القوة الصاروخية… استراتيجية النصر
موقع إنباء الإخباري –
علي الرضا بدرالدين:
لم تعد الحرب نزهة للجيش الإسرائيلي، المعادلات والموازين قد تبدلت، أمن إسرائيل أصبح عرضة للخطر، تغيرت حسابات الحرب بالنسبة لها، العواقب أصبحت وخيمة والمخاطر محدقة من كل الجوانب.
لم تستفد إسرائيل من دروس حرب تموز (2006) ومن بعدها حرب (2012) التي شنتها على غزة، لم تدرك جيداً أن جبهتها الداخلية بأكملها أصبحت تحت نار صواريخ المقاومة، وأن أي قصف إسرائيلي سيُردّ عليه بقصف على المدن والمستوطنات الإسرائيلية. وبرغم كل التحصينات التي قامت بها إسرائيل لحماية جبهتها الداخلية ومستوطنيها، من نصب دفاعت “القبة الحديدية” وتحصين الملاجئ، إلا أن مفاجآت المقاومة بتطوير ترسانتها الصاروخية جعلت أمن إسرائيل يتزلزل ويتصدع من هول القوة الصاروخية التي باتت تضرب على شكل صليات واتسعت رقعتها ومداها لتشمل كل أراضي فلسطين المحتلة.
قرار بدء الحرب وإنهائها وفرض شروطها خسرته إسرائيل اليوم، القوة الصاروخية المتنامية لفصائل المقاومة قد أثبتت قدرتها على تبديل موازين الحرب وقلب كفة الميزان، فبعد أن كانت إسرائيل تشن حربها دون أي رادع أو خوف، غدت اليوم تسرف بالتفكير وتتعمق في البحث وتطيل في إتخاذ القرار، خوفاً من عواقب لا تضعها في الحسبان، تجعلها تندم بعد ذلك ما يزيد الأمور سوءاً في الداخل الإسرائيلي، خاصة أن المستوطنين الاسرائيليين أصبحوا يشكّون في قدرة الكيان الصهيوني على حمايتهم، وباتوا يضغطون بكل الوسائل لمنع الجيش الاسرائيلي من الدخول في أي حرب.
هي استراتيجية بدأت محطتها الأولى في تموز 2006، مع بدء العدوان الاسرائيلي على لبنان. مفاجآت المقاومة كانت درساً لإسرائيل وكانت منطلقاً لتصدير هذه الاستراتيجية إلى كل الفصائل المقاومة، فبدأت رحلة التحدي بنقل الصورايخ إلى قطاع غزة لتحصن جبهة فلسطين الوحيدة في وجه إسرائيل ولتؤسس لمرحلة جديدة من الصراع تكون فيه الكلمة للهيب الصواريخ المتفجرة في قلب الكيان الاسرائيلي.
إن الحرب على غزة اليوم سطّرت مفاجآت لم يتوقعها الإسرائيلي، فبعد الصدمة الأولى الناجمة عن قوة وتطور الصواريخ التي حققت استراتيجية الردع والنصر، كانت عملية الكوماندوس البحري التي قام بها مجاهدو “كتائب القسام” المفاجأة الأكبر للعدو الاسرائيلي، إذ أنها تعتبر خرقاً أمنياً واستخباراتياً لقدرات الجيش الإسرائيلي الذي كان يتباهى بقوته الاستخباراتية والأمنية. وإضافة إلى ذلك، كانت مفاجأة المقاومة بقدرتها على تمويه وإخفاء المنصات الصاروخية التي ترجح المصادر أنها تطلق الصواريخ من تحت الأرض. بذلك تكون المقاومة الفلسطينية قد حققت توازن الرعب في وجه الاحتلال الاسرائيلي.
الحرب النفسية لم تكن غائبة عن حسابات المقاومة الفلسطينية، ومع بداية كل عدوان تنطلق الحرب النفسية بالتزامن معه، فترد المقاومة على التسمية التي يطلقها الاسرائيلي على العدوان الذي يشنه بتسمية أخرى، علماً بأن الهدف من التسمية التي يطلقها العدو على العدوان يصب في إطار الحرب النفسية. وقد تفوقت المقاومة في حربها النفسية على اسرائيل.
ففي إطار الحرب النفسية كانت الحرب الالكترونية من خلال عمليات خرق مواقع العدو وإرسال رسائل نصية على هواتف الاسرائيليين لتضرب روحهم المعنوية، ولترقى أخيراً إلى حرب التجسس من خلال إرسال طائرات إستطلاع كانت كالصاعقة على العدو.
لم يعد أمام العدو الاسرائيلي سوى التراجع وإيقاف هذه الحرب، وهو ما يبحث عنه الآن، لكن العدو نسي انه في وضع لا يسمح له بفرض شروط، وبالتالي فإنه يريد إنهاء الحرب بأقل الخسائر.
ومن يدري ما تخفيه المقاومة من مفاجآت أخرى، لعل القادم أعظم.