الشرعية الوحيدة في سورية
صحيفة العرب اليوم الأردنية ـ
ناهض حتر:
يزعم رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، أن الرئيس السوري بشار الأسد ” فقد شرعيته”! نظنّ أن السوريين هم وحدهم الذين يقررون شرعية رئيسهم. والتحدي هو أن نذهب إلى انتخابات حرة تحت إشراف دولي كامل، لكي نرى ما إذا كان الأسد سيفوز بالشرعية أم لا؟
في تقديراتنا أن المرشح الرئاسي بشار حافظ الأسد، سوف يحصد بين 65 و70 بالمائة من أصوات السوريين. وهذه النسبة هي أكبر كثيرا مما حصل عليه المرشح أوباما الذي فاز بهامش النصف زائد واحد. حسنا.. دعونا من الحرب، ولتحكم بيننا الصناديق؛ فإذا فشل الرجل في الانتخابات، يكون بالفعل قد فقد شرعيته، وتنتهي القصة، أم أن الدوحة ومجموعاتها المحاربة في سورية، ومقاتلي جبهة النصرة من الشيشان والليبيين والتوانسة والمصريين ..الخ هم ممثلو الشرعية في سورية، شرعية الإرهاب؟
ثم أن على الديموقراطي أوباما أن يعيد تعريف الشرعية، ويخبرنا كيف يعتبر حكاما مطلقين رجعيين آتين من العصور الوسطى، شرعيين؟ ولماذا يعتبر إسرائيل مصدر الشرعية كلها، ويضمن أن تكون أقوى دولة في الشرق الأوسط؟ فهل إسرائيل شرعية؟ وهل احتلالها للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية والأردنية، شرعي؟
مثير للاشمئزاز حديث أوباما عن الأسلحة الكيماوية السورية؛ دعونا نذكّره في هذا المقام بترسانة الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية لدى إسرائيل. كما دعونا نذكّره أن جماعة جبهة النصرة المدعومين من حلفاء واشنطن الأتراك والخليجيين، هم الذين استخدموا في خان العسل، صاروخا كيماويا مصنعا في تركيا ضد تجمع للجيش العربي السوري، وأن دمشق هي التي بادرت إلى الطلب للتحقيق في جريمة خان العسل. ثم هل الموت بالكيماوي هو غير الموت بالسيارات المفخخة التي انفجرت وتنفجر بالعشرات في المدن السورية على أيدي المجرمين الذين يشكلون أربعة أخماس ما يسمى المعارضة السورية؟ أم هو غيره بالهاونات الآتية من دول الجوار والتي تنصبّ على رؤوس الآمنين في أحياء دمشق؟
نُذُر الحرب الإمبريالية الصهيونية تتصاعد ضد سورية الآن، بسبب فشل المرتزقة في تغيير ميزان القوى الداخلي في البلد لصالح واشنطن وتل أبيب؛ الخارجية الإسرائيلية، تركت الحذر جانبا، وطلبت من واشنطن، التدخل العسكري المباشر لإسقاط نظام الرئيس الأسد، القلعة الممانعة ضد تصفية القضية الفلسطينية وضد الهيمنة الصهيونية والعثمانية ومشروع الوطن البديل.
يحقق الجيش العربي السوري الآن، إنجازات ضخمة في تحرير البلد من المجرمين الإرهابيين، ووفقا للخطة، فإن سورية كلها ستكون آمنة في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر. لم يحدث فارق عسكري نوعي عن السنتين الماضيتين من الحرب، ولكن نحن الآن أمام فارق سياسي؛ فأولئك الذين كانوا من السوريين مخدوعين بالمعارضة، اكتشفوها على أرض الواقع، وذاقوا من أهوالها الأمرّين، قتلا واغتصابا وخوات ودمارا وذبحا على الهوية ولصوصية ونهبا، فتخلت الحواضن الاجتماعية عن المسلحين، وأصبح هؤلاء في عراء سياسي، سمح للجيش العربي السوري بالشروع في ضربهم بقوة تسير نحو الحسم.
لهذا بالذات تُدقّ طبول الحرب في الدوائر الغربية والإسرائيلية والرجعية. هل جُنّوا؟ بالتأكيد.. فالحرب هذه المرة سوف تنقلب حربا إقليمية في دقائق؛ فحزب الله جاهز للاشتباك مع إسرائيل، وإيران جاهزة للاشتباك مع الأميركيين في الخليج. ومَن يعتقد أن القيصر فلاديمير بوتين سوف يبقى مكتوف اليدين واهم، فالحسابات الروسية اليوم تقول بأن معركة سورية، الحليف الاستراتيجي للروس وبلد ثروات النفط والغاز الآتية وعاصمة الأرثوذكسية والمسيحية المشرقية، هي معركة روسيا ومشروعها العالمي. الحرب المقبلة لن تكون إلا شاملة جحيمية قاسية، ولن تكون نتائجها مضمونة أبدا. الخيار العقلاني الوحيد أردنيا هو الحياد الفعلي ووقف التعاون وإغلاق الحدود.