الضاهر والمستقبل… هل تسلم الجرّة ؟
صحيفة البلد اللبنانية ـ
نهلا ناصر الدين:
ربّما هي المرّة الأولى التي تنظر فيها قوى الرابع عشر من آذار، بشكل عام، وكتلة المستقبل النيابية الأكثر تضرراً من كلام الضاهر، بشكل خاص، إلى رئيس حزب “التوحيد” وئام وهاب بشكلٍ مختلف، ورأوا أنه على حق، بعد أن خرج ليقول بالفم الملآن ما مُنعوا هم من قوله، والمؤكّد أن وهاب “فشّلون خلقون” بطريقةٍ أو بأخرى، عندما رد على النائب خالد الضاهر، وذلك عبر حسابه الرسمي على تويتر من دون أن يسمّيه بقوله: “تعليقاً على كلام أحد نواب الشمال عن تمثال يسوع الملك إن وضع هذا النائب في الحجر الصحي العقلي أصبح ضرورة وطنية”.
اعتاد النائب خالد الضاهر التطاول على المؤسسة العسكرية وبث روح التفرقة بين اللبنانيين والتلاعب على الغرائز الطائفية، فهي ليست المرّة الأولى التي يصرّح فيها النائب المستقبلي المذكور بما يسيء لتيار المستقبل الذي ينتمي الى كتلته، ويهدم بكلماته اللامسؤولة قواعد العيش المشترك التي طالما تغنّى بها التيار.
وكذلك الأمر، ليست المرّة الأولى التي يسارع فيها المستقبليون الى التبرؤ من كلام زميلهم، معتبرين أنه كلام شخصي لا يعبّر عن رأي الكتلة ولا يمتّ إليها بأي صلة.
تمّ التأديب
تشير الأجواء إلى أن “التأديب” حصل خلف الكواليس، واتصالات كثيرة جرت تحت هواء المستقبل، ما أجبر الضاهر على أن يعتذر خلال مؤتمرٍ صحافي من منزله في طرابلس “من أي شخص مهما كان وزنه ودوره، إذا أخطأ بحقه” موضحاً أنه تم “اجتزاء كلمته، ولم تنشرها بعض وسائل الإعلام كاملة”.
اسئلة ملحّة
ولكن أسئلةً كثيرة ملحة تطرح نفسها وتقول، هل ما زال كافياً التعنيف الكلامي للضاهر، وإجباره على الاعتذار بعد كلّ زلّة لسان مقصودة، وهل حان الوقت ليتبرأ تيار المستقبل، ليس فقط من كلام الضاهر، بل منه شخصياً كنائب، ولعلّها فرصة مناسبة بكل المقاييس ليتخلّص التيار من أحد أكبر مشاغبيه، والذي بات اللبناني يتساءل عن جدوى استمرار وجوده في الكتلة، وهل يتخوّف تيار المستقبل من أن يزيح جناحه عن خالد الضاهر، تحسّباً من نشوء حالة “ضاهرية” في طرابلس على غرار الحالة “الأسيرية” التي شهدناها في صيدا.
رهن موقف الكتلة
وجدت الأسئلة صداها في قلوب نواب الكتلة ولكن لم تجد الردّ، فأجمع نواب المستقبل على أن تصريحات الضاهر لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن موقف تيار المستقبل وخطابه المتمسك بالعيش المشترك ونهج الاعتدال. وأحجم معظمهم عن نقل أجواء اجتماع الكتلة المرتقب في الأيام القليلة القادمة، والتي سيكون مستقبل النائب الضاهر رهن موقفها.
موقف صارم
اعتبر بعض نواب كتلة المستقبل أن اعتذار الضاهر لا يكفي وأن هناك حاجة ملحة لاتخاذ موقفٍ صارم من الكتلة تجاهه.
فعبّرالنائب سيرج طورسركيسيان عن استيائه من تصريحات الضاهر الأخيرة التي طالت رموز المسيحيين في لبنان، ووصفه بالكلام “المرفوض جملةً وتفصيلا”، متسائلاً “ماذا يفيد الاعتذار بعد أن قال الضاهر ما قاله من كلام غير مسموح ولا مجال لتبريره”.
معوّلاً على قرار كتلة المستقبل التي ستعالج مواقف الضاهر الأخيرة في اجتماعها القادم، ومؤكداً لـ”البلد” أن هذه المرة ليست كسابقاتها، أو يُفترض ألا تكون كذلك، نسبةً للتعامل مع أسلوب كلاميّ خطير “لا يليق أصلاً بنائب”.
الاعتذار يكفي
بينما اعتبر آخرون في الكتلة نفسها، أن الاعتذار يكفي وأن “العودة عن الخطأ فضيلة”، كالنائب هادي حبيش الذي أكد بدوره لـ”البلد” أن الموضوع ستتم معالجته في اجتماع الكتلة كون “معظم النواب غير راضين على كلام الضاهر” مجددا التأكيد أن كلام الضاهر مرفوض ولا يعبّر عن رأي الكتلة لا من قريب ولا من بعيد.
المرة الأخيرة؟
في كل مرّة تسلم جرّة الضاهر من موقف كتلة المستقبل، ولكن “مش كل مرّة بتسلم الجرّة”، خاصةً وأن النائب الضاهر لم يتجاوز هذه المرّة الخطوط الحمر لتياره الأزرق وحسب، بل جاء كلامه الأخير ليُصنّف كأكثر خطاب طائفي منذ انتهاء الحرب اللبنانيّة. فهل ستكون هذه المرّة هي الأخيرة ويكسر تيار المستقبل الجرّة بينه وبين الضاهر، أم أن على اللبنانيين انتظار المزيد من مواقف “النبوءة الضاهرية” التي طالما خرجت عن دور النائب وحدود حصانته لتغرّد خارج السرب الأزرق، وتصنع لنفسها حيزاً، يبدو خطيراً، في عالم التحريض المذهبي والطائفي.