السيّد حسن نصر الله ينتصر للوحدة والمستقبل العربي
موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح (كاتب وصحفي وناشط سياسي أردني مسيحي.):
خطاب السيّد حسن نصرُ الله الذي استمعنا اليه، الخميس، جاء كعادته: مُفعماً بالوطنية والمشاعر الإنسانية الفيّاضة، فهو إذ يربط الوطني بالأُممي الإنساني، لا ينسى أبداً الإسلام السياسي المناضل والمنتمي إلى الأرض العربية والاسلامية، والعقل الناضج والسوي، والقضايا المصيرية وعلى رأسها الفلسطينية، أم القضايا العالمية.
في كلمات السيّد التي ألقاها خلال مراسم إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع) التي أُقيمت في مدينة بعلبك البقاعية في شرق لبنان، نقرأ الكثير عن ثبات في الموقف، ووضوح في الرؤية السياسية نحو الأحداث الجسام التي تعاني منها المنطقة الأوسطية، والعربية العريضة، وفلسطين ولبنان، فهو إذ يتحدث عن موقف حزب الله الشريف تجاه فلسطين، يربط بين الموقفين اللبناني الوطني والفلسطيني، فاللبناني الجيد هو الفلسطيني الجيد. هكذا علّمنا السيّد، وهكذا عوّدنا في أقواله وأفعاله، وهكذا خَبَرَتْهُ الجماهير العربية، التي تستمع إليه من الماء الى الماء، يحدوها الأمل بقرب التحرير الشامل للأُمة، ليس التحرّر الإجتماعي والوطني فحسب، بل والتحرّر القومي والإجتماعي والعقلي، لتستنير الأُمة بمشعلها الخاص، ليُنير حزب الله، وعلى رأسه السيد، السبيل الى مستقبل زاهر للشعب العربي ولتكن شاسعة هي حريته.
في شؤون لبنان، يتمسك السيّد بسيادة الدولة وشخصيتها المستقلة، ولأجل هذا يدعو الى تفعيل مؤسساتها بوجه التعديات الصهيونية على خلفية “المسألة النفطية”، ويستنهض الهمم من أجل نيل لبنان حقوقه في النفط والغاز والأرض، وضرورة تحقيق قفزات تكنولوجية ودفاعية سريعة للإحاطة السيادية بأراضيه ومائه التي تحتوي على ثروات كبيرة، قبل تمكّن العدو من السيطرة عليها. وفي كلمات السيّد تبرز ضرورة التحرك السريع اليوم قبل يوم غدِ، لتلبية مطالب الشعب وخدمة أبنائه بصورة جادة، ليس في مجال الأرض والثروات فحسب، بل وفي حقل الدفاع عن أبنائه أيضاً، ولزوم بذل المساعي المخلصة لتحريرهم، فلتكن الدولة إذن صريحة مع شعبها في مساعيها لأجل إطلاق سراح المختطفين، والتوّسط لدى الجهات التي تدير الإرهابيين على شاكلة تركيا الأردوغانية، وقطر وغيرهما من الأنظمة التي كلمتها هي الأعلى في الأوساط الإرهابية.
يُحذّر السيّد من تقسيم الوطن اللبناني وشرذمته، حفاظاً ليس على لبنان الوطن والإرض والشعب وحده فحسب، بل وللحفاظ كذلك على الوطن العربي بأكمله، حتى لا يُقسّم أكثر مِما قُسّم عِبر التاريخ. فقد كشف السيّد عن مشاريع تحاك في الخفاء “أطلّت من هنا أو هناك لدويلات أو إمارات يجب أن نرفضها جميعاً، لأن لبنان أصغر مِن أن يقسّم”؛ وهو الذي دعا “اللبنانيين الى المحافظة على وحدة الوطن والمؤسسات”، والى شدِ أزره لئلا يتأثر بالأحداث الجسيمة الجارية على حدوده و.. “يجب أن نعترف بأن لبنان هو أكثر بلد يتأثر بما يجري حوله خاصة بما يجري في سورية، وذلك بسبب التنوع الطائفي والسياسي وتعارض المصالح وهامش الحريات”، فـ”لبنان يتأثر بما يجري في سورية بسبب الحدود الطويلة وأكثر من يتأثر بهذا الموضوع البقاع والشمال وبسبب التواصل الأهلي والشعبي مع سورية”.
كلمة السيّد تؤشر على مخاطر التقسيم ومتوالياته.. فالبعض، خاصة أولئك الداعمين للإرهاب والمُوّلين له، لا يحتملون رؤية دولة إقليمية قوية وكبيرة ومرهوبة الجانب على مِنوال سورية الصمود والتصدي والتحدي.. وهمّهم اليوم هو تقسيمها، لتغدو نسخة طبق الأصل عن بلدانهم “الدّوْت” “النقطة”، ولتنتشر جزائر العرب متناثرة في عالم قوي ولا حول ولا قوة لها بجانب اسرائيل، عودة على مُخطط سيء الصيت “موسى شاريت” الصهيوني الذي رسم خريطة الوطن العربي ولبنان أيضاً، والمحيطين بالكيان الغاصب، سعياً لإدارتهم من تل أبيب، وها هم حكام قطر بالدرجة الاولى يساهمون في هذا المُخطط ويدلون بدلوهم المُتسّخ فيه، استباقاً لأُفول نجمهم الذي خفَّ بريقه أخيراً بفعل صمود الجيش العربي السوري وثبات قيادة سورية الأسدية على مواقفها ونهجها وبُعد بصيرتها.
“الوحدة” – كانت شعار ومحتوى خطاب السيّد حسن نصر الله من ألِفه الى يائِه. فهذه المرحلة من تاريخ الأمة مرحلة دقيقة، وهي الأخطر عليها، ففي التماسك من خلال الأجنحة التحرّرية الحقيقية على مِثال حزب الله المناضل وزعيمه حسن نصرُ الله، قوة ومستقبل فمنعة واستقلال، وإلا فالشرذمة ستغدو واقعاً إقطاعياً الى دهور مقبلة لا قدّر الله ولا سمح..