السفير: وقائع «صفقة التأجيل» بين السنيورة وعون
كان السنيورة يرافقه النائب غازي يوسف قد التقى الرئيس نبيه بري في عين التينة الاحد الماضي، بحضور وزير المال علي حسن خليل. خلال اللقاء، أكد بري لضيفه حرصه على أن تكون السلسلة واقعية ومتوازنة، فلا تهدد خزينة الدولة والاقتصاد الوطني، ولا تعطي موظفي القطاع العام بيد وتأخذ منهم باليد الأخرى.
شرح السنيورة وجهة نظره حيال «السلسلة»، وانتقد الزيادات التي أدرجها كنعان ضمن التقرير الذي وضعه، مشدداً على ضرورة تخفيض كلفة «السلسلة» وترشيقها من جهة، وتطعيمها من جهة أخرى ببنود إصلاحية كان قد اقترحها في ورقة وضعها العام 1998.
تفهّم بري بعض طروحات السنيورة وأبدى استعداده لمناقشتها والأخذ بما أمكن منها، فيما أكد خليل انه سيأخذ كوزير للمال بأفكار إصلاحية واردة في ورقة رئيس الحكومة الأسبق. غادر السنيورة عين التينة بعد جلسة مطولة تخللها غداء، من دون ان يطرح لا من قريب ولا من بعيد فكرة تأجيل حسم «السلسلة» وتشكيل لجنة لمتابعة دراستها.
في اليوم التالي، بدأ السنيورة يُعِد لـ«صفقة» تأجيل «السلسلة»، فتواصل مع حلفائه في «14 آذار» ولاسيما الرئيس أمين الجميل و«القوات اللبنانية»، ثم شرح للوزير جبران باسيل، بالتنسيق مع الرابية، حيثيات اقتراحه. لم يخذل عون رئيس «كتلة المستقبل» وأبلغه موافقته على الاقتراح.
وبرغم ان «مشاورات الصفقة» لم تشمل النائب وليد جنبلاط، إلا ان السنيورة كان مطمئناً الى ان رئيس «الاشتراكي» لن يعارض التأجيل وهو المتخوف من تداعيات «السلسلة».
صباح أمس، شعر بري خلال وجوده في مكتبه في المجلس أن أمراً ما قد دُبر في ليل. وبالفعل، أبلغه السنيورة أن تفاهماً جرى بين العديد من الكتل على إرجاء بت «السلسلة» في انتظار المزيد من الدرس والتدقيق في نفقاتها ووارداتها. استغرب بري هذا الطرح، ولفت انتباه السنيورة الى ان الشارع « في ظهرنا» وهو يغلي وينتظر ما سيصدر عن المجلس، «وأنا لا أستطيع تحمل او تقبل المزيد من استهلاك الوقت».
واضاف بري مخاطباً السنيورة: «السلسلة» أشبعت نقاشاً وكل الارقام فيها خضعت الى التدقيق، وإذا كانت هناك ضرورة لتعديلات معينة، يمكن البحث فيها، لكن يجب حسم «السلسلة» اليوم (أمس).
أصرّ السنيورة المتفاهم مع عون على موقفه، وتمسك بري و«حزب الله» بإقرار «السلسلة» في جلسة الأمس، اما جنبلاط فتجاوب مع طرح التأجيل، بعدما اطمأن الى ردّ فعل بري. وقد ابلغ الوزير وائل ابو فاعور رئيس المجلس أن جنبلاط حريص على العلاقة به، «وهو لن يؤيد خيار التأجيل إذا كان الأمر سيسبب زعلاً بينك وبينه»، فكان الرد بأن جنبلاط يملك حرية التصرف، لان هذه هي اللعبة البرلمانية، ومهما كان قراره فلن يترك انعكاسات سلبية على العلاقة الثنائية.
أما «القوات اللبنانية» فقد كانت جاهزة لتضع بصماتها على «إخراج» التأجيل، عبر النائب جورج عدوان، عشية إعلان رئيسها سمير جعجع عن برنامجه الرئاسي، وكأن جعجع الذي لطالما قدم «القوات» على اساس أنها تعبر عن الكادحين والفقراء المسيحيين، أراد ان يمهد لهذا البرنامج بمعاداة هذه الطبقة العابرة أصلاً لكل الطوائف والمذاهب.
.. وأمام هذا «الانقلاب» على «السلسلة»، دعت «هيئة التنسيق» الى الاعتصام والإضراب الشامل اليوم في ردّ أولي، هو توطئة لانتفاضة شعبية، وفق قيادة الهيئة، فهل ينجح الشارع في التحدي الجديد، وهل لا يزال يملك النفس الطويل للمضي في المواجهة؟