الكيان الإسرائيلي والعجز أمام قانون الحكم بالموت
صحيفة الوطن السورية-
تحسين حلبي:
أخيراً صوت «مجلس الكنيست» البرلمان في الكيان الإسرائيلي على قانون «الحكم بالموت» وجاء في نصه «إن كل من يتسبب عن نية أو لا مبالاة بموت إسرائيلي بدافع معاد أو عنصري تجاه الجمهور الإسرائيلي وبهدف إلحاق الضرر بدولة إسرائيل وانبعاث الشعب اليهودي، يحكم بالموت»، وجرت إحالة هذا النص إلى مجلس الوزراء المصغر لشؤون الأمن لوضع التفاصيل التي سينقلونها إلى القضاء لمن يستحق الحكم بالموت، وهذا يعني بموجب نص القانون، إعطاء هامش واسع وواضح للمحاكم بإصدار الحكم بالموت حتى لو لم يؤد العمل الفلسطيني إلى مقتل الإسرائيلي، لأن فقرة «إلحاق الضرر بالدولة وبانبعاث الشعب اليهودي» ستجعل للقاضي الحق باتخاذ هذا الحكم ضد عدد كبير من الاتهامات التي سيقدمها قادة جيش الاحتلال وأجهزة الأمن لمحاكم الاحتلال، لكن عدداً كبيراً من المحللين الإسرائيليين والمختصين بالقوانين، ذكروا أن هدف هذا القانون هو ردع الفلسطينيين قبيل شهر رمضان المبارك، وبعده ويقرون أنه لن يحقق أي ردع، لأن الاستعداد للأعمال المسلحة وغير المسلحة التي سيقوم بها الفلسطينيون ضد القوات الإسرائيلية وضد المستوطنين والمنشآت الاستيطانية يجري على قدم وساق، وقوات الاحتلال نفسها والأمن والمستوطنون المسلحون يعرفون ما أعلنه وزير الأمن الداخلي وقيادة الجيش حين طلب منهم استخدام النار في أي ظرف يتعرض له أي إسرائيلي في الشارع أو قرب مستوطنة حتى لو لم يكونوا في الخدمة اليومية العسكرية دونما حاجة لاعتقاله، وهذا يعني تماماً تنفيذ حكم الموت في الميدان من دون وصول المستهدف إلى قاعة المحكمة، ونفذ العديد من المستوطنين المسلحين مثل هذه العمليات ضد أطفال يحملون حجراً وقتلوهم، وهذا ما جعل الكثيرين من المحللين يعلنون أن أي فلسطيني ينوي القيام بعملية مهما كان شكلها ضد قوات الاحتلال يعرف أنه سيواجه تحدياً يعرضه إما لتنفيذ ما يرغب بتحقيقه والنجاة، وإما أن يتعرض للموت أو الإصابة بجراح وحتى لو كان سلاحه سيارة قادها لدهس جنود في الشارع.
وبالمقابل كان مدير مكتب رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين في بداية التسعينيات ايتان هابير قد كتب مقالاً في ذلك الوقت في صحيفة «يديعوت أحرونوت» اعترف فيه علناً أمام تزايد العمليات الاستشهادية التي كان ينفذها الفلسطينيون ضد قوات الاحتلال قائلاً: «لن تستطيع أي قوة تهدد الفلسطينيين بالموت منعهم من القيام بالعمليات المسلحة لأنهم حين ينفذون عمليات «انتحارية» يكونون قد اختاروا الموت ولذلك لن يردعهم التهديد بموتهم على يد الجيش».
هذه المعضلة التي ولدتها المقاومة الفلسطينية في المجابهة داخل الأراضي المحتلة، لا حل لها، وعجزت كل قوات الاحتلال عن إيقافها منذ التسعينيات حتى هذه اللحظة، وهذا ما ثبت في الميدان بعد تزايد عدد هذا النوع من العمليات حتى لو كانت بسكين أو بمحاولة دهس لجنود وعناصر الأمن الإسرائيليين، بل وتطورت على يد مجموعات مثل «عرين الأسود» وغيرها من المجموعات التي تتحدى بجرأة منقطعة النظير قوات الاحتلال في أزقة جنين ونابلس والقدس والخليل.
لهذا السبب، يتداول عدد كبير من المستوطنين في وسائل التواصل الاجتماعي بالعبرية سؤالاً يعدونه أحجية ويتساءلون فيه: «وكيف سيردع حكم الموت الإسرائيلي فلسطينياً أحاط وسطه بحزام متفجرات وقرر الموت؟!»، ويسخرون من حكومة بنيامين نتنياهو التي اتخذت هذا القانون قائلين: «إذن هل ستهددونه بأن يبقى حياً بدلاً من موته حتى قبل وصوله للمحكمة؟»، ويعلق بعض الإسرائيليين على هذا القانون قائلين: إن هذا القانون هو آخر سلاح يهددون به الفلسطينيين ويعرفون أنه لن يجدي ولن يخفض تصاعد العمليات ضد إسرائيل لأن من ينطبق عليه نص هذا القانون، أصبح عددهم مئات الآلاف من الشبان الفلسطينيين إن لم يكن أكثر من مليون داخل الأراضي المحتلة.