“الداعشية“فكرة أم منهجية تفكير؟
موقع إنباء الإخباري ـ
محمد أحمد السيد قاسم:
ورد في مذكرات همفر (وهو ضابط استخبارات بريطاني) مراسلة له موجهة إلى مجلس اللوردات يقترح فيها العمل على تأسيس فرقة تعتقد أنها تمتلك كامل الحقيقة، وتعادي من سواها… وتكون مستعدة للقتال والقتل على ذلك لأن الآخر /كافر.
على هذا، استحضر صاحب الخطة إطارا نظريا كان قد تجاوزه الزمن يستند إلى أسس محددة، أهمها :
١-يعتمد على النص الديني في دلالته الأولية، يعني المعنى الظاهر مباشرة (اليد الطولى تعني الذراع الطويلة مثلاً).
٢_عدم التدقيق بالمصادر، دون الإلتفات لما يسمى علم الرجال، تحت عنوان ملتبس إسمه السلف الصالح.
٣_تسفيه العقل (باعتباره أداة شرك)، وبالتالي نكران كل ما يتأتى من استعمالات عقلية من قبيل الشك المنهجي والقياس العقلي وافتراض العكس…
٤_رفض الآراء الأخرى، لأنها تقود إلى المقارنات… وهي آليات عقلية بالتالي، من هنا كان الحجر الثقافي قاسيا جدا.
٥_رفض الحوار واستبداله بالدعوة، فيكون الداعي من جهة والمتلقي من جهة أخرى.
وهكذا، نشأت فرق عديدة منها ما تلاشى واندثر ومنها ما زلنا نعاني منه لغاية اليوم.
مع معرفتي بكون المستهدف هو النظرية الدينية العاقلة، إلا أن الملاحظ هو اعتماد منهجية مشابهة في ميادين معرفية أخرى، فصاحب الموقف السياسي مثلا يبلغ موقفه ولا ينتظر رد الآخر، وصاحب الفكرة حتى العلمية منها يتعامل مع الفكرة على أساس أنها نهائية لا تقبل تعديلا ولا تغييرا. وهناك علمانيون، يتعاطون مع نظريتهم على أنها لا تقبل الطعن.
الحوار الذي ندعو إليه لا يقدس شيئاً ولا أحدا، طبعا مع الحفاظ على أدب الحوار وأخلاق الحوار، يجب أن لا يكون المقصود هزيمة المحاور الآخر ولا تبديل موقفه، حتى يقترب مني أكثر، بل أن نتماسك بالأيدي للوصول إلى ما هو أقرب للحقيقة ـ وهي ليست بحوزتي ولا بحوزة الآخر بالضرورة ـ إذ يمكن أن نكون كلانا بعيدين تماما عنها…
قبل أن نرمي الدواعش، لنلتفت لأنفسنا كي لا نكون من غير داعشيي الفكرة لكن من داعشيي المنهج.