الساقطون مع “الأسير”
موقع العهد الإخباري ـ
فيصل الأشمر:
الفرح العائد إلى وجوه الصيداويين بعد التخلص من أحمد الأسير وعصابته المجرمة لا طائفة له. ولا يريد الصيداويون الانجرار إلى سخافات ينشرها بعض الإعلاميين والسياسيين حول الطريقة التي جرى التخلص فيها من هؤلاء المجرمين. بإمكانك أن تسأل أي صيداوي عن شعوره بعد الذي حصل، خاصة المقيمين قرب المربع الأمني السابق لشيخ الفتنة أحمد الأسير. جواب واحد يتكرر على ألسنة الجميع: لقد تخلصت صيدا من حالة غريبة عليها، لم تعهدها عاصمة المقاومة من قبل، وإن تأخر حسم هذه الحالة لبعض الوقت.
فلماذا يحاول بعض السياسيين والإعلاميين ورجال الدين تصوير سقوط الأسير وكأنه سقوط لهم؟ ما كانوا ليفعلوا ذلك لولا مراهنتهم السابقة على هذه الحالة الأسيرية المرضية، وبالتأكيد لولا توقعهم أن تنجز لهم ما تمنوا أن ينجزوه هم أو ما عجزوا عن إنجازه.
بادرت بهية الحريري بعد تحرك الجيش للقضاء على عصابة الأسير إلى مناشدة الدولة النظر إلى صيدا وما يحدث فيها، وإنقاذها من المسلحين، وبالتأكيد لم تقصد بالمسلحين مسلحي أحمد الأسير، الذين غضت نظرها وسمعها عن انتهاكاتهم واعتداءاتهم على الصيداويين وعلى سالكي طريق الجنوب ولم نسمع منها من قبل أي تصريح يشير إلى أية إدانة لها ضدهم. وصرخاتها على إحدى القنوات الفضائية كانت تناشد عبرها ليس السلطات اللبنانية فقط، وكأنها كانت تستصرخ العالم كله، وما ذلك سوى تعبير عن السقوط الذي شعرت به مع سقوط عصابة الأسير، مشروعها الذي كانت تراهن عليه هي وتيارها “الزرقاوي” لإقفال طريق الجنوب متى شاءت ولتوريط السنة والشيعة في نزاع طائفي حين الضرورة، نزاع لا يستفيد منه سوى الذين ينظرون إلى لبنان على أنه مشروع اقتصادي تجاري لهم، ويترقبون خرابه ليشتروه بعد ذلك قطعاً مفرزة للبيع، كما فعلوا من قبل يوم سرقوا الوسط التجاري من أهله بعد انتهاء الحرب التي كانوا هم المغذين الأساسيين لها بالسلاح.
بعد نداءات بهية الحريري شاهدنا فؤاد السنيورة يدخل إلى صيدا وعبرا دخول الفاتحين، متفقداً ما خلّفه المسلحون من دمار وأعتدة عسكرية تكفي لفتح جبهة، مظهراً على وجهه فرحاً كاذباً ومخفياً في طيات ملامحه شعوره العظيم بالخيبة وسقوط رهانه المشؤوم على هذه العصابة المسلحة.
هذا الفرح الظاهري قرأناه في كتابات بعض الإعلاميين بعد أن صمتوا دهراً على تجاوزات أحمد الأسير وبعدما اعتبره بعضهم من ثوار الطائفة السنية الذين يعملون على إعادة الاعتبار لهذه الطائفة، وكأن أهل السنة في لبنان، هؤلاء المشاركين الأساسيين في نشأة لبنان، المقاومين منذ بدايات المقاومة، بحاجة إلى رئيس عصابة ليعيد إليهم اعتبارهم، على فرض أنهم بحاجة إلى إعادة اعتبار.
لماذا يعمل كل هؤلاء الذين ذكرناهم على اختصار أهل السنة بعصابة أحمد الأسير وعصابات أخرى مثلها في طرابلس وغيرها، كما فعلوا بحصر الزعامة السنية السياسية بهم، وضربهم للتمثيل السني العريق المتمثل بآل كرامي وآل الصلح، وفي شخصيات سنية وطنية كبيرة كالرئيس سليم الحص والوزير السابق عبد الرحيم مراد، وآخرين، مستغلين الأحداث الأمنية، وصانعين لها أحياناً عبر بعض زعماء الزواريب التابعين لهم، من أجل إشعار أهل السنة بأن لا ملجأ لهم إلا إليهم، وإلا لتيارهم الميليشياوي الذي أشعرَ أبناء الطائفة بالخوف من اللبناني الآخر، وخاصة اللبناني الشيعي، أخيهم في المواطنية والدين، وبنى في عقولهم رعباً من هذا الأخ، مصوراً سلاح المقاومة، سلاحَ كل اللبنانيين، سلاحاً موجهاً إلى صدورهم هم، الذين هم في الأصل أهل وأنصار المقاومة وسلاحها، واضطرهم بالتالي، وبالضغط عليهم اقتصادياً أيضاً، إلى الانتماء إلى عصابات مسلحة في طرابلس وبيروت وعرسال، لمواجهة إخوانهم الشيعة، وكل ذلك إرضاء للجهات الخارجية والداخلية التي تريد أن يكون لبنان خالياً من السلاح المقاوم من أجل إراحة بال العدو الإسرائيلي المرتعب من هذا السلاح.
لقد سقط اليوم أحمد الأسير وعصابته، وسقط معه هؤلاء، صانعوه ومؤيدوه وممولوه وداعموه، وسيستمر سقوطهم عند كل مناسبة يتولى فيها الجيش الوطني تنظيف منطقة ما من عصابة تعمل على نشر الفتنة وتخريب البلد.