الفيول والعروض الإيرانية: حل أزمة الكهرباء في لبنان
موقع الخنادق:
بعد أقل من شهرين على إطلاق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمبادرة جلب الفيول الايراني الى لبنان، أعلنت السفارة الإيرانية في بيروت أن “السفن المحمّلة بالفيول الإيراني ستكون جاهزة، خلال أسبوع أو أسبوعين، للإبحار باتجاه لبنان والرسو في الميناء الذي يحدّده الجانب اللبناني”. فيما بقي كلام السفيرة الأمريكية دوروثي شيا منذ أكثر من سنة حول استجرار الغاز المصري الى لبنان موضوع سخرية النشطاء اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الإعلان جاء خلال تواجد الوفد الفني اللبناني في طهران والذي كان وزير الطاقة وليد فياض قد قال بأن الأمور تنتظر مباحثات الوفد مع المسؤولين الإيرانيين لاطلاعهم على الكميات التي يحتاجها البلد والمواصفات التي تتطابق مع معامل الإنتاج في لبنان.
وعلى إثر القاءات، أبلغت طهران الوفد بأنها ستزوّد لبنان بـ 600 ألف طن من الفيول مقسَّمة على خمسة أشهر، لمعالجة مشكلة التغذية في التيار الكهربائي ودخول معظم المناطق اللبنانية في العتمة. وكما صرحّ السفير الإيراني في بيروت مجتبى أملي سابقاً، شدّد الوفد على أن هذه الهبة تفتح الباب لمساهمة الجمهورية الإسلامية بإصلاح شبكات الكهرباء وبناء معامل لتوليد الطاقة الكهربائية.
وعلى الرغم من أن البعض تحدث أن الفيول لا يطابق المواصفات في المعامل اللبنانية الا أن ذلك لا يشكّل معضلة ولا يعرقل الوصول اذ يمكن مبادلة هذه الكمية بأخرى تحمل المواصفات المناسبة والمستخدمة في معملي دير عمار والزهراني على غرار الفيول العراقي، ما يسمح للبنان بنهاية المطاف بالحصول على 6 الى 8 ساعات من التغذية بالطاقة الكهربائية يومياً. وتشير الأوساط الخبيرة الاقتصادية الى أن “ساعات التغذية هذه تخفف من تكلفة انتاج الكهرباء المرتفعة على الدولة وعبء الفواتير على المواطنين بحوالي 30%، كما تعيد تنشيط مصانع الكهرباء شبه متوقفة عن العمل، وهي تعدّ أيضاً خطوة باتجاه استعادة الثقة الخارجية بالبلد.
على المقلب الآخر، أثار التقارب الإيراني – اللبناني التصريحات “المتطرفة” لوزير حرب الاحتلال الذي زعم أن “اعتماد لبنان على الطاقة من إيران يمكن أن يؤدي إلى إقامة قواعد إيرانية على الأراضي اللبنانية وزعزعة الاستقرار الإقليمي…وسيدفع المواطنون اللبنانيون الثمن”، مدعياً أن إيران “تسعى إلى شراء لبنان من خلال توفير الوقود لبناء محطات طاقة”.
وفيما فصلت إيران بين الأوضاع السياسية الحالية في البلد ولم ترفق هبتها بلائحة شروط، بل كانت فقط بهدف مساعدة الشعب اللبناني، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عقب اجتماع بالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري أن الرياض “مستعدة وجاهزة لمساعدة لبنان ولكن بوجود رئيس جمهورية وحكومة جديرين بالثقة”.
عروض ايرانية دون تجاوب لبناني
بقيت الكرة دائماً في الملعب اللبناني، منذ ما بعد حرب تموز عام 2006، دون جواب واضح من الجانب اللبناني الذي لطالما رفض العروض الإيرانية. فيما لم يحاصر البلد ويقطع عليه الاستفادة من العروض سوى الضغوطات الخارجية ولا سيما الأمريكية.
فالجمهورية الإسلامية واصلت خلال السنوات الماضية تقديم عروضها في كلّ زياراتها الرسمية الى بيروت. ففي العام 2006 رفضت الحكومة اللبنانية عرضاً إيرانياً للمساعدة في حلّ الأزمة الكهربائية عبر بناء معامل إنتاج على الغاز، وكذلك في العام 2009، وفي العام 2010 تجدّد العرض في زيارات رسميّة متبادلة بين البلدين، قام بها رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري ووزير الطاقة جبران باسيل، وجرى الحديث عن استعداد إيراني لبناء معملين لإنتاج الكهرباء بقدرة 1000 ميغاواط وبكلفة زهيدة، لكن الجانب اللبناني طلب التريّث حتى إنجاز الصيغة القانونية.
في العام 2012، كرّرت إيران موقفها من بناء معامل للكهرباء لإنتاج 500 ميغاواط. وفي العام 2017، جدّد معاون وزير الطاقة الإيراني للشؤون الدولية علي رضا دائمي العرض، خلال لقائه وفداً إعلامياً لبنانياً زار وزارة الطاقة الإيرانية. أما في العام 2019، فقد أكّد وزير الخارجية الإيراني آنذاك محمد جواد ظريف، خلال زيارته للبنان، أنّ عرض بلاده لإنقاذ لبنان من أزمة الكهرباء لا يزال قائماً.
عام 2020، وخلال زيارة رسمية لرئيس مجلس الشورى الإيراني السيد علي لاريجاني الى لبنان، جدّد لاريجاني العرض فضلاً عن استعداد بلاده لتزويد لبنان بالمشتقات النفطية المتنوعة بأسعار مدروسة وجودة عالية. وفي العام 2021 حملت زيارة رئيس الخارجية الإيرانية الحالي حسين أمير عبد اللهيان العروض بإنشاء محطتين لإنتاج الكهرباء واحدة في بيروت وأخرى في الجنوب بمدة زمنية قياسية لا تتخطى الـ 18 شهراً وقادرة على تأمين 1000 ميغاواط ما يسد الحاجات اللبنانية الكاملة من التيار الكهربائي.