الصواريخ الدقيقة وقرب زوال الكيان: “أُنجز الأمر”
موقع العهد الإخباري-
إيهاب شوقي:
مع كل إطلالة للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، يتأهب الداخل الصهيوني لتلقي رسائل المقاومة، لما عهده من مصداقية وجدية، ويتفرغ المحللون على مستويات الإعلام والقيادات الاستراتيجية لتحليل الخطاب وما بين السطور.
ومع كل إطلالة للسيد يتلقى جمهور المقاومة رسائل الطمأنينة وحقيقة الأوضاع بعيدًا عن الدعايات الكاذبة والأوهام المتخيلة، ويصوغ الجمهور لنفسه مهمّات طوعية تتوافق مع المعطيات التي يشرحها السيد بشفافية وصدق.
ومن هنا تنبع أهمية وخطورة خطابات سيد المقاومة، والتي لطالما رسمت معادلات جديدة وحققت الردع بذاتها، وضبطت بيئة المقاومة بما تبثه من وعي وما ترشد إليه من التزامات.
ولعل الخطاب الأخير والذي كان تكريمًا للشهداء القادة، له أهمية مضافة بلحاظ الظرف الدولي والإقليمي وكذلك الداخلي في لبنان.
فالخطاب يتزامن مع لحظة دولية صعبة يحبس العالم فيها أنفاسه خوفًا من شرارة حرب عالمية قد تندلع ولا يستطيع أحد ضبط انزلاقاتها، ولحظة إقليمية تبدلت بها التوازنات وتتبدل معها التحالفات، ناهيك عن ارتباط الصراع الدولي بالإقليمي، حيث تشكل المنطقة جبهة متقدمة من جبهات هذا الصراع الدولي.
كما يتزامن مع وضع داخلي لبناني غير مسبوق في صعوبته الاقتصادية واحتداد استقطاباته الداخلية، وتصويب الفوّهات نحو المقاومة وسلاحها.
من هذا المنطلق، كان الخطاب شاملًا ومعادلاته الاستراتيجية حاضرة، وهنا يمكننا التقاط بعض العناوين ومحاولة قراءة ما بين سطورها:
أولًا: الاستفاضة في الحديث عن زوال “إسرائيل” وتأصيل ذلك بالتقارير الصهيونية ذاتها، والربط المباشر لمنحنى الهبوط للكيان بتنامي المقاومة، هو إشارة الى أن هذا الزوال سيكون على يد المقاومة ومحورها، وأن المقاومة لا تراهن إلا على سلاحها وإرادتها وبيئتها الحاضنة.
ثانيًا: الحديث عن الصواريخ الدقيقة يتطلب بذاته وقفة للتأمل، فضلًا عن تزامنه مع ظروف دولية وإقليمية خاصة:
1- الصواريخ الدقيقة هي أشد ما يسبب الرعب للعدو، وعقب دراسات استراتيجية في شباط/ فبراير من العام الماضي 2021، هدد الجيش الإسرائيلي بأنه في حال تجاوز عدد الصواريخ الدقيقة التي بحوزة حزب الله كميّة معينة فإنه سيضطر للتحرك واستهداف تلك الترسانة.
وهنا وعندما يعلن السيد نصر الله أن الحزب امتلك التكنولوجيا لتحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة، فإن عدد الصواريخ الدقيقة بحوزة الحزب بات يفوق تصور العدو.
ونظرًا لمعرفة الحزب بنوايا العدو، فقد أعاد السيد التذكير بكمين أنصارية في العام 1997، لردع العدو عن ارتكاب أية حماقة، وخاصة أن كمين أنصارية لا يزال يسبب شرخًا وألما للعدو بعد اكتشاف رصد الحزب للمخططات الصهيونية، وامتلاكه للصور التي بحوزة العدو وعلمه المسبق بتحركاته والنجاح في اصطياده.
2- فيما يخص الوضع الدولي والإقليمي، فإن امتلاك الحزب لهذه التكنولوجيا وتطويره الذاتي للصواريخ دون حاجة لنقلها، هو ما يندرج تحت لافتة “انجز الأمر”، يتزامن مع وضع خاص في سوريا، حيث استنفرت روسيا قواتها وقطعت الطريق على التمادي الصهيوني في استباحة الأجواء السورية عبر دوريات جوية وأنظمة للتشويش عطلت أنظمة (جي بي إس) للطائرات الصهيونية، مما خلق وضعًا جديدًا نجم عنه أخطاء خطيرة مثل استهداف الجنود الصهاينة لطائرة مسيرة إسرائيلية، وكذلك عدم الجرأة على قصف دمشق بالطيران بل استهداف بعض المواقع بصواريخ أرض ـ أرض من الجولان المحتل، وهو ما يوحي بأن الحزب يمكن أن يستغل هذه الأوضاع.
إلا أن السيد بتصريحه أكد أن الحزب ليس بحاجة لهذه الأوضاع الخاصة، بل إن الأمر قد أنجز بجهد ذاتي للمقاومة ومحورها بمعزل عن مظلة الحماية الجوية الروسية التي فرضتها الأوضاع المستجدة.
لا شك أن تزامن الحديث عن الصواريخ الدقيقة والمسيرات التي تصنعها المقاومة والتدريب غير المسبوق مع الحديث المستفيض عن زوال “اسرائيل”، يشي بمعادلة جديدة مفادها أن أي حماقة للعدو سيقابلها الزوال، وليست الأمور كما مضى من مجرد توازن للردع أو للرعب.