القضية الفلسطينية بين مؤتمري طهران واسطنبول
موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير:
إن الذين يقارنون بين الدور الإيراني والتركي يقفزون في كثير من الأحيان فوق المواصفات التركيبية لكلا الكينونتين، وهي مواصفات تحدد إمكانيات كل منها في التفاعل مع الإحداث وحدوده، فينطلقون من خلال خطوات إجرائية هنا أو خطوات إجرائية هناك ليصلوا إلى استنتاجات.! وبالطبع القفز فوق الطبيعة البنيوية يؤدي إلى أخطاء في نتائج التحليلات.
من هذه المواصفات البنوية أو التركيبية أن الكينونة التركية ليست مستقلة، فتركيا تقف تحت سقف الناتو، بمعني أن هامش المناورة لديها ضيق. بل هو يستقوي بالناتو وبالقوى الاستعمارية الإخرى، فما أن أتى ترامب وله أحاديث عن تأييده خلق مناطق آمنة في سوريا حتى قام اأردوغان بمحاولة التملص من التزامت اتفقاته مع روسيا والجمهورية الإسلامية.
القوى الغربية التي تخضع لها تركيا هي قوى لا تقبل المساس بالكيان الصهيوني، لذا لا نرى من تركيا سوى كلام، حتى عندما قتل الكيان الصهيوني مواطنين أتراك على السقينة مرمرة لم يتجاوز رد الفعل التركي الكلام. كما أنه لم يتوقف التعاون العسكري والاستخباراتي مع الكيان الصهيوني طيل هذه الفترة.
الجمهورية الإسلامية لا تقف تحت سقف أي دولة أو تحالف. بمعنى أنها دولة مستقلة القرار، قد تخطئ في حساباتها، فهي لا تدغي العصمة، لكن يبقى أن قرارها بيدها. والذين يقارنون علاقة إيران بروسيا بعلاقة تركيا مع الولايات المتحدة يجانب الصواب تحليلاتهم. قد تعمل الجمهورية الإسلامية حسابات هنا أو هناك لكن هذا يكون ضمن دراسة الأمر الواقع للحقائق على الإرض لاستيعابه عند اتخاذ القرارات. لذا رأت الجمهورية الإسلامية أن الكيان الصهيوني يخاف ولا يستحي، فاندفعت بتقوية المقاومة وإمدادها بالسلاح وخلقت توازن بين هذه المقاومة والكيان الصهيوني. هذا التوازن هو الذي منع ويمنع نزهات جيش الكيان الصهوني لاحتلال لبنان. وهو الذي يكون ظهيرا للرئيس اللبناني العماد ميشيل عون ليصرح بما يريد دون خوف من ردة فعل إسرائيلية على تصريحاته، فظهره تؤمنه المقاومة اللبنانية بالتعاون مع الجيش اللبناني.
مؤتمر طهران يصب مباشرة وبقوة في دعم الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقة في وطنه المعتصب، فهو يقوية أمام مغتصب وطنه. نحن لا نشكك في شخصيات وطنية مثل الدكتور سلمان أبو ستة، وإن وقعوا في الفخ التركي، فسيعالجوا الأمر عند اكتشافهم لمصيدة أردوغان. فمؤتمر اسطنبول ككل يستهلك الوقت والجهد في جوانب إجرائية لأهداف غير واضحة المعالم، لأنه لا توجد علاقة واضحة بينها وبين عملية التحرير.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعرف موقع القضية الفلسطينية في وجدان هذه الأمة، بل وقد ذاق حلاوته بعد تمثيله الرائع مشاهد رائعة على مسرح دافوس أمام شمعون بيريس، فقد خرج الشعب التركي عن بكرة أبيه لاستقباله عند عودته استقبال الإبطال الفاتحين. وهو لا يريد أن تستأثر الجمهورية الإسلامية ورقة القضية الفلسطينة، حسبما يرى هو الأمر. ومع وضع المواصفات التركيبية لتركيا في الاعتبار، فيعتبر مؤتمر اسطنبول مؤتمرا ضرارا في مسيرة الشعب الفلسطيني النضالية. يحاول من خلالة أردوغان أن يسوق مشروعه في سوريا للأمة، الذي أوضح في نقطة ما بأنه يريد كسر الجملين السوري والعراقي ليتعشى ابن آوى التركي، وهو المعني الذي يمكن استشفافه عند استعمال أردوغان لوثيقة لوزان.