السعودية واخواتها: فشل في الميدان ومأزق في التسوية

BnSalman.jpg


موقع العهد الإخباري ـ
سركيس ابو زيد:

شكلت سوريا بوابة عودة روسيا وإيران إلى واجھة الأحداث في الشرق الأوسط العام 2015. سوريا، التي تعاني من نزاع دام نحو خمس سنوات، تُعد آخر نقاط النفوذ الروسي في العالم العربي، وخسارتھا تحدُّ كثيراً من تأثير موسكو في المنطقة.

وبفضل التدخل العسكري الروسي في سوريا، بات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قلب الأحداث، نسج علاقات مع مصر وأصبح محاوراً رئيسياً للأردن ودول الخليج، ووضع نفسه في موقع مساوٍ مع الولايات المتحدة في التوصل إلى حل للنزاع السوري.

فموسكو تريد استعادة موقع الاتحاد السوفياتي سابقاً في ھذه المنطقة، في حين تسعى طھران إلى توسيع دائرة نفوذھا التي عرقلتھا العقوبات الغربية، لذلك تريد تأكيد دورھا كقوة إقليمية في مواجھة منافسيھا في المنطقة. وتسعى إيران إلى الحفاظ على دورھا المؤثر في سوريا ولبنان ، وإذا أمكن في اليمن أيضاً عبر دعم أنصار الله.

موسكو وطھران أعادتا خلط الأوراق في ھذه المنطقة التي لم تعرف طوال السنوات الماضية إلا النفوذ الأميركي. في السنوات الخمس الماضية، كان ھناك تطابق بين الأجندتين الروسية والإيرانية في سوريا، وبعدما بات الطيران الروسي في الأجواء السورية يغطي جميع المسلحين الموالين للنظام مع وجود خطط لإقامة قاعدة عسكرية دائمة في اللاذقية، فإن التطابق الروسي – الإيراني ما زال مستمرا.

عملياً، هناك تعاون مشترك ھدفه: وقف نكسات القوات النظامية، منع تقدم مسلحي المعارضة على معقل النظام، رفع كلفة إقامة مناطق آمنة شمال سوريا قرب تركيا وجنوب سوريا قرب الأردن، الإفادة بالحد الأقصى من السنة الأخيرة من إدارة الرئيس باراك أوباما، وفرض وقائع جديدة قبل وصول رئيس جديد الى البيت الأبيض، والسعي الى عدم الوقوع في فخ المستنقع السوري.

هذا وترى مصادر دبلوماسية خليجية أن المسؤولين الأميركيين أبدوا تخوفھم في ردھم على التصعيد السريع في الخلافات السياسية بين الرياض وطھران، والإدارة الأميركية منزعجة من الخطوات السعودية لثلاثة أسباب رئيسة:

–  نظرة إدارة الرئيس باراك أوباما للشرق الأوسط والتخوف من تأثير ھذه الأزمة سلبيا في نتائج الحرب ضد الإرھاب.

– السياسة الأميركية تجاه إيران التي تسعى حاليا لإنجاح مرحلة تطبيق الاتفاق النووي دون أي تعقيدات.

– تصور الإدارة الأميركية للتركة السياسية للرئيس أوباما الذي يعتبر الحرب ضد الإرھاب والاتفاق النووي الإيراني من أھم إنجازاته.

ثمة حالة من التشاؤم والتشدد تسود صفوف المعارضة القريبة من السعودية وتركيا والمحسوبة عليھما، وتقول أوساطھا إن الرھان على إدارة باراك أوباما تحديدا، غير مضمون ولا يمكن الركون إليه، وإن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لن يطبق منھا شيء، وأن موافقة روسيا عليه ھو الحصول على مزيد من الوقت لإحراز التفوق العسكري الذي تسعى إليه وإضعاف المعارضين السوريين حتى حدود القبول بالاستسلام والقضاء عليھم بصورة نھائية، على غرار ما فعله فلاديمير بوتين بـ”غروزْني” الشيشانية.

وهذا ما تم بالفعل بعد التطورات الميدانية العسكرية المدعومة من مقاتلات روسية ومن رجال حزب الله على الأرض والتي حصلت في ريف اللاذقية وحلب وفك الحصار عن بلدتي “نبل والزھراء”  بعد ثلاث سنوات من الحصار المحكم، والذي تناوب عليه تنظيما “داعش” و”النصرة”. الأمر الذي أدى إلى تعليق أو تأجيل مفاوضات جنيف3 السورية بين النظام والمعارضة لأنه المخرج الأنسب لتفادي فشل مبكر وسقوط عاجل.

في الحقيقة، كل الجھات تحتاج الى العملية السياسية، فالأوروبيون قلقون من استمرار الحرب التي تحمل إليھم الإرھاب واللاجئين. والأميركيون يريدون وقتا مقتطعا للتفرغ للانتخابات الرئاسية، وھم من الأساس غير متحمسين لتورط عسكري أو سياسي في الأزمة السورية. أما السعودية و تركيا، فإن قرارھما ھو الاستمرار في العملية السياسية للحد من وطأة التدخل الروسي، وأيضا الاستمرار في دعم المعارضة عسكريا للحد من الاختلال الحاصل لمصلحة النظام…

لكن الآن، الروس يقولون أن قواعد الاشتباك قد تغيرت وأن الإنجازات العسكرية على الأرض ھي التي تحدد طبيعة المفاوضات وترسم مسارھا، وأن الأولوية ھي للتصدي للإرھاب، والمقصود ھنا ليس “داعش” ولا “النصرة” وإنما فصائل المعارضة المسلحة المقاتلة، وأنه لن يكون ھناك تفاوض، بل محادثات بين السوريين أنفسھم، وأن أكثر ما يمكن إقراره والاتفاق عليه ھو حكومة وحدة وطنية موسعة وإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات يشارك فيھا الرئيس الأسد. اما الكلام عن تدخل السعودية واخواتها بريا في سوريا استبقته روسيا بتعزيز قدراتها العسكرية وفرض امر واقع ميداني مما يعيد حسابات المغامرين قبل الاقدام على تورطهم لان الخسائر ستكون كبيرة والتداعيات كارثية عليهم.

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.