الزراعة.. ضرورة حتمية وإعادة اعتبار
صحيفة المسيرة اليمنية-
محمد يحيى السياني:
الظروف التي أحاطت باليمن جراء العدوان والحصار شكّلت انعكاسات وتحديات كبيرة على الاقتصاد الوطني ألقت بظلالها وبقوة على حكومة الإنقاذ وشكلت هاجساً يلازمها وتحدياً في نجاحها وفشلها كما أن هذه الانعكاسات السلبية أثرت بشكل كبير على الأحوال المعيشية للناس وتفاقمت معها أعباء كثيرة ومعاناة مُستمرّة أضافت إلى التحديات التي تواجه القيادة الثورية والسياسية والشعب تحديا كبيرا لا يمكن تجاهله يستدعي معه مضاعفة الجهود وإيجاد الحلول التي تعالج هذا الجانب المهم بأهميّة المصير والمستقبل لكيان الدولة اقتصاديًّا وحياة الشعب معيشياً وهدفاً مفروضاً يتموضع في قلب البعد الاستراتيجي في حاضر البلد ومستقبله.
يجب على الحكومة أن تعمل عليه في سياساتها التي تترجم علميا وعمليًّا وبخطوات جادة ومسؤولة ستفضي بعون الله إلى نجاح وثمار ملموسة.
الاقتصاد الوطني يشكل كياناً أَسَاسياً وهاماً ومصيرياً للدولة والشعب وأهم أركانه على الإطلاق في اليمن هو قطاع الزراعة التي تعتبر العمود الفقري له فقد شكلت الزراعة في اليمن ملامح تاريخه وثقافة وحضارة شعبه وعبر زمان امتد لآلاف السنين تهيئت له تضاريسه الجغرافية المتنوعة والمختلفة والمناخ المناسب لتجعل من اليمن بلداً زراعياً وبامتيَاز وبوابة كبيرة عرف من خلالها العالم تاريخه وحضارته وهُــوِيَّته الزراعية التي اعتلت قمة اقتصاده لقرون من الزمن.
وعن الزراعة سرد طويل لا يتسع له هذا المقال لتفصيل وشرح الأسباب والعوامل التي حاربت الزراعة في اليمن وأضعفتها بل وكادت تدمّـرها بشكل كامل عبر تغييبها المتعمد في خطط وتوجّـهات وسياسات العمل الحكومي والنظام السياسي المتعاقب في حكم هذا البلد في العقود الماضية والتي ساهمت وبشكل سلبي وكارثي في تغييب وإضعاف وتدمير الزراعة في اليمن بفعل ارتهان تلك الأنظمة وانصياعها لسياسات وتوجيهات الخارج والتي كانت تهدف إلى ربط حاجة البلد اقتصاديًّا في تدمير كُـلّ العوامل التي تكفيه ذاتياً عنه ودأبت الحكومات المتعاقبة للنظام السابق على إهمال الزراعة وتدميرها بسياسة ممنهجة وخطط محبوكة تساهم في الوصول إلى هذا الاتّجاه.
وهذه العملية كانت ممارسة معهودة حتى أوصلت قطاع الزراعة في البلد بأن تكون مُجَـرّد هامش هزيل يتذيل فهرس الاقتصاد في البلد.
إن الظروف التي فرضت نفسها اليوم على اليمن قد حدّدت الكثير من الخيارات ووضعت العديد من الاتّجاهات أمام المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ للدفع بالقطاع الزراعي إلى الواجهة الاقتصادية للبلد بل وأن تسعى مع أبناء هذا الشعب الذين يعملون في الزراعة بأن تتموضع الزراعة على قمة المنظومة الاقتصادية لما تشكله من أهميّة كبيرة وصمام أمان للأمن الغذائي القومي وجبهة أَسَاسية في مواجهة العدوان والحصار بل والطموح المفروض والممكن جِـدًّا في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي بإذن الله خَاصَّة وقد هيأ الله سبحانه ومَنَّ علينا بنعمة الامطار الغزيرة التي هطلت على بلدنا خلال الأعوام الأخيرة وهذا العام لتهيئ أرضية شاسعة ورحمة واسعة ليتجه الكل نحو زراعة الأرض بهمة وعزم وبأس يماني شهد له التاريخ وتجسدت من خلاله حضارته التي سادت بها العالم.
إن القيادة الثورية ممثلة في قائد الثورة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي أعطى جل اهتمامه وحرصه الكبير للزراعة من خلال توجيهاته وإرشاداته ونصائحه التي يسدي بها دوماً عبر الكثير من خطاباته ومحاضراته التي وجهها لحكومة الإنقاذ وكافة أبناء الشعب الذين يعملون في الزراعة ومن المهم جِـدًّا أن تكون لهذه التوجيهات وهذا التوجّـه وتلك الإرشادات صدى واسع والتفاتة عملية للحكومة بحيث يتم ترجمتها بخطوات جادة ومسؤولة نحو إنعاش الزراعة بكل الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة التي تستند إلى دراسات وخطط وبحوث علمية تساهم بشكل فعال في دعم الزراعة والإنتاج الزراعي المحلي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي.
إن بلدنا تزخر بخيرات الأرض وسواعد الرجال، كما أن وزارة الزراعة لديها كوادر علمية وفنية يجب دفعهم إلى ميادين العمل ودعم هذا التوجّـه وهذا المسار بكل الإمْكَانيات من الحكومة والقطاع الخاص (رجال المال والأعمال) والاتّجاه نحو خلق فضاء واسع للاستثمار الزراعي يساهم في التحصين الاقتصادي والتامين الغذائي والاكتفاء الذاتي الذي سيجعل من حصار العدوان لبلدنا جبهة ومعركة خاسرة خسرت بوعي الشعب الذي اتجه لزراعة أرضه وتأمين غذائه ليموت تحالف العدوان بغيضة وتحترق أوراقه.