السيناريوهات الأربعة للانتخابات الرئاسية في لبنان!
ذو الفقار ضاهر –
موقع المنار:
يقال أنّ الأسماء التي تطرح في بورصة الانتخابات الرئاسية في لبنان هي للتداول فقط، لا كي تصل فعليا إلى قصر بعبدا، بمعنى أنّ بعض هذه الأسماء تطرح لمجرد التداول الإعلامي ليس أكثر، بينما بعضها الآخر يطرح في التداول لـ”حرقه” ومنع وصوله، فكما يقول مصدر مطلع على أجواء الانتخابات الرئاسية، إن “الفرن قد فُتِحَ لحرق الأسماء التي يتم التداول بها”.
وإن كانت كل الأسماء التي تطرح ومن ضمنها أسماء من “الصف الأول”، ومنها “المعتدل” و”الوسطي”، وما ينزل منزلة الوسط في ظل الانقسام السياسي العامودي بين اللبنانيين، إن كانت كل هذه الأسماء من ميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميل وسليمان فرنجية وجان قهوجي ورياض سلامة وروبير غانم وجان عبيد (مع حفظ الألقاب) وغيرهم العديد من الأسماء ليس لهم الحظ الكافي للوصول إلى كرسي الرئاسة الأولى فمن له ذلك، علمًا أنّ المصدر المطلع يؤكد أنّ هناك ما يكفي من الأسباب التي تبعد كلاً منهم عن كرسي الرئاسة في هذه المرحلة.
من سيكون فخامة الرئيس في لبنان؟
ولكن باستبعاد هذه الأسماء مع ما تحمل من ثقل أو رمزية، من يمكن يا ترى أن يكون فخامة الرئيس في لبنان؟ وما هي الأسماء التي يمكن أن يكون لها فعلا حظوظ للفوز باللقب العتيد والبقاء في قصر بعبدا الجمهوري لمدة ست سنوات؟ هل هناك وجوه خارج الأضواء تعمل على إقناع مصادر القرار بجدارتها للوصول إلى رئاسة الجمهورية، خصوصا أنّ الوصول إلى هذا المنصب يحتاج إلى قرار دولي إقليمي ما يرفع دائمًا حظوظ الرئيس “التوافقي الوسطي” لإقناع كل الأطراف به أو أخذ الموافقة عليه؟ وما هي الأسماء التي قد تطرح أو تطرح فعلا في الكواليس السياسية الدبلوماسية وما هي حظوظها للوصول إلى لقب “فخامة الرئيس”؟ وكيف يمكن أن يقنع شخص أصحاب القرار الدوليين والإقليميين بذلك؟
برأي المحلل السياسي اللبناني سركيس ابو زيد، فإنّ “كلّ مرشح يحاول أن يضع المواصفات والصورة للوضع اللبناني ويرسم البيئة المؤاتية لمصلحته”، وهو انطلاقاً من ذلك يعتبر، في حديث لموقع قناة “المنار”، أنّ “المشهد بالنسبة للاستحقاق الرئاسي يتحدد في العديد من السيناريوهات، هي:
– السيناريو الذي يقدمه رئيس الجمهورية ميشال سليمان والمتمثل بالإيحاء بأنّ البلد متجه إلى الفراغ والفوضى الدستورية وما شاكل.. كي يرضي نفسه ويقنع أصحاب القرار -في الداخل والخارج- بضرورة السير بالتمديد كأفضل حل في ظل الأجواء التي يحاول رسمها في البلد، فهو-أي سليمان- يخلق البيئة التي تناسب وضعيته وما يريد.
– السيناريو الذي يرسمه رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النيابي النائب العماد ميشال عون، والمتمثل بالانفتاح والتوافق على كل الأطراف، وهنا يلفت أبو زيد إلى أنّ “العماد عون مدعوم بشكل حاسم ومؤكد من فريق 8 آذار وهو مع ذلك يفتح الأبواب مع الآخرين لا سيما فريق “14 آذار” وخصوصا تيار المستقبل”، ويشير إلى أنّ “العماد عون يعتبر أنه إذا نجح في ذلك فهو الأوفر حظا للتوافق على اسمه محليا وإقليميا ودوليا”، ويجزم أنّ “العماد عون يعلم أنه من دون توافق فريق 8 آذار ومن ضمنه حزب الله من جهة وتيار المستقبل من جهة ثانية لن يصل إلى الرئاسة”.
– السيناريو الذي يقدمه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يعلم، بحسب أبو زيد، أنه ليس له مكان في المعادلة الرئاسية في ظل الأجواء الحالية، “فحلفاؤه شكلوا حكومة من دونه وينفتحون على خصمه العماد عون، لذلك فهو يحاول الإيحاء أنه زعيم المتطرفين وانه سيحارب حزب الله”، ويشر إلى أنه “إذا كان الجو الإقليمي متجهاً بنفس الاتجاه -نحو التطرف- سيكون جعجع رئيسا للجمهورية”، لكنه يرى أنّ “جعجع ليس له حظ بالوصول إلى رئاسة الجمهورية إلا إذا تكرر ما حصل في العام 1982 مع قائده بشير الجميل الذي وصل بفضل الاجتياح الإسرائيلي للبنان”، ويعرب عن اعتقاده بأنّ “جعجع يحضر نفسه ليكون الرئيس الذي يلتقي مع الحرب أو الضربة الإسرائيلية على المقاومة ولبنان”، مؤكداً في الوقت عينه أنّ “الظروف اليوم غير الظروف في العام 1982”.
ويوضح أبو زيد أنّ “جعجع بترشحه قطع الطريق على كل فرقاء 14 آذار للترشح ويعتقد انه أحرج العماد عون وأظهر نفسه انه الأكثر تطرفا في 14 آذار بانتظار الاجتياح الإسرائيلي الذي لن يحصل وإن حصلت هذه الضربة فإسرائيل ستكسر من جديد ولن تخدم أحدا في الداخل اللبناني لأنها ستحتاج لمن يخدمها آنذاك”، ويلفت إلى أنّ “جعجع يستدرج عروضا للحصول على أثمان معينة مقابل ترشحه للرئاسة”.
وإلى جانب السيناريوهات السابقة، يبقى سيناريو أخير يتحدّث عنه أبو زيد في سياق حديثه لموقع “قناة المنار”، ويتمثل بعدم حصول التوافق على العماد عون، وهنا لا بدَّ من البحث عن فرضيات أخرى، ويرى ابو زيد في هذا الاطار أنّ “هناك العديد من الشخصيات المطروحة كقائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللذين تواجههما معضلة تعديل الدستور”، كما يلفت إلى أنّ “بعض الزعماء في لبنان يعملون لدعم ترشيح اسم سياسي ليس له الثقل السياسي الكبير ما قد يفسح المجال لبعضهم بزيادة صلاحياتهم خلال فترة ولاية الرئيس”، ويشدّد على أنّ “بعض الزعماء سيتركون المجال لحرق كلّ الأسماء المطروحة في التداول ولا مانع لديهم من إدخال لبنان في الفراغ على صعيد رئاسة الجمهورية لبعض الوقت تذليلا للسيناريوهات المطروحة أعلاه على أن يقبض كل مرشح ثمن ترشحه سواء في السياسة أو بأشكال أخرى”.
أبو زيد: “مؤتمر مصغر” شبيه بـ”مؤتمر الدوحة” سيحل مسألة الاستحقاق الرئاسي
ويلفت أبو زيد إلى أنّ “حصول فترة فراغ لمدة زمنية معينة تخدم هدف البعض بإيصال اسم وسطي يتم التوافق عليه من قبل الجميع بمن فيهم المرشحون المفترضون للرئاسة”، ويرى أنّ “فترة الفراغ هذه هدفها إرهاق كل المرشحين ليسلموا بالقبول بوصول رئيس توافقي يرضي الجميع وهنا ترتفع أسهم بعض الأسماء كجان عبيد وزياد بارود وحتى رياض سلامة وغيرهم ممن لا يميلون إلى فريق سياسي محدد ومعين”.
ويعتبر أبو زيد أنّ “الحل لمسألة الاستحقاق الرئاسي ستكون من خلال عقد مؤتمر مصغر على شاكلة اتفاق الدوحة، بعد الدخول لفترة في الفراغ التي ستشكل وسيلة ضغط على جميع الأفرقاء، وعندها سيجتمع الجميع للاتفاق على عدة أمور منها اسم رئيس الجمهورية بالإضافة إلى اسم رئيس الحكومة وقانون الانتخاب الذي ستجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة وتوقيتها”.
ويوضح أبو زيد أنّ “ما يدعم هذا التوجه هو عدم وجود حسم في المنطقة ككل على صعيد المسائل الكبرى بالإضافة إلى عدم وجود انفجار إقليمي كبير”، متسائلاً “لماذا سيتم تفجير الوضع اللبناني؟”، ويخلص إلى أنّ “هذا التوجه يتلاءم أيضاً مع ما حصل في موضوع الحكومة والضوء الأخضر الذي جاء في الساعات الأخيرة لتشكيلها بعد أشهر من العرقلة”، ويدعو “للبحث عما يجري في السعودية وما تريده هذه الدولة ونظام الحكم فيها”، كما يلاحظ أنّ “كل اللاعبين الإقليميين والدوليين يعرفون ماذا يريدون إلا السعودية التي تتخبط في مواقفها وآرائها ما ينعكس على مواقفها من الملفات الداخلية في لبنان عبر حلفائها”.
وحتى الوصول إلى معرفة مصير الاستحقاق الرئاسي، واسم شخص الرئيس، يمر الوقت بوتيرة صاخبة مع ما نراه في كل يوم من مطالبات معيشية وحياتية في مختلف قطاعات المجتمع اللبناني مترافقة مع إضرابات واحتجاجات، بغية الاستفادة من عودة الحياة إلى الحكومة والمجلس النواب، ما يؤكد أهمية عدم الوقوع في الفراغ في أي من السلطات الدستورية لما لذلك من أضرار كبيرة على لبنان واللبنانيين.