الضفة الغربية المحتلة في برامج الأحزاب الإسرائيلية الانتخابية
موقع قناة الميادين-
أيمن الرفاتي:
تمثل الضفة الغربية أهمية كبيرة لشريحة واسعة من الناخبين اليمينيين في “إسرائيل”، بجانب العدد المؤثر في الانتخابات لمستوطني الضفة.
مثلت قضية الضفة المحتلة في فترة الدعاية الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية محوراً مهماً في البرامج المقدمة إلى الجمهور، في ظل سعي مختلف الأطراف الحزبية لإثبات قدرتها على إيجاد حلول تضمن الهدوء أمام أخطر الجبهات حالياً، إضافة إلى سعيها لتقديم حلول تثبّت المستوطنين في الضفة وتضمن أصواتهم المؤثرة خصوصاً أنهم زادوا خلال الأعوام الأخيرة على نحو واضح ليتخطّوا حاجز 800 ألف مستوطن.
وقد تنوع الحديث عن الضفة المحتلة ضمن البرامج الانتخابية ما بين تناول مشروعات الضم، وقضية الاستيطان والمستوطنين فيها، والمشهد الأمني. وعند الحديث عن الضفة تُجمع أغلب الأحزاب الإسرائيلية على أنه ما دامت دولة الاحتلال تحافظ على الوضع الحالي في الضفة فلن يكون للفلسطينيين أي دولة.
في هذا المقال، نسلط الضوء على توجهات مختلف الأحزاب في “دولة” الاحتلال (اليمين والوسط واليسار) فيما يخص الضفة المحتلة، باعتبارها تمثل أهمية كبيرة لشريحة واسعة من الناخبين اليمينيين في دولة الاحتلال، بجانب العدد المؤثر في الانتخابات لمستوطني الضفة، ولتأثير وضع الضفة في الأمن الداخلي في دولة الاحتلال.
وتركزت الدعاية الانتخابية لأحزاب اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو زعيم حزب “الليكود” على عملها في حال شكلت حكومة جديدة أن تشرعن الاستيطان الجديد في الضفة الغربية، وهو ما يعرف في دولة الاحتلال بــ”الاستيطان الفتي”، وأن تعترف بالبؤر الاستيطانية الجديدة، إضافة إلى المصادقة على توسعة المستوطنات وزيادة الحماية الأمنية والعسكرية لها، إذ وقّع زعيم تكتل اليمين نتنياهو تعهداً بأنه في الحكومة التالية التي سيشكلها، ستكون تسوية “الاستيطان الفتي” جزءاً من خطوط الحكومة الأساسية.
ولم تخلُ الدعاية الانتخابية لحزب الليكود من تأكيد قراره السابق العمل لـ”ضم الضفة الغربية” إلى دولة الاحتلال، والعمل لتشريع ذلك في الكنيست، وتجاوز جميع الضغوط والمحاولات التي تحاول تقليص السيطرة الإسرائيلية على الضفة.
من ناحية أخرى، تعد أحزاب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش أكثر الأحزاب تطرفاً، إذ طرحت خلال الدعاية الانتخابية خطة لمكافحة السيطرة الفلسطينية على المناطق “ج” في الضفة الغربية، والدفع بالبناء الاستيطاني في هذه المناطق، إضافة إلى نقل صلاحية تسيير شؤون المستوطنين في الضفة من الإدارة المدنية التابعة لوزارة الجيش إلى الوزارات المدنية في الحكومة، بحيث يجري التعامل مع المستوطنات مثل باقي مدن دولة الاحتلال، إضافة إلى توسيع الاستيطان الرعوي الإسرائيلي في المناطق المفتوحة، فضلاً عن إلغاء ما سمّاه “العملية المضنية لإقرار البناء الاستيطاني، الذي يتطلب اليوم 4 أذونات منفصلة في مجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنية”.
في الجهة المقابلة، ومع أن حزب “هناك مستقبل” برئاسة يائير لابيد كان ينادي بحل الدولتين، إلا أنه لم يقدم أي رؤية حولها، بل إن جميع خطوات لبيد خلال رئاسة الحكومة الانتقالية تشير إلى أنه لا يمتلك رؤية حقيقية بعيدة عن رؤية الأحزاب اليمينة، وقد برزت هذه المواقف جلياً عندما وافق لابيد مرات عدة على قرارات توسيع المستوطنات والبناء في الضفة المحتلة، إضافة إلى موقفه قبل شهرين الرافض لاستقبال وزيرة الخارجية النرويجية، أنكين هويتفلدت، على خلفية قرار بلادها مقاطعة منتجات المستوطنات، بوضع علامات خاصة تميّزها من غيرها.
ويرى حزب “هناك مستقبل” ضرورة استمرار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على ما هي عليه من دون أفق سياسي، لتؤدي الدور المناط بها فيما يتعلق بالجانب الأمني، مع ضرورة عدم السماح بانهيارها وأجهزتها الأمنية لأن البديل منها سيكون المقاومة الفلسطينية، ويرى حزب لابيد أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية قبل إلقاء الفلسطينيين السلاح ووقف المقاومة في الضفة وقطاع غزة.
أما حزب “المركز” بقيادة الثلاثي “بيني غانتس وجدعون ساعر وغادي ايزنكوت” فقد تجنّب الحديث عن توجهاته على نحو صريح أمام الجمهور الإسرائيلي، وبخاصة فيما يتعلق بالضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية، إلا أن شخصيات المركز تطرح رؤية تهدف إلى تقليص الصراع، والحفاظ على أمن المستوطنين وأمن المدن القريبة من الضفة الغربية، ومنع خطر دولة ثنائية القومية، والحفاظ على علاقة بالفلسطينيين، مع استمرار تفوق دولة الاحتلال الأمني.
وفي الإطار نفسه يرى حزب “إسرائيل بيتنا” بقيادة افيغدور ليبرمان، أنه في حال الوصول إلى حلول سياسية لن يكون هناك انسحاب من الضفة الغربية وأن الحل يكون في تبادل الأراضي، بحيث يحصل الفلسطينيون على أراضٍ في سيناء في مقابل المستوطنات والمدن الفلسطينية ذات الطابع العربي.
بينما تطرح أحزاب اليسار “العمل، وميرتس” فكرة العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين والتوصل إلى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، والتخلي عن المستوطنات النائية والفتية في الضفة الغربية.
في ظل الانجراف نحو اليمينية في دولة الاحتلال جميع الأحزاب بمختلف توجهاتها يظهر في برامجها الانتخابية أنها تتفق على بقاء الاستيطان في الضفة والسيطرة على منطقة غور الأردن، لكنها تختلف في كيفية التعامل مع المناطق التي ليس فيها تكتل سكاني فلسطيني في الضفة، بحيث يطرح أطراف منهم ضم كل الضفة، وآخرون يطرحون ضم جزء منها وإقامة حكم ذاتي للفلسطينيين فيها بمساحة تصل إلى 26% من مساحة الضفة، وهو ما يشير بالمجمل إلى إنكار الحق الفلسطيني في جزء كبير من الضفة وسط مؤشرات وحقائق بأن أياً من الأحزاب لا تحمل رؤية للتسوية مع الفلسطينيين.