الشهيد الدكتور محمد علي نقوي .. سفير الثورة والإمام
موقع إنباء الإخباري ـ
هادي حسين (كاتب وباحث باكستاني):
كثيراً ما نقرأ عن التداعيات السياسية والجيوبوليتكية لانتصار الثورة الإسلامية في ايران. لكن قلما نجد مقالاً أو دراسة عن هذه الثورة التي صنفها البعض “الحدث الأبرز” في القرن العشرين، من جهة تفاعل وإستجابة شعوب المنطقة والدول المجاورة للجمهورية الإسلامية في إيران مع خطاب قائد الثورة ومبدعها روح الله الخميني.
فقد نجح الإمام الخميني في طرق مسامع قلوب شعوب المنطقة، لا سيما الباكستانيون الذين تلقوا كلماته بكثيرٍ من الاهتمام والتوق. فالجوع إلى الفكرة شعورٌ مخيف عاشه الشباب الباكستاني، وكان ينخر في أنا كل واحدٍ منا (الباكستانيين)، حتى جاء الخميني ..
وجاء ليبعث الروح في جسد هذه الأمة التي أغتصبها اليأس والكسل، بعد أن لحقت بأمتنا الهزيمة تلو الهزيمة، و تتالت النكسات حتى ذاع صيتنا بين الأمم بأننا “أمة قول”، أو كما يعبر بعض مفكري النهضة بأننا “ظاهرة صوتية” .
جاء الخميني ليوقظ فينا ذلك الإنسان.. فقام فينا في باكستان شاب نحيل، عرفناه عاشقاً للإمام وثورته التي فجرت فيه مواقد البركان، أنه الشهيد الدكتور محمدعلي نقوي، الذي سكنه الحزن طويلاً عند استشهاد سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي عام 1992 م. وتحسر حينها قائلاً لأصحابه:
“إنني أغبط السيد عباس إذ نال مراده وهو لم يتجاوز الأربعين من عمره.. أما نحن فتعساً لنا إذ بلغنا الأربعين لكننا ما نزال في هذه الدنيا”.
لكن سرعان ما لحقت روح الشهيد الدكتور بروح سيد شهداء المقاومة، وذلك عندما قامت الـيادي الآثمة بإغتياله مع مرافقه الشخصي تقي حيدر، في 7 آذار/ مارس سنة 1995، وهو في طريقه صباحاً كالعادة إلى مكان عمله في مستشفى الشيخ زيد بمدينة لاهور التي ينتمي إليها، بذلك يكون قد حقق مناه بالشهادة في الأربعين من العمر حيث أن ولادته كانت في السنة 1952 .
نال الشهيد الدكتور شهادة البكالريوس في الطب عام 1971 ، من كلية لاهور بتقدير ممتاز. وفي عام 1977 نال شهادة الطب العام من كلية (لنگد ايدرود) الطبية بــ(لاهور)، ثم نال بعد ثلاث سنوات شهادة الطب الداخلي.
إلى جانب تحصيله العلمي كان الدكتور محمد علي نقوي حريصاً على متابعة الشأن العام الباكستاني وآخر التطورات على الساحة الإقليمية والدولية .
في عام 1972 استطاع توحيد جميع الاتحادات والمنظمات الشيعية في باكستان تحت منظمة واحدة باسم (منظمة الطلبة الإمامية)، وانتخب أميناً عاماً لها، وقدم خدمات قيمة خلال سنتين من تصديه لهذه المسؤولية. ثم أصبح في عام 1977 رئيساً للجنة المركزية للمنظمة، ثم اختير عضواً في مجلس الرقابة بمنظمة الإمامية؛ فكانت نشاطات المنظمة خاضعة لإشرافه.
وبالتزامن مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وضع الشهيد النقوي ــ وبإشراف من المفتي جعفر حسين ــ الحجر الأساس لــ (الحركة الجعفرية في باكستان)، حيث نشطت هذه الحركة على مختلف الأصعدة الدينية والثقافية والسياسية والإجتماعية.
هذا وعندما نٌفي الإمام من قبل نظام الشاه إلى تركيا، قام الشهيد بتنظيم عدة تظاهرات أمام السفارة الإيرانية في باكستان.
لم يقف حماس وعشق الشهيد الدكتور للإمام الخميني عند هذا الحد، فمع بدء الحرب المفروضة على الشعب الايراني، لبّى نداء الإمام الذي قال فيه: “على كل من يستطيع حمل السلاح أن يلتحق بالجبهات ويدافع عن الثورة الإسلامية”، فترك مع جمع من زملائه نشاطه الطبي في باكستان وتوجه إلى إيران قاصداً جبهات الحرب، وقدم خدمات جليلة في مستشفى (فاطمة الزهراء (ع)) في منطقة الفاو؛ حيث كان يعمل 15 ساعة متواصلة يومياً.
وفي عام 1987، بعد مجزرة مكة الدامية ومنع الحجاج الإيرانيين من الذهاب إلى مكة في العام التالي، تعهد الشهيد النقوي بإيصال نداء الإمام إلى أسماع الحجاج بمكة. وبالفعل حمله عشق الإسلام والإمام إلى مكة وتلا بيان الإمام الخميني (قده) على أسماع حجاج بيت الله الحرام وألهب مشاعر الحجاج، فخرجت تظاهرة في مكة منددة بالاستكبار العالمي والصهيونية. وعلى أثر ذلك اعتُقل الشهيد من قبل السلطات السعودية وقضى فترة رهن الاعتقال ثم أبعد إلى باكستان.
فأستحق بذلك لقب سفير الثورة ، أو كما يعبر عنها بالأردو “سفير إنقلاب”.