الكهرباء في لبنان.. خطط وعروض مجمدة والمواطن يدفع الثمن المضاعف
موقع قناة المنار-
أحمد شعيتو:
“تفيد مؤسسة كهرباء لبنان بأنه سوف يتم وضع معمل الزهراني قسريًا خارج الخدمة جراء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، ما سيؤدي إلى توقف إنتاج الطاقة على كافة الأراضي اللبنانية”… هذه جملة من بيان لمؤسسة كهرباء لبنان اليوم، تعكس ما بات منذ اشهر طويلة خبراً غير مفاجئ في لبنان، رغم انه يمثل واقعا مستفزا ومؤذيا للوضع الحياتي والعملي اليومي للمواطن اللبناني الى ابعد الحدود..
المفارقة ان الازمة تخللتها خطط، ثم عروض، ثم هبات.. ولكن دون جدوى ، وهكذا استمرت قصة غياب الكهرباء .. فقصور معامل الكهرباء في لبنان منذ العام الماضي عن تغذية المناطق باكثر من ساعتين من الكهرباء في اليوم، بل احيانا ساعة واحدة ثم انقطاع كلي، بسبب عدم وجود تمويل بالدولار لاستيراد الفيول اللازم، بات امرا يتكرر ويمثل فصلا من الفصول الدراماتيكية لهذه الازمة المستعصية في لبنان منذ عقود على الحل، والتي تراجعت معها ساعات التغذية مع السنوات حتى وصلت الى الدرك الاسفل بعد الازمة النقدية وما سمي شح الدولار.
ويؤمن الاتفاق اللبناني العراقي تغذية بالكهرباء لا تتعدى ساعتين يوميا، ثم مع نفاد الفيول تنقطع كليا، اما البديل للمواطن اللبناني هو فواتير خيالية للموتيرات او مبلغ كبير ايضا لتركيب نظام الطاقة الشمسية هذا لمن كان قادرا ، واغلب المواطنين باتوا غير قادرين على فاتورة المولد ولا يقدرون على نظام الطاقة البديلة، في ظل الغلاء الفاحش في الاسعار والمحروقات والطبابة وغيرها وازمات معيشية متفاقمة.. واذا كانت الدولة تؤمن هذه الخدمة البديهية لم يكن المواطن ليضطر لتحمل الثمن مضاعفاً.
ملف الكهرباء الذي لم يجد سكة الحل رغم العديد من الخطط التي تم الحديث عنها في الحكومات المتعاقبة تارة ببناء المعامل وتارة باعادة النظر بالفاتورة وغير ذلك، هي خطط اتت عليها الخلافات السياسية فقضت عليها، وهو ملف اساس علّته الهدر والفساد وباعتراف السياسيين صُرف على الكهرباء عشرات مليارات الدولارات دفعها المواطن اللبناني من جيبه على شكل ضرائب ورسوم، ولكن اين الكهرباء؟ فهكذا مبالغ ضخمة كانت كافية لانشاء معامل وسدود وتوفير الكهرباء بما يكفي ويفيض عن حاجة لبنان وكان اليوم بغنى عن طلب معونة من الدول وقروض من المؤسسات الدولية.
وما يفاقم الوضع حصار اميركي لا يزال يمنع اتفاق استجرار الغاز والكهرباء كما يبدي الرفض والانزعاج من العروض السخية من اكثر من جهة لتامين الكهرباء في لبنان. واذا كانت المحاسبة في لبنان غير سهلة المنال فعلى الاقل ان يكون هناك قرار سياسي موحد حول خطط الكهرباء او بالحد الادنى قبول العروض المقدمة للبنان مثل هبة الفيول الايراني او عروض انشاء المعامل..
وبنظرة على الملف والعروض فيه يمكن التذكير بما يلي:
– في تموز الماضي اعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الاستعداد لتامين فيول ايراني مجانا لتشغيل معامل الكهرباء.
– خلال زيارته لبنان في تشرين الاول 2021 أعلن وزير الخارجية الإيراني أن الشركات الإيرانية على استعداد في فترة زمنية لا تتجاوز 18 شهراً لبناء معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية في بيروت والجنوب
– عام 2019 راسلت شركة صينية معروفة الحكومة في لبنان حول المشاركة في أي مناقصة لانشاء معملين لانتاج الطاقة بقدرة 1600 ميغاوات في معمَليّ الزهراني ودير عمار وفق أي نظام تريده الحكومة اللبنانية .
– في شباط 2019 تم تقديم عرض روسي يتضمن بناء محطة كهروذرية لتوليد الطاقة الكهربائية تعمل على سد احتياجات لبنان من الكهرباء.
– في 2021 تكررت العروض الروسية حول الكهرباء ومصفاتي النفط في الزهراني وطرابلس، كما تكررت عروض صينية وايرانية.
– ورد في صحيفة الاخبار ان البنك الدولي ما زال يماطل في حسم رؤيته لملف إقراض لبنان من أجل تمويل استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر لزوم تشغيل معامل الكهرباء في لبنان. ففي الأيام الأخيرة عقد أكثر من اجتماع مع رئيس الحكومة ومع وزير الطاقة من دون أن يفضي أي منهما إلى نتائج واضحة.
اذاً هي ازمة لها اسباب متعددة الابعاد، اولها الهدر والفساد ثم “الازمة النقدية” ، والحصار والتدخلات الاميركية التي تطال اكثر من ملف حياتي للبنانيين بشكل وقح، وتتطلب حلول هذا الملف مثل غيره ارادة وقرارا سياسياً جدياً بإنفاذ الخطط وقبول العروض والهبات، لتامين خدمة حيوية للمواطن يخفف تامينها بعضا مما يتعرض له من معاناة وتكاليف.