القمة العربية – الصينية وانعكاساتها الايجابية على العراق
موقع العهد الإخباري-
عادل الجبوري:
توجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة في أعمال القمة العربية-الصينية التي من المقرر أن تعقد هناك خلال هذه الأيام، في اطار المساعي العربية لتعزيز آفاق التعاون والعلاقات الاقتصادية مع الصين، فضلًا عن رغبة الأخيرة بتقوية حضورها في عموم الساحة العربية.
ومن المقرر أن تشهد الرياض ثلاث قمم، الأولى ثنائية تجمع كلًّا من الرئيس الصيني شي جين بينغ و”الملك” السعودي سلمان بن عبد العزيز وبحضور ولي العهد محمد بن سلمان، والثانية هي القمة الخليجية-الصينية التي ستجمع جين بينغ مع قادة الدول الخليجية الست، أما الثالثة فهي التي ستكون الأوسع والأشمل، متمثلة بالقمة العربية-الخليجية، التي سيشارك فيها مختلف زعماء البلدان العربية أو من يمثلهم.
وبحسب مصادر رسمية، فإن السوداني الذي ذهب الى الرياض على رأس وفد رفيع المستوى ضم عددًا من الوزراء وكبار المستشارين والخبراء في مجالات مختلفة، من المفترض أن يعقد الى جانب مشاركته في القمة، العديد من اللقاءات مع الملوك والأمراء والرؤساء العرب، وسيبحث معهم سبل تعزيز وتطوير العلاقات بين العراق واشقائه في المجالات والجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية، بما يسهم في ترسيخ المصالح المتبادلة والقواسم المشتركة، وحلحلة الاشكاليات والعقد القائمة، وبما ينسجم مع طبيعة المنهاج الوزاري للحكومة العراقية الجديدة برئاسة السوداني، التي شرعت بمهامها في السابع والعشرين من شهر تشرين الاول-اكتوبر الماضي.
الى جانب ذلك، فإنه من المتوقع أن يعقد السوداني وأعضاء الوفد المرافق له سلسلة لقاءات ومباحثات مع الرئيس الصيني وكبار المسؤولين في الحكومة الصينية لمناقشة جملة ملفات، من بينها تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والصين، التي أبرمت قبل ثلاثة أعوام في عهد رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، وكيفية مساهمة بكين في دفع عجلة الاستثمار في العراق بمختلف القطاعات، وآليات وسبل انضمام الأخير لمشروع الحزام والطريق الاستراتيجي الذي طرحته الصين منذ حوالي تسعة أعوام، وشرعت بخطواته العملية خلال الاعوام القلائل الماضية.
وتعد الصين شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا للعراق، حيث إنها من أبرز المستوردين للنفط العراقي، في ذات الوقت الذي تشكل السلع والبضائع الصينية على اختلاف أنواعها نسبة كبيرة من عموم حركة الأسواق والنشاط التجاري في العراق، فضلًا عن أن العديد من الشركات الصينية المتخصصة في النفط والطاقة لديها مشاريع استثمارية ضخمة. وتعوّل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة السوداني على تنمية العلاقات مع الصين وازالة كل العوائق التي تحول دون ذلك، من أجل تحقيق نهضة سريعة في مجال البناء والاعمار والخدمات وتوفير فرص العمل، لا سيما مع اعادة الروح للاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين الطرفين. ومن خلال ذلك، ستنجح بغداد بقدر معين في الحد من الهيمنة الأميركية على مقاليد الأمور، وخصوصًا في القطاعات الحيوية، مثل قطاعي النفط والكهرباء. وبحسب السفير الصيني في تصريحات سابقة له قبل عدة شهور، بلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين العراق والصين أكثر من ثلاثة وثلاثين مليار دولار.
ويرى مختصون في الشؤون الاقتصادية، أن الحضور الصيني ذا الطابع الاقتصادي الايجابي في الساحة العربية أخذ يتنامى ويتسع بصورة واضحة وملموسة، في مقابل اتساع مواقف ومشاعر الرفض للسياسات الأميركية القائمة على توظيف القوة العسكرية ودعم الكيان الصهيوني لترسيخ الوجود الاميركي في المنطقة. ويبدو واضحًا من خلال تصريحات بعض مسؤولي البيت الأبيض أن واشنطن غاضبة ومتذمرة من زيارة الرئيسي الصيني للمنطقة، اذ قال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي جون كيربي “ان زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ إلى السعودية مثال على محاولات الصين بسط نفوذها في أنحاء العالم”.
ويشير مراقبون لمسار العلاقات العربية – الصينية الى “ان الصين والدول العربية ظلت تعمل على إقامة الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والفوز المشترك والمنفعة المتبادلة، وحتى الآن تمت إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية ذات الطابع الاستراتيجي بين الصين واثنتي عشرة دولة عربية على صعيد ثنائي، من بينها العراق”، وتؤكد الارقام أن حجم المبادلات التجارية والاستثمارات بين الصين والدول العربية تجاوز المائتين والخمسين مليار دولار سنويا، وهو بتوفر الرغبات المتبادلة والفرص والافاق الجيدة لدى كل الاطراف، اخذ بالتصاعد المستمر والسريع، لا سيما وأن عموم المواقف السياسية للصين حيال القضية الفلسطينية والملفات العربية الاخرى، يتميز بالتوازن والعقلانية.
ولا شك أن تطور وتنامي العلاقات العربية-الصينية، ستكون له انعكاسات وآثار ايجابية على مسارات العلاقات العراقية-الصينية، وبالخصوص اذا كانت علاقات العراق مع محيطه العربي وفضائه الاقليمي تسير بالاتجاهات الصحيحة والمثمرة.