ الكيان المؤقت سيظل في حال مراقبة للمطرقة، متى ارتخت عنها القبضات أعاد سلوكات الاستفزاز، ليكسب بالوقت ما عجز عنه بالحرب.