القائد و المخطِّط الإعلامي الأول في المحور
وكالة أخبار الشرق الجديد-
غالب قنديل:
الاهتمام بالعمل الإعلامي لمحور المقاومة يمثّل سمة مميّزة في أداء قائد المقاومة السيد حسن نصرالله السياسي والقيادي وطنيا وعلى صعيد المحور الإقليمي للمقاومة والتحرّر في الشرق. ونعرف الكثير عن العناية الخاصة التي يوليها للقضايا والهموم الإعلامية، منذ تولّيه مواقع القيادة الأولى في المقاومة اللبنانية، من خلال الدور المميّز الذي شغله في بنيان حزب الله، ومن ثم على صعيد المحور التحرّري المقاوم في الشرق. وكان بديهيا أن يكرّس هذا القائد قسما رئيسيا من جهده ومساهماته الفكرية والعملية لجبهة الإعلام المقاوم في لبنان والمنطقة، وبالذات في المرحلة المفصلية، التي يدخلها السجال التاريخي الميداني والاستراتيجي بين محور المقاومة وحلف الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية.
أولا: انطلق قائد المقاومة من أهمية الموضوع الإعلامي في الصراع على مستقبل المنطقة. وقد دعا لتطوير الخطاب السياسي والإعلامي لمحور المقاومة بالتوازي مع تطوير سائر أدوات الصراع الأخرى، وحيث اعتبر قائد المقاومة أن فصول الصراع والكفاح والصمود الصعبة، التي خاضها محور المقاومة خلال السنوات العشر المنصرمة، تقتضي تطويرا للخطاب الإعلامي، بعد حقبة صعبة من الصمود والتضحيات والإنجازات.
من موقعه التاريخي وبوعيه الاستراتيجي انطلق السيد من معضلة الهيمنة الأميركية على المنطقة ربطا بقضية تحرير فلسطين، التي كانت وما تزال تحظى بمكانة مركزية، ترتبط بها عضويا سائر وجوه وقضايا التحرّر والتقدّم الاجتماعي في المنطقة وبلدانها. وبقدر ما تمثّل الهيمنة الإمبريالية الأميركية الغربية العائق النوعي في طريق التنمية والاستقلال والعدالة الاجتماعية، فهي ذاتها السند الفعلي للكيان الغاصب ومصدر قوته وراعية وجوده. ومن هنا فقد انطلق القائد نصرالله من ذلك الترابط العضوي الاندماجي والتكويني بين قضية التحرّر والاستقلال والتخلّص من الهيمنة الاستعمارية والتنمية والعدالة الاجتماعية. وهذه الرؤية ترسم إطارا استراتيجيا وتاريخيا لقضية التحرّر.
وفي قلب هذا الصراع تقع قضية تحرير فلسطين والقدس، التي تمثّل هدفا لأحرار الشرق وشعوبه وطلائعه المناضلة. والحقيقة التي رسّختها الخبرة والعبرة منذ نكبة فلسطين، هي أن التحرّر والتنمية والتقدّم الاجتماعي في بلدان المشرق مرتبطان عضويا بمعادلات الصراع العربي – الصهيوني، التي تقود إلى أولوية إسقاط الهيمنة الأميركية على المنطقة.
ثانيا: انطلق قائد المقاومة من معركة سيف القدس وحاصلها الاجمالي، كما تبدّى في انعكاسه على ميزان القوى، فأشار بوضوح إلى أن معركة سيف القدس جعلت القدس أقرب، منوّها بملامح قوة وتميّز إعلام المقاومة في مواكبة الأحداث، وبناء الروح المعنوية للشعب، ورعاية مناخ من الثقة والإيمان المتجدّد بالنصر حول المقاومة، في سائر ساحات الإقليم وبلدانه، التي تتعرّض لمحاولات خنق واستنزاف، تستدعي التشديد على محوريّة الصراع ضد الكيان الصهيوني واندماجه الفعلي بقضية التنمية والتقدّم والعدالة الاجتماعية في بلدان المنطقة، على أساس التحرّر من الهيمنة الاستعمارية اللصوصية. وفي قلب هذا التصوّر الاستراتيجي وضع قائد المقاومة مصير القدس كعنوان مركزي للصراع ضد الحلف الإمبريالي الصهيوني الرجعي في بلداننا العربية المشرقية، مشدّدا على مركزية قضية القدس، وأهمية استثمارها سياسيا وشعبيا لبلورة توازنات ومعادلات قوة جديدة. ونبّه إلى أهمية إشعار العدو بهذه المعادلة وفرضها عليه، بحيث يمكن مراكمة التحولات، التي تعزّز قوى المقاومة ومحورها، وقدرته على المبادرة الهجومية والدفاعية، وترسّخ التنوّع والحيوية اللذين يميزان المحور ونسيجه العابر للحدود. وهو ما تعكسه عناصر قوة محور المقاومة في الشرق، مؤكدا على مواصلة التشبيك وتطوير هذه العناصر على مستوى الإقليم.
ثالثا: صاغ القائد نصرالله معادلة التعامل الموجب مع الأزمات الاقتصادية والمعيشية الضاغطة على حدّ سيف الصراع، بإعطائها الاهتمام المطلوب، لتوفير مستلزمات الصمود الشعبي في قلب الصراع المستمر ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي، وحيث العمل المطلوب والمركّب من خلال متابعة الصراع ضد الحلف المعادي سياسيا وعسكريا وإعلاميا، وحشد مقدّرات الصمود الاقتصادي ومستلزماتها، التي هي في صلب المعركة الوطنية والقومية التحرّرية.
هذه الرؤية المركّبة، يتطلب تجسيدها عملا شاقا في التعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، التي ترتّب معاناة شعبية، وهي موضع استثمار متواصل من قبل حلف العدوان في عمليات الاختراق والتوهين، ولا يمكن التعامل معها بإدارة الظهر، بل إن واجب المحور التحرّري المقاوم تحريك مبادرات هجومية شاملة، مبنية على الترابط بين رافعتي التحرّر الوطني والاجتماعي، وعدم الوقوع في انحراف منهجي استبدالي، يطمس الهمّ الاقتصادي الاجتماعي، ويدعو الناس للعضّ على جروحهم النازفة وجوعهم المتمادي لأجل القضية الوطنية، أو يقع في انحراف الاستسلام والتلاشي على جبهات النضال الوطني، بذريعة إنهاء المشاكل الاقتصادية، كما فعل روّاد نهج الاستسلام بعد هزيمة حزيران، وكانت الحصيلة ارتهانا وخضوعا للهيمنة، ما خلّف جوعا وفاقة واستباحة للسيادة والكرامة. بينما كان الثبات على الكرامة والصمود رغم الحصار والعقوبات ومحاولات العزل السياسي الخيار الأقل كلفة. وهذا ما تبرهن عليه التجربة السورية بوضوح، منذ السبعينيات إلى اليوم، وسط العواصف العدوانية الأميركية – الصهيونية والتآمر الرجعي.