السعودية تستعين بـ”إسرائيل” وواشنطن تعطيها “فرصة أخيرة”!
صحيفة البناء اللبنانية ـ
هتاف دهام:
على عكس المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة الدول الست التي يعوّل عليها، مع ترجيح بالوصول إلى نتائج يُبنى عليها، فإنّ المفاوضات التي تجري لإيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية لا تزال ضبابية.
فلا أفق لجنيف ـ 2، الذي لم ينتقل من فلك الاحتمال إلى فلك الحقيقة. أرجئ مرة جديدة بذريعة أنّ الائتلاف السوري المعارض يريد أن يتمحور أي حوار حول عملية انتقالية تنتهي برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. إلا أنّ الولايات المتحدة هي التي تفضل عدم انعقاد هذا المؤتمر في الوقت الحالي، وترى أنها ليست مضطرة إلى أن تذهب لتوقيع صكّ استسلام أمام روسيا ومحور المقاومة وإيران وسورية، فطالما بإمكانها تأجيل تجرّع الكأس مع أمل بتغيير الظروف، فهي لن تتأخر في عرقلة انعقاد المؤتمر الدولي عبر اختلاق ذرائع من خلال أدواتها، على الرغم من ارتباطها بتفاهم مع روسيا حول عقد هذا المؤتمر.
لقد أصبح جلياً أنّ في سورية مسارين: المسار السياسي الذي جوهره جنيف 2، والمسار العسكري الذي جوهره تصدّي الجيش السوري للمجموعات الإرهابية المسلحة.
ففيما تحاول أميركا والسعودية الربط بين المسارين لرهانهما على متغيّرات قد تطرأ في الميدان، فإنّ سورية، ومعها المحور الداعم لها، لا تربط بينهما، وتعتبر أنّ مَن تواجههم في الميدان هم في معظمهم من الإرهابيين والأجانب، وهؤلاء لا يتأثرون بالحلّ السياسي ولا محلّ لهم على طاولة المفاوضات، ولا يستجيبون أصلاً.
في موازاة ذلك، طلبت الرياض من واشنطن في اللقاء الذي عُقد بعيداً من الإعلام بين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، مهلة الى منتصف شهر كانون الأول، لتغيير الوقائع على الميدان السوري، لأنّ الرياض أصبح بإمكانها أن تستعمل صداقاتها، التي لم يعد أحد بحاجة إلى إخفائها، مع إسرائيل، لفرض ثقل عسكري جديد في منطقة درعا وجنوب دمشق، يمكن أن يترجم على الأرض في قاعدة المفاوضات. وأمام ذلك فإنّ الولايات المتحدة التي هي بأمسّ الحاجة إلى أوراق قوة للتفاوض كانت متجاوبة مع الاقتراح السعودي، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع الانتظار إلى ما لا نهاية، ولذلك، فإنّ السعوديين الذين سيتكرّر فشلهم حتماً في سورية، عليهم أن يسلّموا بالأمر الواقع كما سلّمت بذلك الولايات المتحدة.
إذن، سورية على موعد من الآن وحتى أواخر تشرين الثاني مع تصعيد عسكري من قبل الإرهابيين، وعلى ضوء ذلك سيتقرّر مسار جنيف ـ 2.
فالسعودية التي ترفض رفضاً قاطعاً أية تسوية سياسية في سورية لا تنتهي بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، لم يعد أمامها إلا اللجوء الى “اسرائيل”. وتأتي المعلومات التي تردّدت في الصحافة الألمانية منذ ثلاثة أيام، لتصبّ في هذا الاتجاه، فالأمير سلمان بن سلطان عرض في “إسرائيل” أثناء الزيارة التي قام بها، أثماناً عالية جداً لضربة عسكرية موضعية توجهها إسرائيل لسورية تمكيناً للإرهابيين بإحداث خرق. وتقول المعلومات إنّ الإسرائيليين وافقوا على ذلك ضمن برمجة معيّنة اتفق عليها. إلا أنّ أي ضربة، وفق المعلومات، ستكون ملتبسة لا مباشرة، لأنّ من شأن الضربة المباشرة أن تغيّر في المشهد الإقليمي والدولي، وتدخل عناصر جديدة إلى الميدان لن تكون في مصلحة أميركا والسعودية.
في غضون كلّ ذلك، وبانتظار ان تتوافر ظروف جنيف ـ 2 فإنّ موسكو ستستمرّ في محاولة جمع النظام والمعارضة على طاولة حوار. فهي تدرك أنها تمتلك فرصاً أقوى وأفضل من الولايات المتحدة في مسألة الحديث مع الطرفين، كونها صديقة للنظام، وصديقة لأكثر من فريق في المعارضة الداخلية، ليبقى جزء من المعارضة الخارجية، ترى روسيا أنها لن تخسر شيئاً إذا قامت بمحاولة لمحاورته، فإذا لم تستطع التأثير عليهم، لربّما قد تنجح في بناء الثقة معهم، وتعطيل ما يُسمّى سِلْك الاستفزاز..